في عزلته الاختيارية، وفي الهزيع الأخير من الليل, يحلق طويلاً، يسافر بعيداً إلى مدن لم يعرفها من قبل، يسمع موسيقى، يغني، يقرأ، يكتب، وأحياناً يبكي.
وفي الغد قد يروي بعضا من أحلام يقظته وأمنياته المائية لطيور تجيد التحليق بعيداً. في ليال كثيرة كان يحلم:
1 - الملياردير:
قال: أتمنى أن اكون مليارديراً
قالت زوجته وهي تبتسم قليلاً:
- الحال مستورة ياوضاح.
قال وهو يحدق في النخيل البعيد:
- حتى أسدد ديون مصر العروبة. حتى تستغني عن المعونة الأمريكية.
2 - الراعي:
قال له. وكأنه يحدث نفسه:
- أحلم بأن أعيش مع بعض الشويهات في سهول بكر، لم تدسها قدم بشر، وأسكن في كوخ أو خيمة بالقرب من مغارة مالك بن الريب.
3 - الفلاح:
قالت له:
- ليس بمستغرب عليك
واضافت:
- عندئذ تكون مزارعاً بالوراثة.
قال:
- سأحرث أرض الحقيقة بالحب، واغرس برتقال الجسارة الأبيض، ونشرب من ماء الصدق العذب، ونستظل بنخيل يموت واقفاً.
4 - طبيب جراح:
قالت:
- وماذا بعد؟
قال:
حتى استأصل غرغرينا النفاق والتحولات وكل عضو متعفن في الجسد.. وكل الأمراض التي في الطريق.
5 - الرسام:
كان يقول لنفسه:
- حتى أستطيع أن أرسم شيلا ردمان وهي ترقص كحورية على أنغام موسيقى شايكوفسكي في بحيرة من القطن والثلج والبجع والخيبات.
6 - المعلم:
كان يحلم بأن يقول لطلابه العصافير:
- لا تصدقوا كل ماتسمعون. لا تصدقوا كل ماترونه في التلفاز فالحرب بين توم وجيري مصنوعة من سراب، والفأر لا يمكن أن يهزم القط.
|