منذ عهد البطولات التاريخية التي عاصرت ظهور الإسلام في الجزيرة العربية والفروسية دعامة فتاكة ووسيلة فعَّالة للحرب الخاطفة.. وكان شباب المسلمين يتسابقون على تعلُّم الفروسية إلى أن أضحت مفخرة الأجيال ومصدر عز الطامحين.. وقد حثَّ الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم على ركوبها حيث ورد ذلك ضمن دعوته للآباء بوجوب تعليم أبنائهم فنون الرماية والسباحة وركوب الخيل..
وقد شاهد المواطنون من حضر منهم المهرجان الكبير الذي شرَّفه جلالة الملك فيصل المعظم لافتتاح الحفل السنوي لسلاح الفرسان مساء أمس الاثنين قرب معسكرات الحرس الوطني بطريق خريص، كما شاهد الاحتفال الأغلب من المواطنين على شاشة التلفزيون.. وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز رئيس الحرس الوطني تقدَّم هذا السلاح واستعيدت به فنون الفروسية التي كادت أن تصبح ذكريات تاريخية يقرأ عنها الجيل بعد الجيل وكأنها قصص وأساطير.
فالخيل في أعقابها الخير وقد وصفها القرآن الكريم بأنها {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} فكم لها من هيبة مرجفة في نفوس الأعداء بالقدر الذي تبعثه من نشوة في نفوس الشجعان.. ولقد اتصفت الخيول العربية بالأصالة حتى إن رجال الغرب يعتمدون على أنواعها في دخول السباقات الدولية التي تُجرى عندهم ويمعنون في استقصاء معادن الخيول التي يقتنونها..
واليوم وقد استعادت مملكتنا الحديثة هذه الخبرة والمران على استعمالها في السلم فهي أيضاً وسيلة - لا شك - فعَّالة وقت الحرب ذلك أن المران على امتطائها الآن فيه بناء للأجسام وكمالها وإعداد للروح العسكرية الوثابة.. ومهما تقدمت وسائل الحرب تكنولوجياً إلا أن الخيول لا تزال يُعتمد عليها إلى الأبد في تطهير الجيوب من الأعداء في المناطق الجبلية والغابات والأحراش، فلقد استمتع الناس كثيراً بمشاهدة التدريبات الشيقة للجياد وألعاب فرسانها الرائعة على ظهورها مما يُعبِّر عن تغذية المهارات الفطرية العربية الأصيلة بأساليب غاية في الإبداع كما أظهرت قدرة الإنسان على تدريب الجياد على الحركات التي تقي الخيول وفرسانها تهديف الأعداء كما تصنع من أجسامها متاريس للرماة من ركابها، فهي وسيلة فعَّالة في الكر ومزبناً في الفر وساتراً في الصمود للحرب.
فحيا الله رجال الحرس وعلى رأسهم رئيسهم الشهم الذي بنى القدرات بروافد من البطولات النادرة لهذا السلاح القوي النامي كدرع لحماة الوطن.
صالح السالم |