هذا اليوم (السبت) يمثل الذكرى الثالثة للحادي عشر من سبتمبر والتي شكلت أحداثها منعطفاً محورياً في تاريخ العالم.
وقد نسأل.. ماذا غيرت هذه الأحداث من أوضاع العالم، وخاصة العرب والمسلمين في شتى أنحاء المعمورة؟!
إن أول ما يلفت النظر إلى هذه الأحداث، ليس ما تغير فينا، العرب والمسلمين، ولكن ما تغير في العالم تجاهنا، نحن العرب والمسلمين.. ولهذا فإن صفحة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر لم ولن تكون شبيهة أو قريبة من الصفحة التي سبقت الحادي عشر من سبتمبر.. وهذه حقيقة نعرفها، ونعيشها، ونتوقعها دائماً ضمن تداعيات هذه الأحداث.
ونطرح سؤالاً.. عن ماذا سيكتبه التاريخ القادم عن هذه الذكرى التي ألمت وتألمت منها شعوب ومجتمعات العالم.
لقد هيأت هذه الأحداث الفرصة إلى أفراد وجماعات كان تتربص بالإسلام والمسلمين والعرب وقضيتهم الفلسطينية.. وهيأت هذه الفرصة مناخاً عاماً دولياً أفرز حصاراً فكرياً، وضغطاً نفسياً، وعداوة عسكرية، وحملات إعلامية ضد المسلمين والعرب، ويأتي السعوديون في مقدمة من اكتوى بهذه النار، واصطلى بلهيبها.
ونسأل.. بعد مرور ثلاثة أعوام على هذه الأحداث، كم سنحتاج من الوقت لنمتص هذه الصدمة التي واجهها العالم العربي والإسلامي؟.. هل نحتاج إلى سنوات أم عقود، لنتجاوز هذه الحقبة التي خلفتها لنا تداعيات الحادي عشر من سبتمبر..؟
وعلى الرغم من التداعيات الخطيرة التي واجهها عالمنا العربي والإسلامي، إلا أننا لم نخطُ أي خطوة واثبة لمواجهة هذا الوضع وهذا التحدي الكبير الذي نواجهه يوماً بعد يوم، وبشكل متنامٍ في أكثر الأحوال وأغلب الأصعدة.
وفي ظني أن أي مجتمع أو قومية لو واجهت أحداثاً مشابهة للأحداث التي واجهناها بفعل الحادي عشر من سبتمبر، أو أقل من مستوى هذه الأحداث بعشر مرات، لكانت قد عملت، ونشطت، وتصدت لتداعيات هذه الأحداث.. ولكن عالمنا العربي والإسلامي لا يزال يتلقى الصدمات تلو الصدمات دون أن يتوثب إلى بناء مواقف، وصناعة اتجاهات، ومواجهة التحديات من جراء ارتباطه بهذه الأحداث.
وبمناسبة ذكرى الحادي عشر من سبتمبر والتي تصادف هذا اليوم السبت، فإنه ينبغي علينا - عرباً ومسلمين وسعوديين - أن نتحرك سريعاً وبثقة عالية جداً لمواجهة هذه الأحداث على كافة المستويات:
* المواجهة الكبرى التي خلفتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر للعرب والمسلمين تجسدت في أساسها على شكل تحديات فكرية.. وهذه التحديات برزت من الطرفين، المسلمون طرف أول والغرب كطرفٍ ثانٍ.. وقد تأسست أحداث تفجيرات نيويورك وواشنطن على أساس فكري مضلل، وانبنى على هذا الأساس من الطرف الآخر فكر آخر مضلل.. ولهذا دخل العالم العربي والإسلامي هذه المعركة على أساس متطرف من الجانبين.. وما ينبغي أن يعمل عليه العالم العربي والإسلامي الذي وقع ضحية هذا التلاطم بين أمواج التطرف، هو تنقية الفكر الإسلامي والغربي من هذه السلوكيات المتطرفة.. وهذا يحتاج إلى جهود مشتركة على مستوى المفكرين والمثقفين في العالم أجمع، لمواجهة هذا الخطر الكبير، الذي ربما يتشكل ليصبح فكراً مقولباً جامداً يصعب تحريكه مع مرور السنوات والعقود.
* تنظيم مؤتمرات علمية على مستوى العالم العربي والإسلامي، وعلى مستوى الأوطان لدراسة الظواهر المختلفة التي أفرزتها تبعات الحادي عشر من سبتمبر.. وعلى كافة الأصعدة.. السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، النفسية، الفكرية، الإعلامية، وغيرها.. وتغيب حتى الآن دراسات عميقة في مثل هذه المجالات.
* على الرغم من التحديات التي واجهتها الدول العربية والإسلامية من جراء هذه الأحداث، إلا أن المواجهة كانت بطرق فردية ودون أن تتشكل قوى تصدٍ جماعية تنتظم فيها كافة المجتمعات العربية والإسلامية.. فعلى سبيل المثال، اجتهدت المملكة لمواجهة الحملات الدعائية ضدها، واجتهدت مصر وباكستان، وإيران، والسودان، وتركيا.. وغيرها من الدول في مواجهات أو طرق مواجهة فردية من قبل دول أو مؤسسات تلك المجتمعات.. ومن المؤكد أن التداعيات الكبرى لهذه الأحداث تحتاج إلى تضافر قوى ومؤسسات ودول لتشارك في بناء صفوف وجدران وقواعد تكون بمستوى هذه التحديات التي نواجهها.
وأخيراً، ينبغي التأكيد هنا إلى أن هذه الجهود المقترحة على مستوى العالم العربي والإسلامي لا تفهم على أنها ذات صبغة عدائية ضد الآخر، فليس هذا هو الهدف، ولكن المهم والأساسي هو أن تعمل هذه الجهود للدفاع عن حقوق ومقدرات وفكر وثوابت العالمين العربي والإسلامي، وحقوق ومكتسبات الجاليات العربية والإسلامية في المجتمعات الغربية بشكل خاص.
(*) رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية
للإعلام والاتصال - أستاذ الإعلام المشارك
بجامعة الملك سعود
|