* القاهرة مكتب الجزيرة - أحمد سيد:
حذَّرت دراسة متخصصة من عدم تطوير الأسواق المالية العربية وتوحيدها في سوق مالي واحد. وأكَّدت الدراسة التي ناقشها المشاركون في ملتقى (تنظيم وإدارة بورصات الأوراق المالية العربية) الذي عقدته المنظمة العربية للتنمية الإدارية في الخامس من سبتمبر الحالي أنه رغم إطلاق آليات عربية للتعاون المشترك في مجال إنشاء بورصة عربية موحَّدة تتمتع بكل مزايا أسواق المال العالمية وتكون قادرة على جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال الوطنية والعربية والأجنبية، ورغم التأكيد على أهمية انفتاح الأسواق العربية إلا أن كل سوق لا تزال منغلقة على نفسها ولم تتمكن الشبكة التي أنشأها اتحاد البورصات العربية على شبكة الإنترنت وبلغت تكلفتها الإجمالية حوالي خمسة ملايين دولار أن تحقق الأهداف المأمولة منها بشكل مباشر وإفساح المجال للوسطاء بعرض طلبات البيع والشراء عبر الحدود المباشرة. وأشارت الدراسة التي أعدها الدكتور حسني حسن الخبير بالأمم المتحدة ونائب رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق إلى أن تطوير وتحديث هذه الأسواق سيساعد على التعبئة القصوى للطاقات الادخارية العربية، مما يخفف من آثار التقلبات في الفوائض البترولية الناجمة عن تذبذب أسعار البترول العالمية وما يترتب على ذلك من آثار سلبية على التنمية في الدول العربية.
وتعاني الأسواق المالية في الدول العربية الكثير من أوجه القصور ومن عدم توفر قنوات الاتصال فيما بينها، إضافة إلى محدودية التدفقات المالية على أسس تجارية بين الدول العربية، حيث تعاني الأسواق المالية في الدول العربية على اختلاف مستويات تطورها واتساعها من أوجه قصور عديدة من أهمها عدم تنوّع الأدوات الاستثمارية بما يتناسب مع احتياجات المتعاملين فيها وضيق أو انعدام الأسواق الثانوية لتداول الأوراق المالية مما يحد من سيولتها وإقبال المستثمرين على اقتنائها.. ناهيك عن تدني مستوى الوعي الاستثماري وقصور الجهود المبذولة لتطوير هذا الوعي مع ندرة المؤسسات التي تقوم بوظيفة الوساطة المالية وخاصة مصارف الاستثمار التي تضطلع بمهام ترويج وتسويق الإصدارات الجديدة.
وأوضحت الدراسة أن أسواق المال العربية تعاني من جمود التشريعات المحلية التي غالباً ما تحد من القدرة على تسجيل وتداول الأوراق المالية، إضافة إلى المرونة المتدنية في هيكل أسعار الفوائد وعدم وجود أجهزة فعَّالة للرقابة تضمن حداً أدنى من الإفصاح المالي وتوفر الحماية اللازمة لكسب ثقة المستثمرين.. منوهة إلى أنه كنتيجة لتلك العوامل لم تتوفر قنوات للاتصال فيما بين الأسواق العربية رغم الإمكانيات المتاحة في شكل فوائض في جانب الدول العربية المصدرة للنفط، والطلب المتزايد على التمويل الخارجي في جانب الدول العربية الأخرى.
ولتحقيق التكامل بين الأسواق المالية العربية، طالبت الدراسة بضرورة تطوير التشريعات بهدف تشجيع انسياب وتدفق رؤوس الأموال العربية والأجنبية داخل أسواق المال والاستثمار داخل الوطن العربي، وتطوير الهياكل المؤسسية للأسواق المالية خاصة في مجالات الوساطة المالية وصنَّاع السوق والتأجير التحويلي وأمناء الاكتتاب والاستثمار، وطرح أدوات مالية جديدة بشروط ومزايا مختلفة لجميع المواطنين العرب مع السماح بتداولها في مختلف أسواق المال العربية.
وضرورة وضع نظم ومعايير موحَّدة للإفصاح المالي داخل مختلف أسواق المال العربية، وتبني تطبيق بعض النظم الدولية في مجال التقييم والتصنيف بما يؤمن حقوق المستثمرين، وتكثيف الجهود المبذولة للربط ما بين الأسواق المالية العربية من خلال توحيد لوائح وإجراءات القيد والتسجيل والتداول، مع تفعيل مختلف المؤسسات التي شارك في إنشائها صندوق النقد العربي في مجال الإفصاح المالي ونشر المعلومات، وتفعيل دور الجهاز المصرفي في تمويل برامج ومشروعات التعاون والتكامل الاقتصادي العربي.. مؤكداً أن الحكومات العربية لها دور مهم في بناء وتأمين هذه المطالب من خلال سياسات رشيدة ترتكز على إرادة سياسية واعية تتواءم وتتفاعل مع التغيرات الدولية والإقليمية.
|