الإحساس شيء جميل وصفة حميدة وخصلة رفيعة وليس هناك شيء أجمل من الإحساس في وجود حياة الإنسان، فهو يجعل الانسان على مستوى رفيع وقدر كبير بين الناس لأنه يعتبر حاجزا بينه وبين ميوله التي تضر الآخرين: كما انه يجعل النفس دائما عزيزة مكرمة الجانب مرفوعة الشأن تخترق محبتها سويداء القلوب وتظهر رفعتها وقدرها عند الناس، فأي إنسان لا يملك الاحساس ولا يتصف به تجده في سيرة حياته متطفلا على غيره لأنه يقع في أشياء لا يحس بها ولا يقدر عواقبها، وبالتالي يصبح عالة على الغير لا سمعة طيبة ولا رفعة ولا معزة لأنه معدوم الاحساس ولأنه لم يحب للناس مثلما هو يحب لنفسه؛ لانه أطاع نفسه فيما تريد والنفس لا تطاع في اشباع رغبتها وشهوتها لأن اشباع الرغبة مضر للغير.
فالاحساس خصيم للنفس وهو الحارس الأمين على استقامتها والسلوك بها الى طريق العزة والمجد بعيدا عن التطفل والتسول وهو صانع قيمة الانسان ومكانته وهو المقياس الحقيقي الذي تقاس به الشخصية في تصرفاتها وسيرها في وجودها ومعاملتها مع الآخرين ومساعدة الغير والوقوف بجانب المنكوبين والمستنجدين وهو الجسر الذي يربط الخلق بعضهم بعض من ناحية تعاونهم وبناء حياتهم والصبر على مشاكل الحياة وبناء المجتمعات الإنسانية.
والصبر والاحساس شيء واحد ولكن الصبر منبثق عن الاحساس والصبر مفتاح الفرج.. فهل نملك الاحساس ونتخذه قاعدة لنا في سيرنا وبناء حياتنا.. وأعتقد أن ذلك واجب على كل إنسان بأن يحس بما له وبما عليه وأن يحس بما حوله، فمن هذا كله يستطيع الانسان ان يبني حياته وان يكون عضواً نافعا في مجتمعه مفيداً لأمته ووطنه.
| 
"زمان الجزيرة"