العلاقات الأسرية والعائلية القائمة على التواد والتراحم والأخوة واحدة من الركائز الأساسية لاستقرار المجتمعات، وفي مجتمعاتنا العربية والإسلامية، تحظى الأسرة والعائلة الكبيرة بمكانة عزيزة في نفوسنا، فإليها ننتمي وبها نعرف، وتمتد أنسابنا وأحسابنا.
ووجود علاقات أو مصالح تجارية أو مالية تجمع بين أبناء الأسرة الواحدة، أو العائلة الواحدة في شركات عائلية تزيد من قوة هذه الأسرة أو العائلة وتمنحها مزيداً من أسباب التلاحم والتقارب والتواد القائم على الثقة ووحدة الهدف، لكن ذلك شريطة وضوح التعاملات وشفافيتها، ووجود الضوابط التي تحول دون أن يؤثر تعارض المصالح الذاتية لأفراد هذه الأسرة بالسلب على العلاقات بين الإخوة أو أبناء العمومةأو حتى عمومة العمومة.
فالوضوح والشفافية ووجود الضوابط التي تحمي الحقوق وتحدد المسؤوليات، تمنح مثل هذه الشركات العائلية فرصاً أكبر للنجاح والنمو، دون أدنى تهديد لعلاقات الأخوة أو صلات القربى، وفي واقعنا الكثير من الشركات العائلية التي تؤكد ذلك، بل وتقدم الدليل على أن مثل هذه الشركات دعامة من دعائم الاقتصاد الوطني، إلا أنه وفي المقابل نجد أن الثقة المفرطة بين أبناء بعض العائلات العريقة والمعروفة باتساع نشاطها التجاري والاستثماري، كانت سبباً في تمزيق الأواصر بين الإخوة والأشقاء، وتبادل الاتهامات على صفحات الجرائد كلٌ يدَّعي أنه صاحب حق، ويرمي أخاه أو ابن عمه بأبشع الاتهامات.
والثقة بين الأهل والأقارب أمر مطلوب، لكنها لا يجب أن تكون بديلاً عن وجود ضوابط تمنع العبث أو التجاوزات، وتحمي لكل ذي حق حقه، والشريعة الغراء، أوصت المسلمين إذا تداينوا بدين أن يكتبوه؛ للحفاظ على الحقوق والحفاظ بالتالي على علاقة الأخوة بين المسلمين ولا حرج أو ضير في هذا، بل الحرج والضرر كل الضرر أن تكون الخلافات بشأن هذه الأموال، أو الأصول التجارية، سبباً في الإساءة إلى أنفسنا وإلى أقرب الناس إلينا.
|