اليوم تبدأ أكبادنا أولى خطواتها على طريق المعرفة، تحفها قلوبنا بالدعوات لها بالتوفيق والنجاح لكي تخوض غمار الحياة بعد أن ترتوي عقولها بالمعرفة والعلم فتكون قادرة على فهم الحياة وماذا يدور فيها. والسؤال:
ما هو دورنا إزاء هؤلاء الصغار، كيف نساعدهم على اجتياز سنتهم الدراسية بتفوق، وما هو دور الآباء في نجاح هؤلاء الأبناء؟
والاجابة عن السؤال الأخير هو المحزن: فبعض الآباء - بكل فجيعة - انصرفوا عن أمور أبنائهم إلى معالجة أمور الدنيا؛ فأصبحت الأسهم هي أبناءهم، وأصبحت الأراضي هي بناتهم.. وتركوا فلذات أكبادهم في مهبّ الريح ملقين بتبعة دراستهم وحتى تربيتهم على المدرسة، وما درى هؤلاء أن المدرسة تبقى جدواها مشلولة إذا لم يكن الآباء معها، يساندونها في رسالتها ويسهمون في تربية نشئهم ونشئها.
إنني لا أنسى موقفاً أشرت إليه ذات مرة، ولا يزال الموقف عالقاً في جوانحي؛ لأنه يحمل فيضاً من الحزن في نفسي، فقد ذهبت مرة لزيارة صديق باعدت بيني وبينه الأيام والأهداف؛ حيث اشتغل هو في أمور التجارة، في الوقت الذي انصرفت فيه أنا إلى شأن آخر.. وعندما جئت لصاحبي فتح لي الباب ابنه وأصر عليَّ بالدخول فلم أردّ دعوته، وبعد قليل سألته: متى يأتي أبوك؟ فأجاب: لا أدري لأنه مشغول بعمله التجاري، وبعد لحظات جاء إليَّ ابنه يحمل أحد كتبه الدراسية يطلب مساعدتي، وسألته بلطف كي لا أجرح مشاعره: لماذا أراك مرتبكاً؟ قال: إن لديّ امتحانا غداً في مادة (القواعد) وهناك مسائل لا أعرفها وأبي في مكتبه، ولن يأتي - بكل أسف - إلا بعدما أنام، وأخذت كتابه وظللت أفهمه ما غمض عليه، وخرجت وأنا كلي أسى أردّد في نفسي: أيها الآباء هل هان عليكم أبناؤكم فكأن حطام الدنيا أغلى منهم؟!
وبعد:
إنني أدعو الآباء - والعام الدراسي في بدايته - إلى شيء من الاهتمام بفلذات أكبادهم. إن لكم أن تجدّوا في طلب الرزق وما تشاءون من الدنيا، ولكن عليكم ألا تهملوا الأمانة التي بين أيديكم؛ لكيلا يخرج أبناؤكم تعساء محرومين من الحنان والرعاية السليمة.
**
المرأة لكيلا تغيب
رسالتها الكبرى
مشاركة المرأة في مسيرة العطاء والعمل أمر مسلّم به، لكن الذي نتوق إليه ألا تصل المرأة المسلمة إلى ما وصلت إليه بعض النساء في الغرب من إنهاء دوريها الأسري والتربوي في حياتها عندما تحققت مساواتها للرجل.. بل أخذت من حقها لحقوقه، وقد ندم بعضهن، وبدأن ينادين بالعودة إلى بيوتهن وأطفالهن.إن رسالة المرأة الأولى في بيتها أولاً (شاطئ أمنها وعطائها الأهم) حتى ولو ضحت بمشاركتها خارج عشها عندما يوجد من يقوم بدورها، سواء من الرجال أو النساء؛ وذلك من أجل هذا الهدف النبيل. إنها ماذا تكسب عندما تبني نجاحها العملي على أنقاض بيتها؟ إن كثيراً من النساء الشهيرات في الغرب والشرق اللاتي وصلن إلى درجة عالية من الشهرة اعترفن بأن السعادة الحقة والاستقرار الحقيقي للمرأة يكمن بين جدران بيتها، وحماية رجل واحد يقف بجانبها، وحنان أبناء يغمرون حياتها بالدفء والسعادة.
إن العالمة الكيميائية الإنجليزية (سوزان جون) قالت بعد تربعها على عرش النجاح: (سأترك معملي فوراً لأجد الرجل؛ فالعلم لم يعطني الاستقرار الذي أبحث عنه).
عفواً..
إنني أرجو ألا يُفهم من حديثي هذا عكس ما أريده!
فأنا لست ضدّ عمل المرأة، لكن ضدّ تغييب رسالتها الكبرى وضد أن تبني نجاحها في عملها على حساب بيتها وأسرتها وتقصيرها في حق تربية أبنائها والقيام بواجبها نحوهم.
**
آخر الجداول
قال المتنبي:
(ولو كان النساء كمن فقدنا
لفضّلت النساءُ على الرجالِ
وما التأنيث لاسم الشمس عيب
ولا التذكير فخر للهلال) |
ف: 014766464 |