أجرى اللقاء - خالد الدوس
عاش الزميل محمد الجحلان حوالي ثلث قرن في العمل الصحفي وبالتحديد (33) سنة منها (25) سنة كنائب رئيس تحرير بجريدة الرياض قدم خلالها من العطاء الإعلامي والصحفي سواء على مستوى الكتابة أو على صعيد التحليل السياسي. وتولى خلال تلك الفترة مسؤولية تغطية العديد من الجوانب في جريدة الرياض وتحديداً المناسبات الوطنية والأحداث الدولية وبرزت موهبة الجحلان بشكل أكبر في أثناء حرب تحرير الكويت حيث تولى تغطية الحرب. وأنفردت الرياض في تلك الأثناء بصفحات عديدة وانفردت بأكثر من عمل صحفي كان خلفها الزميل محمد الجحلان نتيجة للمتابعة والحس الصحفي. وكان الجحلان في بداياته الصحفية مشرفاً على القسم الرياضي بجريدة الرياض وجعل منها صفحات رياضية متميزة من حيث التحليل والنقد كما تعرض للكثير من المناوشات الصحفية كشف خلالها العديد من الحقائق وفي تلك الفترة بنى علاقة حميمة مع الأمير عبدالرحمن بن سعود رحمه الله رئيس نادي النصر وأبرز شخصياته الرياضية.
كانت البداية صراعاً محموماً وتلاشى بعد عام واحد.
ورغم كثرة الخلافات بين الأمير عبدالرحمن بن سعود والعديد من الصحفيين إلا ان العلاقة بين الجحلان والرمز النصراوي كانت متميزة امتدت لأكثر من (30) عاماً. وفي هذا الحوار يسرد لنا الجحلان الكثير من الخفايا والحقائق والعلاقات التي كانت بين الطرفين.. فتعالوا نقلب أوراق هذه الحقائق والأحداث التاريخية مع ضيفنا ..
البداية قبل 34 عاماً
* علاقتي بفقيد الرياضة الأمير عبدالرحمن بن سعود - رحمه الله - بدأت في أوائل عقد التسعينات الهجرية.. أتذكر عندما كنت طالبا في المرحلة المتوسطة كان هناك لاعب في نادي النصر اسمه صالح العبدالقادر.. هذا اللاعب كان دوليا في لعبة التنس الطاولة وكانت تربطني به علاقة قوية، المهم اصطحبني معه ذات يوم لنادي النصر وكان مقره آنذاك في شارع الخزان وأتذكر عندما دخلت النادي أصبت برهبة وزادت الرهبة أكثر انه أثناء ما كنت أتدرب في لعبة التنس جاء الأمير عبدالرحمن بن سعود ومعه الأمير منصور بن سعود وشاهدا التمرين بعدها همس أبو خالد في أذن زميلي صالح العبدالقادر وطلب منه تسجيلي في النادي. وبالفعل طلب مني (صالح) إحضار التابعية في الغد للذهاب لمكتب رعاية الشباب لتسجيلي، طبعاً لم أكن أبلغ السن القانوني الذي على ضوئه احصل على التابعية لأن عمري آنذاك صغير وكان عندي شهادة ميلاد.. جلست أفكر أسجل أولاً، أروح أو لا أروح المهم تواعدنا في مكان وذلك في صباح الغد وأتذكر عندما جئت في نفس الموعد وجدت سيارة أبي خالد وبداخلها صالح العبدالقادر فهربت وتركت النادي بعدما اخلفت الموعد..!!
رفضت النصر!!
* كان لاعب النصر صالح العبدالقادر حريصاً جداً على ضمي وتسجيلي بنادي النصر بإيعاز من رئيسه الراحل الأمير عبدالرحمن بن سعود وأذكر بعد ستة أشهر من اختفائي عن النادي قابلني (فجأة) في أحد المراكز الصيفية بالمتوسطة الثالثة بشارع الوزير وكنت العب تنس طاولة مع أحد الزملاء اسمه عبدالرحمن المحيا وكان لاعباً بارزاً في هذه الرياضة، المهم تفاجأت بدخول (صالح) المدرسة وأخذ يطلب مني الموافقة على التسجيل في النصر ورفضت معللاً بأن والدي كان يرفض فكرة دخولي أي نادٍ..!
ابن سعيد نقلني للهلال!
* أتذكر بعد نهاية مباراة الهلال مع الشباب في الدوري لكرة القدم طبعا بحكم هلاليتي ذهبت للنادي وكعادة مشجعي النادي بعد الفوز وكان مقره آنذاك في حي الظهيرة وعندما دخلت النادي شاهدت طاولة التنس والمضارب وأخذت اللعب مع أحد الزملاء في سني، المهم أن الشيخ عبدالرحمن بن سعيد (رئيس النادي آنذاك) شاهد مستوانا وكانت اللعبة معدومة فنيا وطلب تسجيلي بالهلال مع بعض زملائي فحاولنا الاعتذار.. إلا أن أبا مساعد نجح في إقناعنا عندما تحدث معنا عن الموضوع في سيارته مؤكداً إذا لم نقتنع سيقوم إيصال كل واحد لمنزله.. وأتذكر بعد انضمامي للهلال نجحنا في انتشال اللعبة ونقلناها للقمة حيث كسبنا عدداً من البطولات المحلية واذكر أيضاً أن أبا مساعد نجح في ضم أبرز لاعب وهو فيصل العطية (وهو الآن لواء).
3 رغبات!!
* كانت لي ثلاث رغبات.. رغبة حب لعبة التنس الطاولة ورغبة الدراسة ورغبة الصحافة، فأثناء ما كنت ألعب تنس الطاولة بدأت في الكتابة الصحفية كمندوب لجريدة الرياض عام 1392هـ وأتذكر كنت اكتب أخباراً رياضية واسلمها للحارس ويقوم بإيصالها للتحرير وتنشر، المهم أتذكر ان الاستاذ تركي السديري اعجب بكتاباتي وطلب من حارس الجريدة إذا جئت لتسليم الاخبار له يخبرني بأن تركي السديري يريدني شخصياً وبالفعل قابلته ذات يوم وطلب مني العمل كمندوب اغطي مباريات درجتي الاشبال والشباب واخبار الأندية.. فأصبحت اجمع ما بين لعبة التنس الطاولة بنادي الهلال وأمارس العمل كمحرر بجريدة الرياض.
وأتذكر ان شخصية رياضية (..؟!!) اعترضت وقدمت شكوى للأمير فيصل بن فهد بعدم السماح لي بأن أجمع ما بين المهنة الإعلامية والانتساب لنادي الهلال كلاعب!! واستدعيت إزاء ذلك من شخصية في رعاية الشباب وطلب مني ان اختار العمل الصحفي أو مواصلة اللعب بنادي الهلال فاخترت بالطبع المهنة الصحفية لأن رغبتي مواصلة الدراسة وتطوير قدراتي المهنية.. واذكر ان المسؤول بالنادي آنذاك الأستاذ عثمان القرعاوي طلبت منه شطب اسمي من كشوفات الهلال حتى لا أقع في إحراج لأنني اوعدت تلك الشخصية بمكتب رعاية الشباب بترك اللعبة وبالفعل قدر الموقف ثم شطب اسمي من ثاني يوم قابلته.
تدربت مع النصر
وسجلت في الهلال
* عندما علم الأمير عبدالرحمن بن سعود بتسجيلي في نادي الهلال تضايق كثيراً لأنه كان يتمنى انضمامي للنصر طبعاً بعد تسجيلي بالهلال كنت اقوم مع صالح العبدالقادر بزيارة نادي النصر بطلب منه وأتذكر انني فوجئت ذات يوم بوجود أبي خالد وقابلته داخل النادي وحقيقة أصبت بإحراج شديد لا اذكر موقفاً ان احرجت فيه (تخيل والكلام على لسان الضيف)، بدأت في مزاولة اللعبة في نادي النصر وسجلت بالهلال وجئت للنصر اتمرن فيه، هذي متناقضات!! واذكر ان أبا خالد جاء وتحدث معي وقال لي: أتمنى ان تسجل في النصر وانت شاب تجمع بين المهنة الصحفية والدراسة وانا أتمنى انه يكون في النادي مجموعة على هذا المستوى).. لكن اعتبر النادي ناديك سواء جئت مع الأخ صالح او جئت لوحدك! ابواب النادي مفتوحة لك.. طبعاً كان رد فعلي ان هذا الرجل كبر في نظري بأن يظهر بهذه المثالية وأنا انتمي لنادٍ منافس!!!
علاقة متوترة!
* تربطني بالفقيد مواقف وذكريات فحينما تفرغت للعمل الصحفي كمشرف على الصفحة الرياضية بجريدة الرياض تحولت العلاقة مع أبي خالد إلى علاقة متوترة جداً على أساس أنا لاعب هلالي (سابق) وهو مسؤول في نادٍ منافس وتصعدت بشكل كبير جداً لدرجة اذكر موقفاً طريفاً في مباراة جمعت النصر مع فريق اليمامة (الرياض حالياً) كانت مباراة مهمة جداً للنصر في الدوري عام 93 - 1394هـ المهم كتبت تحليلاً قبل المباراة ودائما يكتب تحليل قبل المباراة ويكتب وصف بعد المباراة، كتبت وبشكل واقعي ذكرت فيه جوانب القوة في النصر وجوانب القوة في الضيف واستعرضت خطط الفريقين ومسارهما في الدوري وذكرت في نهاية التحليل.. اني أتوقع فوز النصر بنسبة 80% وبالفعل نجح النصراويون في كسب المباراة بهدفين واذكر قبل نهاية المباراة بـ10 دقائق فوجئت بالجمهور النصراوي يردد وبصوت جهوري: (موت.. موت يا جحلان)!! وأخذ يردد هذه العبارة، هذا الموقف مع الجمهور النصراوي كان امتداداً لترسبات سابقة من حدة التوتر بين علاقتي مع الرئيس النصراوي.
المنيعي أطفأ خلافي مع الرئيس!!
* استمرت علاقتي مع الرمز النصراوي متوترة سنة أو تزيد وأتذكر ان الأستاذ عبدالله المنيعي المصمم الحقيقي للبرامج الرياضية بوزارة المعارف تدخل في محاولة لتقريب وجهات النظر بيننا واذكر انه جاءني في المكتب وقال ليست من المصلحة ان يكون بينك وبين رئيس نادٍ مشهور وبارز جفوة فما رأيك أن أقوم بدور الوساطة لإعادة المياه لمجاريها. فطلبت من المنيعي ان يأخذ رأي أبي خالد عن أسباب هذه الجفوة وفعلاً التقيت بأبي خالد بوجود المنيعي في مكتب سموه في شارع الستين وكان فيه عتاب وحوار وكان ابو خالد في منتهى الرقة والتواضع وفي منتهى الحوار العقلاني. اذكر انه قال في البداية: (أنا لا أحب أن أخسر أحداً، أنا أحب أن أكسب الناس بل العكس أنا أدور الناس علشان اكسبهم فأنت (والكلام على لسان الفقيد) بدأت الجفوة. فبادرته قائلاً: أنا لم أبدأها وأتمنى يا سمو الأمير انك تعود للتحرير الرياضي منذ اشرافي على الصفحة حتى الآن ومستقبلاً إذا شاهدت حرفاً واحداً يسيء لنادي النصر فلك عليَّ ما تريد، لكن لي انا نقطة واحدة مساري في التحرير الرياضي لن أغيره نهائياً هذا الشيء الذي ساير عليه بالجريدة ولن يتغير طبعاً الرجل، اخذ عني انطباعاً جيداً ساهم في تحول العلاقة للأفضل.
كسبت أبا خالد!!
* من الأشياء التي ساهمت في تعزيز روابط العلاقة مع الفقيد أتذكر قبل بداية المباراة النهائية التي جمعت فريق الوحدة بالنصر في ملعب الصبان على كأس ولي العهد التي انتهت لصالح النصر 2- 1 شنت الصحافة (....) على النصر حملة عنيفة وبشكل غير عادي في محاولة لإضعاف عزم لاعبيه وايضاً بعد المباراة واصلت الصحافة حملتها وانا بدوري تصديت لهذه الحملة دون ايعاز من أحد من النصراويين حتى اسكتها.
هذه البادرة زادت من اعجاب ابي خالد وعززت علاقتي معه واذكر انه اتصل عليَّ ذات يوم وهو يشكرني ويثمن هذا العمل واذكر انه قلت له: طال عمرك اذا ذكرت لك في الاجتماع مع المنيعي اني لست عدواً للنصر انا صحفي رياضي احترم مهنتي فما قرأته في الصحف التي شنتها الصحافة ضد النصر وهذا امر لا يليق لا من حيث المستوى الرياضي والاخلاق الرياضية ولا من حيث مستوى النصر الذي فاز بجدارة فكان ابو خالد سعيداً جدا بهذا الحديث الذي جسد البداية الحقيقية لعلاقة مميزة مع رمز النصر..
الخطة التاريخية أسقطت الأهلي
* قبل المباراة النهائية التي جمعت النصر بفريق الأهلي في نهائي كأس الملك لموسم اتصلت على الأمير الراحل عبدالرحمن بن سعود طالباً أخذ رأيه عن المباراة.. طبعاً الأهلي في تلك السنة كان قمة وكان يسمى قلعة الكؤوس لما يضم في صفوفه من نجوم وأسماء لامعة أمثال أحمد عيد وعبدالرزاق أبو داود وساعد زرق وميمي أبو داود، المهم هاتفته وطلبت تعليقه على المباراة وتوقعه وقال: دعني اكون معك صريحاً، الأهلي فريق قوي وأفضل منَّا في خطوطه الثلاثة وانا لو كنت خارج نادي النصر وقيل من يفوز اقول الأهلي 100%.. قلت له (وش) الاسلوب الذي تلعب به وتكسب به قال اتفقت انا والمدرب على خطة لكن هذا الكلام ارجو ان يكون سراً بيني وبينك.. الأهلي يلعب بطريقة هجومية عنيفة منذ البداية ونحن خططنا بأن نلعب 5 مدافعين و3 وسط ونقفل المنطقة بالكامل وإذا مر الشوط الأول بدون أهداف راح يهز مستوى الأهلي وبالتالي سيشكل ضغطاً نفسياً بالتأكيد سيؤثر على أدائهم، بالفعل لعب النصر بذكاء أمام عمالقة الأهلي الذين استنفدوا لياقتهم مع مرور الوقت في الشوط الثاني واندفعوا وفجأة قلب النصر خطته فلعب بطريقة 4-3-3 ونجح اللاعب الناشئ سعد السدحان وقبل نهاية المباراة من استغلال كرة عرضية وسددها بعنف محرزاً هدف النصر التاريخي في شباك العملاق أحمد عيد كسب به الكأس الغالية بذكاء من رئيسه الفذ الذي استغل خبرته الرياضية في تحويل اللقب لفارس نجد بعدما كان الأهلي مرشحاً قوياً لانتزاعه.
* بالطبع ساهمت الطريقة الرائعة التي رسمها رمز النصر في تحقيق العديد من البطولات الغراء، ففي لقاء الأهلي وضع أبو خالد الخطة في أثناء جلوسه مع الاحتياط كان ينهض من مكانه ويرسل اشارات ذات مدلولات فنية بأصابعه ويتفاعل مع اللاعبين داخل أرض الملعب وشاهدت ارهاق الأهلي في آخر المباراة ففي الخطة التي وضعها أبو خالد بالفعل أرهقت الأهلاويين كثيراً وتغير النصر كثيراً كما كان هو مدرباً وانا واثق ان الأمير عبدالرحمن بن سعود كخبير رياضي يعرف نفسيات اللاعبين ويدرس الخصم بصورة تجعله يتفوق حتى على المدربين الذين أشرفوا على الفريق فنياً.
الأهلي بنى جسر
علاقته مع الرئيس
* عندما أحرز النصر لقب كأس الملك عام 1394هـ كتبت بعض الصحف وأخذت تشيد بالأداء الأهلاوي وتجاهل البطل الذي فاز باللقب بجدارة حتى ان بعض الصحف أفردت عناوين اذكر منها الأهلي يلعب.. والنصر يكسب وهذا ما أثارني فكتبت 3 حلقات عبارة عن 3 صفحات كانت عن النصر واسلوبه الذكي في كسب المباراة أما الحلقة الرابعة فتعرضت فيها للصحف التي تجاهلت الانجاز النصراوي الذي تم من رئيسه الفذ عبدالرحمن بن سعود وذكرت في ثنايا الطرح ان الأهلي فريق سعودي والنصر فريق سعودي، النصر كسب والأهلي خسر لكن هذا لا يعني ان نتغافل الفريق الكاسب ولا يعني ان نتغافل الاسلوب الناجح والفاعل إلى لعبة النصر، كان اسلوباً ذكياً واسلوباً جيداً، طبعاً ابو خالد كان سعيداً جداً لتلك الحلقات التي نشرت مما زادت علاقتي معه إلى صداقة حميمة وعميقة جداً جداً لأنني الوحيد الذي وقف ضد هذه الحملة وأتذكر جيداً عندما قام النصر بجولة بعد فوزه بالكأس إلى بعض البلدان العربية اختارني ابو خالد لأكون ضمن البعثة وكنت الصحفي الوحيد المرافق للفريق النصراوي في هذه الجولة.
اكتشف أبرز مدافع نصراوي!
* جانب آخر ينم عن حسه الرياضي ويؤكد انه لمّاح بشكل أكثر من (3) مدربين واذكر لك مثالاً على قدرته الفائقة في اكتشاف المواهب كان فيه لاعب بنادي الهلال اسمه محمد الهديان يلعب وسطاً كان طويلاً ورشيقاً وفجأة نسقه الهلال بحكم انه ثقيل وفي اليوم الذي نسقه الهلال ذهب ابو خالد وسجله في النصر وثبته في قلب الدفاع واصبح من المدافعين البارزين خلال فترة من 3 إلى 4 سنوات على مستوى المنطقة. هذا حس رياضي فلاعب منسق يتبناه ويحوله من الوسط إلى الدفاع ويبرز سريعاَ وبشكل كبير جداً.
عشقه للنصر!
* حب أبي خالد للنصر وعشقه يتجلى في كثير من المواقف والتضحيات الجسيمة فمن تلك التضحيات انه كان لا ينام ليلة المباراة واللاعبون يباتون في النادي وأتذكر أنه كان يفرش سجاداً بجوار البوابة الرئيسية للنادي ابان مقر في شارع الخزان وكان يجمع الإداريين ولا ينام خوفاً من أي ازعاج وكان يجلس ليتعشى مع اللاعبين ويتغدى معهم حتى عندما ينتقل اللاعبون للمعلب بالباص كان لا يركب في سيارته الخاصة بل كان يركب مع اللاعبين بالباص ذهاباً واياباً في صورة تجسد تواضع هذا الرجل وبساطته في كل شيء.
صفقة عالمية
* عندما تولى الراحل شؤون المنتخبات عسكر المنتخب الأول في ألمانيا في النصف الثاني من عقد التسعينيات، فوجئت بعد وصول المنتخب بأسبوع بأن الأمير ممدوح بن سعود يزورني في المكتب وهو يبتسم وقال: الأمير عبدالرحمن بن سعود طلب مني نقل خبر تعاقده مع المدرب والاسطورة المجرية بوشكاش وريال لتدريب المنتخب لك لتعطيه وهذا خبر صاعقة طبعا بحكم العلاقة، خصني أبو خالد بانفراد الخبر وعند نشر خبر التعاقد مع هذين المدربين كانت له ردود فعل قوية وانهالت الاتصالات على الصحيفة.. وكانت بالفعل صفقة عالمية!! دخلت الملاعب السعودية بعد السودانيين والمصريين.
باع مؤسسته من أجل النصر
* تحمل الفقيد النادي من الصفر ماديا لدرجة انه اغلق مؤسسته الخاصة اسمها (الرمال الذهبية) كانت تغدق اموالاً غير عادية وكان يأخذ الدخل الخاص بالمؤسسة ويصرفها على النادي حتى افلست المؤسسة تماما وعندما افلست تخلى أعضاء الشرف عن دعم النادي وحاول بكل الوسائل دون فائدة سلم النادي لأعضائه وقدم استقالته عام 1395هـ طبعا النادي كان يحتاج لرجل خبرة، رجل ذكي، رجل يستطيع ان يتحمل حجم الارهاق والمعاناة ولم يجدوا سوى رئيسه الفذ الذي ركض خلف النصر وضحى من أجل النصر حتى أوصل النصر
********
أنا أول من استكتب أبو خالد..!
* لما توثقت علاقتي مع الفقيد في الحقبة التسعينية وبشكل متعمق ابتكرت زاوية اسمها «في الهدف» عبارة عن زاوية تكتب بشكل يومي كنت اكتب فيها انا يوماً وزميلي محمد الوعيل يوماً واستمررنا لمدة اسبوع وطلبت من أبي خالد الكتابة معنا في الزاوية وكان صريحاً وغير متكابر. رفض في البداية حتى لا تؤخذ عليه فاقترحت عليه طرح سؤال ويجيب ونطرحها باسمه في الزاوية وبالفعل سألته عن الفترة الانتقالية للاعبين وأجاب على شكل مقال ونشرت المقالة وانبسط واصبح ازاء ذلك يستمر معنا لمدة سنة حتى عندما كان يسافر كان يكتب حلقات على أساس ما ينقطع ويعملها لي وتنشر في وقتها وكنت أول من استكتب الأمير عبدالرحمن بن سعود الذي اشتهر بصراحته ودقته في تناول المواضيع حتى انه كان يتأثر حتى من الخطأ المطبعي لأنه انسان دقيق ومنظم.
**********
ضحى «بالدنيني وعثمان بخيت» من أجل النظام!
* من الجوانب التي تكشف لنا قوة شخصية الرئيس الراحل وإعداده النفسي الذي اشتهر به أتذكر مباراة النصر مع شقيقه فريق الهلال كان الفريق بحاجة للفوز حتى يقلص الفارق النقطي بينه وبين منافسه الهلال ولأهمية المباراة رفض كل من المهاجم الكبير احمد الدنيني - رحمه الله - ومدافعه الصلب عثمان بخيت اتفقا بعدم اللعب حتى يتحقق مطالبهما طبعا هذا الثنائي كان يشكل بنسبة 40% من قوة الفريق الأخضر المهم اجتمعت الإدارة مع الأمير عبدالرحمن بن سعود وطلب بعض الأعضاء تحقيق مطالبهما لأهمية المباراة فرفض نهائياً وطردهم من المعسكر فقام - رحمه الله - بوضع الخطة لأن المدرب كان متأثراً بغياب هذين النجمين وجمع بقية اللاعبين وقال حتى لو نخسر بـ10 أهداف، الدنيني وعثمان لن يلعبا وأنا مستعد اللعب بأشبال وأكسب الدوري لأني اعرف قدرات نادي النصر واعرف ان من يلبس شعار النصر قادر على تحقيق النصر والدنيني صحيح لاعب بارز وعثمان ايضاً بارز، عندي في النصر 20 لاعباً من البارزين وانا واثق انكم ستفوزون فشحن اللاعبين بشكل غير عادي.
* اذكر انه وضع خطة غريبة أمام الهلال فنقل ناصر الجوهر من الظهير الأيمن (مركز رأس الحربة ووضع ابا حيدر مكان عثمان بخيت (سنتر هاف) وابن صليح بالخلف واثمرت هذه الخطة بأن احرز ناصر الجوهر 3 أهداف أنهى بها اللقاء لصالح فريقه كانت ثمرة اكتشاف أبي خالد لقدرات الجوهر التهديفية.. فهذا الموقف يعطي دلالة على قوة شخصية أبي خالد وإعداده النفسي الجيد وقدراته على التعامل مع اللاعبين ومعرفة نفسياتهم!
********
ذكاء ( عبد الرحمن بن سعود) نقل العبدلي للنصر
* ثمة موقف آخر يدل على حسه الرياضي وحبه للنصر فعندما انتقل محمد سعد العبدلي من المنطقة الغربية إلى الوسطى ومعه ورقة تنازل من فريقه السابق () لتسجيله بنادي الهلال اخذه بعض اعضائه (بيت أحد الإداريين على أساس في صباح الغد يسجلونه رسمياً في مكتب رعاية الشباب.. عرف ابو خالد القصة وظل طوال الليل يبحث عن مكانه وعرف بطريقته الخاصة وعند خروج العبدلي من البيت لزيارة أحد اصدقائه نجح أبو خالد في تغيير مساره وتسجيله في النصر عن نقله بسيارته الخاصة في تلك الليلة إلى بيته وسأله عن المقابل الذي سيدفعه الهلاليون مقابل تسجيله وأجاب انهم وعدوه بدباب!!! فأعطاه 5 آلاف ريال وبات عنده في بيته وفي الصباح أخذ اللاعب إلى مكتب رعاية الشباب وسجله في كشوفات النصر وتذكر أن العبدلي تدرب 3 أيام فقط ولعب ضد الهلال في أول مباراة وسجل هدف الفوز للنصر.
*******
«الرمز »اكتشفني لاعباً «والسديري» تبناني صحفياً..!
* هناك رجال لا يمكن أن أنسى أفضالهم في حياتي سواء عندما كنت طالباً على الصعيد التعليمي أو خلال الفترة التي قضيتها في الملاعب وفي المجال الصحفي ايضاً فالأمير عبدالرحمن بن سعود أول شخصية تعرفت عليها في الملاعب وهو أول من اكتشفني كلاعب حينما تدربت بنادي النصر قبل تسجيلي بالهلال وفي الجانب المهني كان لرائد الصحافة الأول الأستاذ تركي السديري الفضل بعد الله في اكتشافي صحفيا وتبناني من الصفر حتى أصبحت نائبا لرئيس التحرير بجريدة الرياض وتعلمت منه كل ألوان الصحافة وفنونها وابجدياتها ولا يمكن أن أنسى فضله أيضاً الشيخ سليمان الفالح يعتبر معلمي الأول في اللغة العربية التي تخصصت بها في دراستي الجامعية.
|