كثيرة هي هموم الجامعات السعودية الحكومية، ومن أبرزها كادر أعضاء هيئة التدريس الذي كثر الحديث عنه وأصبح محلاً للشائعات والتكهنات.. واللافت في الأمر أن من تحدث عنه أو كتب - في معظمهم - يتناوله من جانب ضيق وبرؤية بها شيء من القصور، ذلك أن النقاش يدور حول تحسين الوضع المعيشي لأساتذة الجامعات سواء من حيث الراتب أو المزايا التي يجب توفيرها لهم مثل العلاج والسكن الملائم وغيرهما.. وهذا الطرح يقيس التغير المطلوب بزيادة نسبية في الراتب على سبيل المثال.. ولاشك أن أية زيادة نسبية في الراتب أو اضافة مزية ستحسن الوضع المعيشي، لكن هل ستحل المشكلة التي تعاني منها الجامعات والمجتمع على حد سواء والمتمثلة في التسرب الصريح والضمني لأعضاء هيئة التدريس الى أعمال أخرى.
علاج المشكلة ينبغي أن ينطلق من رؤية شمولية واسعة لما يمكن أن يقدمه أساتذة الجامعات لجامعاتهم ومجتمعهم فيما لو تمكنا من إيجاد المناخ المناسب لهم ليتفرغوا كلية لأداء ما هو مأمول منهم.
وبعبارة أخرى، ما حجم الخسارة التي تخسرها الجامعات والمجتمع إذا لم نتمكن من تحييد الفرص المتاحة أمامهم لتحسين أوضاعهم المالية بما يتناسب وما يتوافرون عليه من امكانات وقدرات وخبرات علمية وعملية.
فالقضية ليست مجرد تحسين وضع لشريحة من الموظفين بل الأمر أبعد من ذلك بكثير، إذ يتعداه الى المحافظة على مكتسبات المجتمع واستثمارها أفضل استثمار.. ذلك أن الإشكالية هي كيفية وضع حد للهدر الذي يعاني منه المجتمع في هذا الجانب.. وبناء على ذلك تتم صياغة الحلول المناسبة.
ويكمن الحل في مراجعة شاملة لأوضاع هيئة التدريس في الجامعات وللبيئة المهيأة لهم حالياً والارتقاء بكل ذلك بالقدر الذي يسمح لهم بالانشغال بمهامهم والغاء الصوارف التي قد تصرفهم عن ذلك، وربما يتطلب ذلك زيادة في الراتب بمقدار 100% على سبيل المثال، فالمهم ليست النسبة وإنما تحقيق الهدف.
ويتأكد أخذ الأمر بجدية إذ لم يعد منصب الأستاذ الجامعي مغرياً لكثير من الخريجين الجادين الذين ينتخب منهم أعضاء هيئة التدريس المستقبليون.. وإلا فالنتيجة هي تدني مستوى الجامعات السعودية على المدى الطويل، إذ ستجد نفسها مجبرة على الرضا بمعايير أقل في اختيار من تؤهلهم ليكونوا أساتذة مستقبلاً.
ومن المناسب حتى يكون الحل أقرب للصواب الاطلاع على ما هو موجود في جامعات الدول النامية التي حققت قدراً من التقدم وجامعات الدول المتقدمة.
| 
"الاقتصادية"