Saturday 11th September,200411671العددالسبت 26 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

المنشود المنشود
يا كد مالك خلف!!
رقية الهويريني

أكتب إليك هذه الرسالة بعد ما ضاقت بي - ومن معي من المتخرجين - الأرض بما رحبت.. أقسم بالله وأنا أكتب إليك هذه الرسالة أنني أرى الدنيا سوداء والمستقبل مظلماً.. ولا أدري ماذا أكتب فأنا أنام وأقوم على هم وحزنٍ وغم! انتهيت وانتهى مستقبلي بالفشل وغيري من زملائي كثير.لم أكمل دراستي في الجامعة لظروف قاهرة حصلت لي.. بعدها قرأت إعلاناً عن افتتاح معهد للغات في أكاديمية معروفة لتأهيل كوادر لتدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية. وبرسوم قدرها خمسة وعشرون ألف ريال، بواقع 6250 ريالاً في الفصل الواحد.. فرحت فرحاً شديداً وتسابقت أنا وزملائي للتسجيل.. بعضنا استدان والبعض - وأنا منهم - كتبنا شيكات آجلة لتسديد الرسوم! وكنت أحلم بزواج وأسرة مثل باقي الناس.. هذا الحلم الذي صار سراباً!!وما زاد في إقبالنا على التسجيل والالتحاق بالأكاديمية كونها تحت مظلة وإشراف جامعة الإمام محمد بن سعود مقابل مبلغ مادي، وهي جامعة معروفة، ومعترف بها. وكنا خلال التسجيل والدراسة نسمع الوعود من المسؤولين في الأكاديمية بتأهيلنا للتدريس وأن المعهد معتمد من وزارة التربية والتعليم ووزارة الخدمة المدنية بحكم إشراف الجامعة على الدبلوم!! وهذا يجعل الوظيفة مضمونة، لكن حصل ما لم يكن بالحسبان!! بعد التخرج فوجئنا بوزارة التربية والتعليم تتعاقد من الخارج لتدريس اللغة الإنجليزية للمرحلة الابتدائية وبراتب 3500 ريال. بالله عليكم من أحق بهذا الراتب الأجنبي أم ابن الوطن؟ من الذي سوف يخلص ويحافظ على هذا البلد؟ ألسنا مؤهلين للتدريس؟ أليست الجامعة مشرفة علينا والأكاديمية وعدت باعتماد الدبلوم من وزارة التربية والتعليم؟
أقسم بالله وأنا أكتب هذا الكلام أن الدموع تنساب من عيني! ماذا نعمل؟ وأين نذهب؟ وما فائدة دراستنا وصرفنا الأموال؟ أليس لنا الحق أن نعمل ونعيش مثل غيرنا؟ ألسنا أبناء الوطن وأكباده مثلما تقولين؟؟! استدانة أموال وكتابة شيكات على أمل التسديد من الوظيفة..
وبعد هذه الديون لا توجد وظائف! ويأتي أجنبي ينافسنا عليها! ونحن أحق منه بالوظيفة وأكثر إخلاصاً بالعمل. وإذا لم يكن هناك وظيفة بعدما سعى الشباب بكل الوسائل لكي يحصل عليها فلا تلوموه إذا انحرف!! وأرجو أن تتصوروا.. ديون وفراغ وظلم و..و.. ماذا يعمل الشاب في ظل هذه الظروف وأنتم تحكمون؟؟!
نحن أبناؤكم.. ارحمونا ولا تتركوننا للعواصف من الأفكار (الهدامة والمتطرفة) والمذاهب الفاسدة. فضلاً عن الفراغ والظلم والديون وحسبنا الله ونعم الوكيل! وأرجو منك نقل معاناتنا نحن أبناء هذا الوطن فهذه أمانة أحملك إياها. فهل تستجيبين؟
أخوك عبدالله العبدالعزيز وزملاؤه. انتهى..
وأنا بدوري أستجيب لرفع الشكوى للمسؤول عن استغلال حاجة هؤلاء الشباب للحصول على مؤهل يمكنهم من خلاله إيجاد عمل، ولعل لي الحق في التساؤل: هل تخضع هذه المعاهد والأكاديميات لإشراف أجهزة الدولة المعنية، أم أن المسألة لا تعدو عن الحصول على ترخيص دون اطلاع - الجهة المسؤولة عن منح ذلك الترخيص - على أهداف الأكاديميات والمعاهد التي أصبحت تبيع السمك في الماء وتمارس الخداع في ظل سكوت القطاعات المعنية عنها!! وكان حرياً بهم وضع ضوابط واضحة وصريحة لشروط القبول في هذه الأكاديميات حيث الملاحظ أن أكبر أهدافها هو تحصيل الرسوم من الملتحقين وغض الطرف عن مستواهم ونسبة النجاح التي حصلوا عليها في الثانوية، فضلاً عن ضعف مستوى تحصيل الطلبة لدى هذه المعاهد بسبب الاقتصار على تدريس بعض المناهج، والاكتفاء بساعات قليلة، وهذا بحد ذاته يعتبر غير كافٍ لرفع كفاءة الطلبة، مما يجعل هناك صعوبة في إمكانية قبولهم في الوظائف العامة أو الخاصة.
وحقيقة، قد يكون الشباب مخطئاً في اندفاعه بيد أن تبني جامعة مشهورة لمثل هذه البرامج يجعل المطالبة ملحة بمراقبة الإعلانات التي تغري الشباب المتعطش للوظيفة. ووزارة التربية والتعليم حين ترفض توظيف الخريجين تحت شعار البحث عن الكفاءة فإن بإمكانها - رفعاً للحرج - إخضاع الخريجين لاختبار في الكفاءات المطلوبة واختيار الأفضل، وكم من خريج يحمل الدبلوم أفضل من بعض خريجي الجامعات أو المنتسبين الذين لا يعرفون الكتب إلا أوقات الامتحانات، وما ينبئك مثل خبير، وإن كانت الوزارة تنظر لاعتبارات السن لدى خريجي الأكاديمية فكان الأولى بها مراعاة هذه الناحية قبل إصدارها الوعود!! غير أن لجوءها للتعاقد مع معلمين (للمرحلة الابتدائية) من الخارج في ظل ظروف البطالة التي يعيشها الوطن يثير حفيظة الشباب، وما فتئ العقلاء ينقبون عن نقاط التواصل بين الشباب والمجتمع والوطن، تارة بالحوار وتارات بتلمس الاحتياجات، وحين تحجم مؤسسات الدولة عن احتواء هؤلاء الشباب فستساهم في تصدع بناء الأمة، وتساعد في خرق النسيج الذي نرّقعه بالمطالبة بالانتماء لهذا الوطن الحبيب الذي عرفناه كريماً في عطائه جواداً في سخائه، ولنعد - إذاً - لفتح قنوات لتوظيف الشباب في القطاع الحكومي والخاص، وليكن ذلك من الأولويات التي لا تقبل التنظير أو التبرير!! فقد آن الأوان لجعل سواعد الوطن تعمل، ولا بد من تجديد الثقة بها ومنحها الأمان المطلوب.ولتكفكف دموعك يا عبدالله، فلئن أغلق البشر باباً للرزق فسيفتح الله لك أبواباً، ولتجعل إيمانك بربك قوياً واتكالك عليه وطيداً، ولا يقعدك الندب - يا أخي أنت وزملاءك الكرام - عن البحث والسعي في مناكب الأرض. فقد اشترط الله السعي طريقاً للرزق.هيّا - يا عبدالله - فقد أطلت الجلوس والبكاء على الأطلال، والقعود عن الأعمال، فلا تستمرئ مضغ الآمال وقد قيل: (مَنْ طال عتُبهُ على الدنيا تعب)!

ص.ب 260564 الرياض 11342


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved