* تشاد- دارفور - مبارك الدجين:
دارفور.. إقليم يقع في أقصى الغرب والشمال الغربي للسودان وتصل مساحته إلى ما يقارب (200) ألف ميل مربع، وهو بهذا يمثِّل 1.5 مساحة السودان وهو أكبر من مساحة مصر وأكبر من فرنسا، ويُشكِّل إقليم دافور الحدود السياسية لدولة السودان مع ثلاث دول مجاورة هي ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى, وهو بهذا يُعتبر بوابة السودان من الجهة الغربية التي تفتح مباشرة مع هذه البلدان الثلاثة من دون أي عوائق أو موانع طبيعية، مما جعل التدفقات السكانية والقبلية مستمرة عبر القرون بصورة لا تبدو فيها فواصل ثقافية أو عرقية.
وبسبب النزاعات المتواصلة اضطر المتابعون وبدون مقدمات لمتابعة قضية إنسانية جديدة عنوانها (دارفور) في جمهورية السودان الشقيقة، كما تُحظى هذه القضية باهتمام عالمي نظراً لما يحتله موقع السودان من أهمية اقتصادية لدى الغرب والذي يتوسط كتلة جغرافية هامة بين القرن الأفريقي في شرقه وجنوبه الشرقي ومصر من الشمال والجزيرة العربية في الشرق.من خلال هذا التقرير نستعرض الأوضاع الإنسانية في شرق جمهورية تشاد الشقيقة باعتبارها مكاناً لحوالي 200 ألف لاجئ سوداني.. كذلك نتناول الأوضاع نفسها في إقليم دارفور وتوضيح حقيقة النزاع إضافة إلى التنويه بجهود المملكة في مناطق ولاية دارفور.
شرق جمهورية تشاد
نظراً لتدفق اللاجئين السودانيين إلى شرق تشاد فإن ثمة قلقاً يساور المنظمات الإنسانية والسلطات المحلية في جمهورية تشاد بشأن توطين هؤلاء اللاجئين في المخيمات وفي ظروف السكن الطبيعية في المنطقة.
ففي بعض المناطق شرقي تشاد فاق عدد اللاجئين عدد السكان الأصليين، الأمر الذي يثير القلق بشأن الاستهلاك الفعلي لموارد المنطقة واستنزافها المبكر خصوصاً وأن تلك الموارد مثل الماء وقطعان الماشية والحطب كانت تعد موارد نادرة.
وانطلاقاً من استجابة حكومة خادم الحرمين الشريفين لدعوة الحكومة التشادية جاءت زيارة جمعية الهلال الأحمر السعودي وعلى رأسهم رئيس الجمعية الدكتور عبد الرحمن السويلم وذلك للوقوف على الأوضاع الصحية هناك وخصوصاً في منطقة اللاجئين في (أبشي) من خلال حفر الآبار وبناء وتجهيز المراكز الصحية، كما تأتي زيارة الهلال الأحمر السعودي أيضاً في ظل المساعدات من قِبل الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
حقيقة النزاع في دارفور
كانت دارفور في السابق وإلى اليوم لا تعرف استقراراً فالتوزيع البشري للمنطقة يدور بين مهنتين وحرفتين أساسيتين (الزراعة والرعي) مما يولِّد بعض الاحتكاكات الطبيعية التي قد تحدث في أي مجموعات إنسانية شبيهة بهذا التنوع البشري، فكثيراً ما تهجم المواشي والأبقار على مزارع المزارعين - بقصد أو بغير قصد - ومن هنا تحدث النزاعات، أو تحدث لأي اسباب اخرى تتعلق بالاحتكاك المعيشي بين المجموعات السكانية المختلفة وزادت الصراعات بسبب الجفاف الذي اجتاح المنطقة منتصف الثمانينيات الميلادية مما اضطر الرعاة إلى الزحف نحو الأراضي الغنية بالغطاء النباتي بما في ذلك المزارع لينفجر النزاع بصورة أقوى..
ففي بداية السبعينيات حدثت سلسلة نزاعات في معظم الإقليم بين قبائل (المعاليا) و(الرزيقات) و(الرزيقات) و(المسيرية) وفي بداية الثمانينيات حدثت النزاعات بين (الزغاوة) و(الفور) وغير ذلك من النزاعات التي استمرت سنوات عديدة وبعضها انتهت بمؤتمر صلح على يد الرئيس السوداني آنذاك.
الأوضاع في دارفور
الكثيرون لا يتجرأون على الابتعاد عن قراهم أو مخيماتهم بأكثر من بضع مئات الأمتار مما يجعل التزود بالطعام والماء صعباً للغاية وزراعة الأرض شبه مستحيلة في بعض الأنحاء.
ونتيجة لتلك الأوضاع تتضاعف الاحتياجات وتبقى الأولويات الأساسية للناس - بعد الأمن - تأمين الطعام والمأوى والرعاية الصحية.
ويواجه اليأس الكثير من النازحين حين يحاولون إعادة الاتصال بأقربائهم أو بأفراد من نفس منطقتهم فروا من القتال متوجهين نحو مناطق أخرى.. فوسط مثل هذه الحالة من النزوح الجماعي يتساءل الناس بقلق عن مستقبلهم.
وتشهد كافة الجماعات تدمير صلاتها بالأرض والعائلة وكذلك نمط حياتها الخاص.. بعض المزارعين لا يستطيعون زراعة أراضيهم أو حصد محصولهم بسبب الأوضاع الأمنية والبدو الرّحل يتوقفون عن التجارة بسبب القتال الذي يشل تحركاتهم في مناطق عديدة أو يعوقها إلى حد بعيد.
تواصل المساعدات السعودية
قام رئيس جمعية الهلال الأحمر السعودي الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السويلم خلال زيارة لإقليم دارفور بجولة تفقدية في عدد من المواقع التي شملتها برامج المساعدات السعودية في شمال ولاية دارفور بجمهورية السودان الشقيقة.
واستهل الدكتور السويلم الجولة بزيارة المراكز الصحية السعودية في معسكرات أبوشوك وزمزم ومركز الزهراء بمدينة الفاشر حيث اطلع على سير العمل فيها، وحثَّ رئيس جمعية الهلال الأحمر السعودي الفرق الطبية على بذل المزيد من الجهد في سبيل مساعدة المحتاجين والتخفيف من معاناتهم، كما تفقد قسم الطوارئ بمستشفى الفاشر بعد أن أكمل الفريق الإغاثي السعودي تجهيز وترميم المبنى وتزويده بالأدوية والمعدات الطبية، كما شارك رئيس جمعية الهلال الأحمر السعودي خلال زيارته لمركز الزهراء بمدينة الفاشر في تدشين الحملة التمشيطية لشلل الأطفال.
وعلى مستوى الجهود الإغاثية فقد تفقَّد الدكتور السويلم مستودع جمعية الهلال الأحمر السعودي في مدينة الفاشر حيث اطلع على اقسام المستودع وآلية التخزين، وفيما يخص برامج التأهيل زار السويلم مدرسة الفاشر الثانوية للبنات التي تخضع حالياً لعملية ترميم بالكامل في إطار برنامج تأهيل المدارس أحد نشاطات جمعية الهلال الأحمر السعودي في الإقليم، كما شارك رئيس جمعية الهلال الأحمر السعودي في تشغيل مضخة تأهيل مياه الفاشر التي تزوِّد المدينة بالمياه العذبة عبر شبكات التمديد.وعلى نفس الصعيد أسهمت المساعدات السعودية الصحية للمتضررين في شمال ولاية إقليم دارفور في توفير خدمة طبية وعلاجية مميزة للمتضررين باشرتها فرق طبية سعودية مدعَّمة بالمستلزمات والتجهيزات الطبية اللازمة وذلك ضمن مساعي المملكة لإغاثة المحتاجين في الإقليم.
نوعية الأمراض
تنسق السلطات الصحية مع المنظمات الإنسانية تحت إدارة منظمة الصحة العالمية من أجل مكافحة التهابات الكبد التي تفشت في مخيمات يقع معظمها غربي دارفور وقد أصابت حتى الآن أكثر من (1000) شخص.ويقول الدكتور عبد الله الحديب المدير الطبي للبعثة السعودية في إقليم دارفور إن الأمراض متمثِّلة في التهابات الكبد والملاريا والنزلات المعوية والتهابات الجهاز التنفسي.ويضيف أن الخطة المرسومة هي افتتاح خمسة عشر مركزاً في الإقليم تتوزع في الفاشر شمال دارفور خمسة مراكز، وفي نيالا جنوب دارفور خمسة مراكز وفي الجنينة غرب دارفور خمسة مراكز أخرى.ويشير الدكتور الحديب إلى أن مخيم أبو شوك يُعد المركز الصحي الأكبر في الإقليم (الفاشر) حيث يستقبل يومياً ما يقارب (900) مريض ويحصلون فيه على العناية الطبية التي يحتاجونها.
الأهداف التنصيرية
يأتي حضور الأجانب إلى أرض السودان عن طريق المنظمات الكنسية التي ظاهرها الغوث والإعانة وباطنها التنصير وتفكيك وحدة السودان ووقف المد العربي الإسلامي، ثم إرسال الجيوش بحجة حفظ الأمن، حيث باتت المساعدات التي تُقدم من المنظمات الغربية قناعاً للأهداف التنصيرية.
ولعل ما يؤكد ذلك تواجد ما يقارب (60) فتاة هولندية في منطقة اللاجئين النازحين من السودان متوسط أعمارهن (25) عاماً، يقال إنهن جئن لتقديم المساعدة للمحتاجين، وهذا بلا شك يضع العديد من علامات الاستفهام حول وجودهن هناك.وفي جمهورية تشاد التقينا بمقيم أمريكي يقول إنه متطوع في المنطقة لمدة سنتين، وذلك لتدريس الأطفال اللغة الإنجليزية بالرغم من أن المنطقة تفتقر إلى البنية التحتية إضافة إلى الوضع الإنساني الخطير الذي تشهده المنطقة، هذا الأمريكي يضيف في حديثه لنا أن زوجته أيضاً تقوم بنفس العمل في منطقة أخرى في الجمهورية.. وإليكم الحكم؟؟.
|