لسنوات خلت كنت أعتذر لمن يلومني من الأصحاب والزملاء لأنني لم ألق له بالاً حينما حيّاني في ممر الدائرة أو المؤسسة أو في السوق التجاري أو عند إشارة المرور بقولي إنني أحياناً أتمثل أفعال ذلكم الحيوان الشرس الذي لا يحب الالتفات ودوماً يصوب بصره للأمام فلا يعير الجوانب اهتماماً.. أما من الآن فإنه لا مجال للومي وعتابي فقد قطعت عيادة مجال النظر ومن بعدها الجلوكوما قول كل لائم، وسفهت أعذاري وادعائي الباطل وأثبتت بأني لست ذلكم الكاسر الجسور ولا أمت له بصلة، كما أنني لا علاقة لي لا بزرقاء اليمامة ولا بكحلها ولا بأي طائر يتفنن ويفاخر بحدة بصره.
فقبل أيام شعرت بإجهاد وضغط في العينين فتوجهت لتخصصي عيون الرياض العامر فهالني حسن الاستقبال ولباقة ولطف التعامل من البوابة حتى أعلى درجة من الأطباء ممن كان لي الحظ من رعايتهم، وهم أعلى من أن أثني عليهم ولكن نحن ضيوفهم تبدو منا تصرفات يمليها البؤبؤ المفتوح، والحدقة والقزحية والقرنية غير المتفاهمة مع بعضها قد تضعنا في مواقف حرجة لولا أن صبرهم وحلمهم فاق المأمول، ولن أروي لكم كيف كنت أتحدث مع ممرضة تضع القطرة في عيني على أنها رجل، أو حينما قمت لتحية عامل النظافة ظناً مني أنه البروفيسور الذي قيل لي أنه سيقابلك بعد دقائق، ولولا ذلكم الرجل الطيب من العلاقات العامة الذي رافقني بقية الفترة مشكوراً لكنت قد سجلت لكم مواقف لا تحمد، بل يلام عليها البؤبؤ شفاه الله.
|