Thursday 9th September,200411669العددالخميس 24 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاولــى"

قوات الاحتلال تقتل العراقيين مرتين في مقبرة وادي السلام قوات الاحتلال تقتل العراقيين مرتين في مقبرة وادي السلام
10 ملايين قبر تحت سرف الدبابات.. وألغام بين شواهد القبور

  * بغداد - د. حميد عبد الله:
هي أكبر مقبرة في العالم من غير منافس، حيث تضم حسب آخر إحصائيات أجريت في نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي أكثر من 10 ملايين قبر، وإذا ما أضفنا إلى هذا الرقم مئات الآلاف من الذين قضوا في الحروب والجوع والتصفيات ومن لحقهم ممن قضوا في الحرب الأخيرة التي شنت على العراق بكل تداعياتها وسكنوا تلك المقبرة فإن عدد القبور يصبح عصياً على الإحصاء.
جميع الشيعة في العراق من أبعد نقطة في الجنوب إلى حيث يسكن الأكراد الفيلية وهم من الشيعة في بعض مناطق الشمال.. الجميع ينقلون موتاهم إلى مقبرة وادي السلام ناهيك عن بعض الشيعة في أنحاء العالم الذين ينفقون مبالغ طائلة ويتحملون متاعب كثيرة من أجل إيصال جثامين موتاهم إلى مقبرة وادي السلام.
هذه المقبرة تعرضت للدمار مرتين مرة في عام 1991، حيث اكتسحت الآلة العسكرية للنظام العراقي السابق آلاف القبور وحوَّلتها إلى شوارع تسلكها السيارات لتتمكن من بسط سيطرتها على المقبرة التي تحولت إلى مخبأ لرجال الانتفاضة الشيعية، ثم لجأ نظام صدام إلى طريقة الدفن الجماعي لمن يلقى القبض عليهم من المنتفضين في النجف، حيث يتم حفر خنادق كبيرة ويوضع فيها عشرات الأشخاص ويهال التراب عليهم لتتحول تلك الحفر إلى قبور جماعية.
أما في المواجهات الأخيرة التي شهدتها مدينة النجف فقد تحولت مقبرة وادي السلام إلى ميدان حرب بين مقاتلي جيش المهدي والقوات الأمريكية وخلالها داست سرف الدبابات على مئات الآلاف من القبور حتى بلغت نسبة القبور المدمرة في المقبرة بحدود 40% وحوَّلتها إلى أرض مستوية يصعب على ذوي الراقدين فيها أن يهتدوا إليهم.
ولم يكن من السهل على زائري القبور الاهتداء إلى أي قبر يريدون زيارته من غير مصاحبة أحد الدفانين الذين هم خبراء المقابر وأدلاؤها و(مخاتيرها) إذا صح التعبير، لكن أحد الدفانين يقول إنه لم يعد بإمكانه أن يميِّز بين القبور بعد الدمار والخراب الذي حلَّ بالمقبرة، فصواريخ الطائرات الأمريكية المقاتلة حوَّلت بعض القبور إلى حفر كبيرة، فيما انتشرت أعداد كبيرة جداً من الألغام بين القبور.
أما الصبية والشحاذون الذين يوزعون الماء والأدعية على زائري القبور في المناسبات فقد استبدلوا مهنتهم خلال الحرب الأخيرة وامتهنوا إيصال الماء والغذاء إلى مقاتلي جيش المهدي، ثم أصبحت هذه المهنة محفوفة بالمخاطر فتركوها بحثاً عن مكسب آخر وهم ما زالوا يخافون الدخول إلى المقبرة خوفاً من انفجار لغم زُرع بين القبور. مقبرة وادي السلام فقدت السلام.. ومعه فقدت الآلاف من الذين سكنوها من الموتى، حيث زالت قبورهم ومسحت شواهد تلك القبور وتحوَّلت المقبرة إلى مأوى للكلاب والقطط الباحثة عن رزق لها بين أشلاء الموتى!!

طالع دوليات


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved