Thursday 9th September,200411669العددالخميس 24 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "سماء النجوم"

في خاطري شيء في خاطري شيء

** يمرض الإنسان من الداخل إلى درجة الموت.. وقد يموت على غير مرض.. يموت دون أن يقام له مأتم؛ لأن حياته مجموعة من المآتم، حياته سلسلة من المصائب والمتاعب والمآسي.. وصلة متصلة من المنغصات والأوهام، فما أكثر ما تشهد أعماقه من عمليات الاغتيال. وما أشد ما تتعرض دخائله لمحاولات الانتحار، وما أعظم ما يرتفع أنينه، بفعل ذلك يظل حيياً تتحرك في أوصاله الحياة، وتستمر محاولته في خنق صراخه الداخلي، رغم يأسه المرير.. وتهدّمه المستمر، وتدهور مواقفه. إن أغرب ما في هذه الحياة.. أن يتجدّد شعور الإنسان بوجوده عبر هذا الاقتتال؛ لأنه دلالة كافية على صحوة ضميره.. وعلى واقعية تفكيره، بل على سلامة هذا الوجود وصحيته؛ لأن قيام الصراع ووقوع المحاورة بين الإنسان ونفسه.. بين أفعاله وأحاسيسه.. بين الفعل وردود الفعل تدلّ في مجموعها على أن موسم الأمطار ما زال يمدّ هذه الحياة بالرواء.. وأن الصفاء والنقاء يحول دون ضبابية الرؤية عندها.. غير أن ما يؤلم حقاً.. أن تكون هذه اليقظة محارباً كسولاً ينشط كلما شمّ رائحة الغنيمة.. وينسحب إلى المؤخرة بمجرد أن يقترب منه شبح الموت.. هذه اليقظة الموقوتة أو المشروطة هي نوع آخر من الحيوات المقفرة.. كأي قادم أراد أن يرتاح قليلاً إلى نبعة رقراقة.. ثم هو دنا، لكن لم يتبين منها سوى قطعة سراب خادعة.
ولعل أقل ما يمكن أن توصف به هذه النفوس الغريبة من البشر أنها تعاني من الزكام؛ فلم يعد مرضها.. احتداماً يجد الراحة ويحظى بالتجاوب، بين وقت وآخر، وإنما هو سيلان مستمر.. وصديد مقرف وتكفؤ مستمر ينفث الشرور والأحقاد ويبعث المطامع.. والحسد إلى الخدمات المدفونة.. إلى مستوى الإعراب الصامت، رغم كلّ المحاولات الزائفة لإبراز المحبة وصور الاحتفال بركبان القبيلة الشجعان في ساحة نظيفة تحترم فيها الكلمة الهادفة، ويقوم فيها الودّ مقام المرافع والقاضي والشاكي والشهود أيضاً؛ فلا تصبح هناك سوى قضية واحدة يحسن أن تسوى إذا ما توافر حسن النية.. وانطلقت العقول والنفوس والقلوب معاً في زفة فرحة.. إلى مستقبل الأعراس وليالي الصيد الهادئة.. في بحيرة المشاعر الحالمة.
آخر الكلام:
الذوق: عملة غير رابحة في هذه الأيام.
* * *
* والحب: أعظم ريجيم يتعاطاه الإنسان في هذه الحياة.
* * *
* والأمل: جرعة عقيمة للحصول على مبتغى ميؤوس منه في الحقيقة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved