Thursday 9th September,200411669العددالخميس 24 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

هل (بريماكوف) أغْير علينا من بعض كُتَّابنا؟ هل (بريماكوف) أغْير علينا من بعض كُتَّابنا؟
د. محمد بن سعود البشر

تعيش الولايات المتحدة الأمريكية ومعها العالم الغربي هذه الايام ذكرى أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وقد اعتاد الساسة وصناع القرار الاستراتيجي الحديث عن هذه الذكرى باستعراض ما خلفته من آثار على المجتمع الأمريكي والسياسة الدولية. أما المؤسسات الإعلامية ودور النشر فإنها تجند طاقاتها وإمكاناتها لتعزيز الحدث في ذاكرة العقل الجمعي الأمريكي، ولذلك نجد القنوات التليفزيونية، والملاحق الصحفية تتنافس في جذب الرأي العام لمادتها ومضامينها، أما دور النشر فإنها تضخ إلى السوق كمية هائلة من الكتب التي تنتظر شهر سبتمبر من كل عام لتدفع بالكتاب من المطبعة الى القارئ.
لكن شهر سبتمبر هذه السنة لن يكون كما كان في العامين السابقين لأنه يتزامن هذا العام مع موسم الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وهو ما سيكون ذريعة لنقد الإدارة الجمهورية في تعاملها مع الحدث وما ترتب عليه من آثار داخل الولايات المتحدة وخارجها. وسينشط الديموقراطيون، والجمهوريون المعارضون لسياسة الرئيس الذي ينتمي إلى حزبهم، والمعارضون، والمحايدون الذين تعنيهم مصلحة المواطن الأمريكي بالدرجة الأولى بغض النظر عن من يكون رئيس الولايات المتحدة القادم.
وحيث إن جوهر الخطابات السياسية والتغطية الإعلامية كان وسيكون موضوع (الحرب ضد الإرهاب) فإن المضامين السياسية والإعلامية ستعيد الهجوم مرة أخرى على المملكة وشعبها ومؤسساتها الدينية والتربوية والاجتماعية، كما حدث في العامين الماضيين. بل إننا نتوقع أن ينال المملكة هذا العام أكثر مما كان في العامين السالفين ليتمكن المغرضون من تصفية حساباتهم خدمة لأهدافهم الانتخابية ولترتفع أرصدتهم في سجل الرأي العام ومن ثم الظفر بصوت المواطن الأمريكي.
لا أود الاستطراد في تفاصيل هذا الموضوع فهذا شأن المجتمع الأمريكي وإدارته وشعبه وصناع القرار فيه، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنه لا أحد يستطيع أن يمنع الأصوات الناقدة - بموضوعية أو بتحيز وتطرف - ولا أن يضع حدا لحريات المؤسسات الإعلامية ودور النشر من الحديث فيما لا تحسن الحديث عنه، لكن الذي يعنينا هنا ونحن نتوقع تجدد الهجمة الإعلامية على مجتمعنا هو ما يمكن أن نفعله خدمة لوطننا وبياناً للحقيقة التي شوهتها الآلة الإعلامية.
والحديث هنا يتعلق بجانبين مهمين: الاول مرتبط بالجهود الرسمية في التعامل الدبلوماسي والإعلامي مع تبعات الحدث ونحسب أن وزارة الخارجية ممثلة في دائرتها الإعلامية وسفارة المملكة في واشنطن تبذل جهوداً مشكورة نرجو ان تتواصل دون انقطاع وأن تبقى شعلتها مضيئة لا تخبو أو تنطفئ، ذلك أن الطريق إلى بيان الحق وكشف الشبه والمغالطات طويلة وشاقة.
وأما الجانب الآخر فإنه متعلق بالنشاط الشعبي الذي سيتعاطى مع الحدث أو تداعياته. والنشاط الشعبي هنا يعني (الجهد غير الرسمي الذي يضطلع به الكتاب والمثقفون السعوديون وينشر في وسائل إعلامنا المحلية أو العربية أو الأجنبية) وهنا ملحظ ينبغي التنبه إليه، بل هو نتيجة استقرائية لما نشر لبعض كتابنا في العامين السابقين. حيث عمد هذا البعض إلى الحديث عن تداعيات 11 سبتمبر - على المستوى الداخلي - الى التوافق مع ما نشر في وسائل الإعلام الغربية، فأصبحنا نواجه عدواً من الخارج وألماً يعتصر قلوبنا من الداخل، إذ توجه هذه البعض بسهامهم إلى مؤسساتنا السياسية والدينية والتربوية والاجتماعية وتحدثوا عنها بغير علم ولا هدى، وغرقوا من حيث يعلمون او لا يعلمون في أمواج الدعاية الإعلامية الغربية المضللة. بل كانوا أهم إنجازاتها المذهلة فخاضوا في الحديث عن مضامين هذه الدعاية عبر المنبر المحلي، أو القناة الاجنبية بطريقة تتقاطع مع الجهود التي تبذلها القيادة السياسية والمواطنون المخلصون في التقليل من آثار الحملة الإعلامية على ديننا وبلادنا.
وإن تعجب فعجب أن يكون الأجنبي أغْير علينا من بعض كتابنا، ففي خضم الحرب الفكرية تعالت أصوات هادئة عاقلة انصفت الإسلام والمملكة، بل وفندت الكثير من الشبهات عن ديننا ووطننا بياناً للحق، وابتغاء الموضوعية، لا يريدون من وراء ذلك جزاءً ولا شكوراً، يتقدم هؤلاء قادة كبار لهم وزنهم السياسي الاستراتيجي، قالوا الحق بياناً له، ولم يكونوا في حاجة لحجز مقاعدهم في (طابور الوجاهة الاجتماعية) .
(يفجيني بيرماكوف) .. شخصية سياسية روسية لامعة، تولى لمدة عامين رئاسة مجلس الاتحاد في السوفيت الأعلى للاتحاد السوفيتي السابق، ثم أصبح عضوا في مجلس الرئاسة ومجلس الأمن القومي في الاتحاد السوفيتي، ثم مديرا لجهاز المخابرات الخارجية حيث كانت ملفات الشرق والغرب تعرض يوميا بين يديه، ثم وزيراً للخارجية ثم رئيسا للوزراء في الحكومة الروسية، عندما تتحدث شخصية بمثل هذا التاريخ السياسي العريق عن (العالم بعد احداث 11 سبتمبر وغزو العراق) ويخص فصلين من كتابه هذا يدافع عن الإسلام والقرآن تتملكك الدهشة من إصرار هؤلاء على قول الحقيقية في إبانها ليكون أثرها أكبر ودائرة الاقتناع بها أشمل وأوسع، حتى وان كانوا لا ينتمون إلى بيئتها أو يعانون مرارة الظلم الذي لحق بها، ألا يكون مثل بريماكوف دافعاً لنا لنطرح التساؤل المقلق: لماذا يكون بريماكوف، أو نعوم تشومسكي أو غيرهما أغْير علينا بل أرحم بنا من بعض كتابنا؟!.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved