حينما كانت أتصفح جريدتنا الغراء جذب انتباهي عنوان خُطَّ بالنبط العريض في زاوية من زوايا الجريدة، فإذا بعمود (نهارات أخرى) للكاتبة القديرة فاطمة العتيبي ترسل رسالة تحريرية إلى مَن يهمه الأمر من أهل البلد، وعنونتها ب(رسالة من امرأة قبل انتخابات المجالس البلدية).
لذا فأنا بدوري كأحد أبناء الوطن والغيورين على تماسكه وبنائه البنية الصالحة، وفي حين أن مذهب النسوية أصبح يكافح عنه أناس ويعقدون له المؤتمرات والندوات، ويمتطون من أجله صهوات المنظمات الدولية؛ لأنهم يعتقدون أن التقدم العلمي لا يتحقق إلا على أنقاض الفضيلة والإيمان، ولذا فإن المرأة في المملكة العربية السعودية جمعت بين تعاليم الإسلام وآداب الدين، واستوعبت كل مفيد منه، ومع ذلك حافظت على حشمتها ووقارها، ومع كل ذلك تُوفَّر لها الإمكانات بكل تنظيم؛ مما سهَّل لها الإبداع في كل المجالات التي تخصصت فيها بعيداً عن الاختلاط. ولذا فإن الوطن لا يصادر حقَّ أي مواطن، سواء كان رجلاً أو امرأة، ولا ينظر إلى المرأة نظرة تخلُّف؛ لأن منع المرأة أو الرجل من فعل أو قول شيء ما لا يعني مصادرةً لحقه، فقد يكون ذلك خيراً له وجلباً لحقوقه، فالسكوت هو مفتاح لكل مغلق.
ولقد أنشأ هذا الوطن المدارس والكليات للبنات؛ لكي تتعلم وتُعلِّم وتشارك في بناء المجتمع من خلال المجالات التي هي من صالحها الخوض فيها بعيداً عن الرجال. ولذا فإننا نقول للأخت فاطمة: نعم أنت امرأة من الشعب كغيري من أبناء الشعب، لكن الرجل فُرض عليه النفقة والكسوة للمرأة، وأنت استرعاكِ الله وجعلكِ طاهرةً مجابةَ الطلبات وكل ما تحتاجين إليه من خدمات، فالرجل ينفذ أوامرك فيما يرضي الله.
لذا فإن الدعوة إلى نزول المرأة في الميدان الذي يخص الرجال أمر خطير، ومن أعظم آثاره الاختلاط، وهو من أعظم الوسائل التي تفتك بالمجتمع. ومن المعلوم أن الله تبارك وتعالى جعل للمرأة تركيباً خاصاً يختلف تماماً عن تركيب الرجل وهيئتها؛ للقيام بالأعمال التي في داخل بيتها والأعمال التي بين بنات جنسها، ولذا فإن اقتحام المرأة لميدان الرجال الخاص بهم يعتبر إخراجاً لها عن تركيبتها وطبيعتها، وفي هذا جناية كبيرة على المرأة، والقضاء على معنوياتها، وتحطيم شخصيتها(1).
وعلى هذا فإنه لا بد من تحقُّق المؤهلات والمقومات التي لا بد للمرأة أن تنالها لكي تقوم بمهمتها الإصلاحية، وذلك في نشر الدعوة من خلال المجتمعات المدرسية أو الترفيهية أو غيرها.
ولذا فإن دورك في التنمية تنمية عقول أخواتك بالصد عنهم دعاة التغريب والاختلاط، ودورك في النهضة هو النهوض بالفتيات إلى قمم الصناعة في المشاغل النسائية التي تكتظ بالأجنبيات، ودورك في التطوير هو القيام بتطوير مواقع المرأة، وذلك سواء عن طريق الحاسب الآلي (الإنترنت) أو عن طريق تطوير أداء المؤسسات التعليمية التي تخص المرأة. ودَعِي عنكِ المشاقَّ لأهل المشاقِّ ومَن يتحمل المشاق، ودَعِي عنك التصويت على اختيار عضو أو كسب حملة إعلانية. ولا أقول إلا أن قادة هذه الدولة - حرسها الله تعالى - لا يهمشون أي حق من حقوق المرأة، وهم أشد الناس ميلاً إلى العدل، بل يجعلون الحق في نصابه؛ فالمرأة هي منتجة الرجال، والرجال هم الأقدر والأولى في تحمل المسئوليات.
سدَّد الله الخُطَا، وبارك في الجهود، والله من وراء القصد.
(1) من كتاب (خطر مشاركة المرأة الرجل في ميدان عمله) لفضيلة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
عبدالله عبدالرحمن بن سليمان العايد
القصيم - بريدة - جامعة القصيم
|