Friday 10th September,200411670العددالجمعة 25 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

نقاط فوق الحروف نقاط فوق الحروف
المصالح والمفاسد
عبد الله بن معتوق الثقفي(*)

لكل عمل شرعي أو دنيوي أطره ونظمه التي تحكمه والتي تتطلب من منفذ هذا العمل التقيد بها لصالح هذا العمل، وإن هناك قاعدة شرعية مهمة يجدر بالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الفقه بها وتذكّرها بشكل دائم ومتواصل، وهي من أهم الأمور ومن أعظم الواجبات، فلقد بعث الله الرسل وأنزلت الكتب لهدف الأمر بكل ما فيه صلاح، والنهي عن كل ما فيه فساد وكل ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو صلاح أو فيه مصلحة.
وهذه القاعدة ترتبط بما جاء أمر الشارع به من حيث جلب المصالح وتحصيلها ودفع المفاسد وتقليلها، مما يتطلب معه من الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يعرف متى ينبغي الأمر فيأمر بالمعروف ومتى ينبغي النهي عن المنكر فينهى وألا يكون همه إزالة المنكر بغض النظر عن الأمور التي قد تحدث أو تترتب بعد ذلك؛ فقد يحصل من المفاسد أكثر من زوال ذلك المنكر المقصود وعلى ذلك ينبغي أن ننشد من الأمر والنهي حصول المصلحة كخلاصة نهائية للعمل.
ولا يفوتنا في هذا المقام التنبيه على نقطة وهي من أهم الأمور ألا وهي إخلاص النيَّة لله تعالى بحيث لا يشوب هذا العمل الرباني شائبة من إرادة النفس وحظوظها؛ لأن الإنسان قد يكون مبدأ أمره ونهيه الإخلاص ثم لا يلبث أن يتحول إلى الانتصار للنفس، كأن يأمر رجلاً بالصلاة فيشتم المأمور الآمر نفسه.
كما لا يفوتنا التأكيد على الأمر بالحكمة وقد أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس بالأسلوب الحسن ويقول سبحانه وتعالى:
{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، وقال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} أي ليكن دعاؤك للخلق إلى سبيل ربك المستقيم المشتمل على العلم النافع والعمل الصالح برفق ولين وحسن خطاب، ومن الحكمة البدء بالأهم فالمهم وبما يكون قبوله أتم. وإذا لم ينفع اللين واللطف ولم يجد الوعظ والتذكير والرأي الرشيد الحليم فإنه يصار إلى الغلظة والشدة والكلام الخشن؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له طرق ووسائل منها أن يكون باللين وبالحكمة ويقصد بذلك هداية الناس وإصلاح من زل عن الطريق وألا يقصد الآمر والناهي التعالي على الناس وإنما هداية الناس وإصلاحهم من خلال الطريق السليم والطريق الذي فيه التأليف بين الناس بأسلوب حسن يقبل منه ويوصله إلى المقصود بحسن ولين.
فالله أخبر عن الأمة المحمدية أنه خلقها وجعلها خير الناس وبيَّن سبب هذه الخيرية بقوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}، فإذا تم الإيمان للعبد واتصف بهذا الوصف وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد اتصف بالخيرية التي وصف الله بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأنها خير الناس وخير ممن قد سبقها من الأمم لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.

(*)رئيس مركز هيئة ينبع النخل


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved