تُمثِّل الاتجاهات السائدة لتحفيز التعامل بإيجابية مع المهارات والطاقات العقلية والعصبية الكامنة في الإنسان والتي يتم تبنيها في بعض المحاضرات والدورات القصيرة من خلال بعض المراكز الثقافية تمثِّل تطوراً نوعياً في مجال التدريب والتطوير البشري والتي تتم بالتحفيز المهاري ومحاولة استدعاء ما يكمن من مهارات وطاقات داخل الفرد، وفي اتجاه آخر بالقضاء على التراكمات السلبية تجاه موضوع، أو مسألة، أو اتجاه معين ليس له مبرر ويعاني منه الإنسان ويُلقي بظلاله على مفردات حياته خصوصاً ما يتعلق بالخوف أو الكسل والانطفاء الحركي والرتابة الحياتية اليومية، وليس هناك ما يستدعي التساؤل سوى هل الانسان يستطيع ان يجتر من داخل الآخر ما كان كامناً لمدة طويلة لدرجة ان البعض قد يحدث له تغيُّر جذري في حياته اليومية.. وهل المحاضرات الوقتية بالساعات القليلة يمكن أن تحدث هذا التحوُّل الكبير في البنية النفسية للشخص.. ثم هل الشخص الذي اكتشف هذه المهارات في نفسه من خلال الغير كان يغط في سبات من السلبية انتزعت منه بالقوة.
إن محاولة البشر انتزاع السلبية في التعامل مع المهارات والطاقات المكبوتة في أحيان والمنسية في أحايين تمثِّل تمدداً في محاولات التسويق لطرائق جديدة مقنعة للبعض وغير مقنعة للبعض الآخر، في فن التغذية المباشرة للعقل البشري بمهارات تطبيقية على الفرد نفسه يتم من خلالها استحداث طريقة أو منهجية في تطوير الشخصية ايجابياً لمساعدة الإنسان على النجاح في التعامل اليومي، ولا بد أن هناك محاذير ومحترزات لهذا الفن فهناك فرق أدق من الشعرة بين الحقيقة والإيهام في تفسير صفة او مهارة معينة وادعاء وجودها في داخل الإنسان.
إن التعامل بشكل مباشرة بالتأييد لمثل هذا الاتجاه والتعاون يحتاج لصياغة محددة تكون بمثابة دليل التحاور بين المدربين والملقنين والمستفيدين، بل ربما تحصل هذه الصيغة على محاور لبناء الشخصية من خلال استغلال المهارة في الشخص بصورة واضحة وملموسة دون الاتجاه بغاية التهويل والتكبير وإعطائها أكبر من الحجم الحقيقي لما هي عليه، ولعل النجاح لبعض المقدمين والقائمين على هذه المحاضرات والدورات يدعمه بداية الاعتراف المجتمعي بمثل هذا النوع من الدورات وما حققته من نجاح في بعض المستويات العقلية والذهنية لبعض العملاء لها ممن اكتسبوا مهارات لم يكونوا يتوقعون وجودها الامر الذي ينعكس إيجاباً على حياتهم، ولكن الأمر الأهم هو المدة التي يستغرقها هذا الإحساس بالنجاح والاستفادة من المهارة، والذي لا شك يخضع لعمليات معقَّدة وكميات هائلة من التحليلات الشخصية للأبعاد والبناءات الانفعالية والقدرة في إظهارها بصورة أنماط سلوكية يلمس فاعليتها ويحس بها المتلقي لمثل هذا التدريب، ولكن السؤال الذي لم يجب عليه القائمون بمثل هذه الدورات والمحاضرات هو: ما هو مستوى التعاطي الفعلي للمهارة الكامنة في داخل الفرد، ومدى الوقت المستهلك في نجاحها وكيف يمكن التعامل مع الهبوط التدريجي لفاعلية المهارة.
|