عندما قرر المنصور بناء مدينة بغداد جعلها على شكل دائري في منتصف القرن الثاني للهجرة، وقبل البدء في البناء كتب إلى كل من له معرفة بفن البناء والهندسة. ويقال إن المنصور أمر أن تخط طرق المدينة بالرماد، ثم دخل من موضع كل باب وجاب رحابها، ثم أمر أن يوضع على تلك الخطوط حب القطن، وألقى عليه النفط وأشعله.. وبذلك رأى منظر المدينة قبل بنائها.
تلك هي المدينة الدائرية.. ربما حققت بغداد حلما راود الخليفة المنصور، فقد أصبحت موقعاً تجارياً هاماً رغم مرور القرون الطوال، أصبحت أهم مدينة في العراق!
مدينة دجلاها تتلألأ تحت خيوط الشمس ويغفو القمر على نسيمها.!
وها هي مدينة الخلفاء تسقط أجزاؤها الواحد تلو الآخر، وها هي بلاد الرافدين تُغتصب بتراثها ومجدها القديم.!
وما زال سيناريو الأحداث متواصلاً.. فشلال الدماء في فلسطين يتبعه في العراق.. والأمة كل يوم تتمزق أوصالها.!
فالأمور التي تجري هي رقعة شطرنج يحركها الأقوياء ويتلاعبون بها.. ويتبادر إلى ذهني سؤال محيّر: هل لليهود نصيب من الكعكعة؟
لقد رحلت العصور الذهبية، وضاع تاريخ أجدادنا وآبائنا، وهل مازال لدينا شيء من الإحساس حتى نقف على الأطلال ونندب حظاً تعساً؟!
إن الهموم العربية كبيرة لا تصفها أقلام أو عدسات تصوير.. والمسيطرون يفرضون علينا ثقافتهم ووجودهم.. إنها بلا منازع حرب عاتية تشن على الشعبين العراقي والفلسطيني معاً!
هذه الحرب التي تطهو على نار مستعرة، لم تستطع إحباط العزيمة الفلسطينية ولا العراقية.. والقضاء على جذوة المقاومة والجهاد.!
محاولات خرقاء يقوم بها الغاصبون لطمس حضارة شعب وتاريخ عريق!
ومازال يراودنا حلم عربي عريض حتى نعيد مجدنا التليد!
وها هي قصيدة شاعر يسكنه حب الوطن يشدو:
بلاد العرب أوطاني
من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمن
ومن مصر لتطوان |
ليتنا نغفو قليلا ثم نستيقظ فنجد هذا الكابوس الثقيل قد انزاح عنا، وكم نود تكون أضغاث أحلام مزعجة سرعان ما تزول وتمضي لحالها.. حتى ننعم بدفء الحرية ونكسر الحصار الذي قيدنا، ونحافظ على تراب وطننا، ونستميت من أجل أرض وشعب وتاريخ ومقدسات غالية على نفوسنا.!
مرفأ
تحية لكل هوية عربية تخضب دماءها بتراب الوطن.
|