في كل يوم نقبل فيه إلى إيقاظ أبنائنا إلى المدرسة نعاني الأمرين من نتيجة ذلك، فتبرم وضيق وانزعاج يسود ذلك، وكأنك مقدم إلى عمل يطغى عليه المر والضيق والكره، أبناؤنا لماذا لا يحبون المدرسة؟!، ويتطايرون من الفرحة عند إقبال الإجازة عليهم، ويسود الملل قسمات وجوههم عند ذهابهم إلى المدرسة، على الرغم من تميزها بأمور تجعله في تلك المرحلة أكثر طلباً واشتياقاً إلى المدرسة من المنزل.
فهناك أصدقاؤه الذي يقضي معهم جل أوقاته، ويشعر بالسعادة تغمره معهم، من بين الأنشطة الطلابية المختلفة.
الوقت الطويل الذي يمكث فيه الطالب مع أستاذه وزملائه، وهو يعتبر أكثر من قضائه مع والديه وإخوته. وعلى الرغم من تلك الميزات نجد الطالب يدفعه أهله دفعاً للذهاب إلى المدرسة، وترى الفارق الكبير عند ذهابه إلى المدرسة وعند الخروج منها، وقد طار من الفرحة وعلت الابتسامة محياه، ألا يدفعنا ذلك إلى تساؤلات قد طرحت قديماً ولا زالت ولم نجد لها حلولاً فعلية، يمكن تطبيقها وإحداث نتائج ملموسة، وخاصة أننا على مشارف العام الدراسي الجديد. أيمكن أن تكون هناك عوامل قادت إلى تلك الكراهية التي تغلغلت في قلوب كثير من الطلاب، وأدت إلى نفرة غريبة قد يجهل الوالدان والأساتذة أبرز معالمها، لعل من الممكن أن أشير إلى بعض تلك الدوافع:
الجو المدرسي العام المشحون بالضغوطات التدريسية والواجبات المنزلية، مما تعكر مزاج الطالب وصفو استئناسه.
العلاقة بين المعلم والطالب وأطر التعامل بينهما، وطريقة سيرها، فإن كانت تسوء فهي تعزز من صدارة كراهية الطالب للمدرسة.
المعاملة الأسرية في المنزل، والتي ترسخ معاني الكراهية للمدرسة في قلب الابن، كأن تجعل الدراسة ذريعة للمكوث في المنزل، وغيرها من الطرائق التي تسلك هذا المنحى.
غياب مقومات الترغيب إلى المدرسة ودعائم محبتها في نفوس الطلاب، حيث أهمل كثير من المدرسين تعزيز تلك العوامل.
علاقة الطالب بزملائه فقد تسهم في رفع وتيرة الكراهية والمقت للمدرسة، وخاصة إن كانت علاقة يشوبها الاضطراب والنزاع. ومن هنا بدت المعاناة تتمثل كل يوم جديد تطل فيه المدرسة، مشرعة أبوابها بكل بشر، فيتم إيقاظ الأطفال وإيصالهم إلى مدارسهم قسراً دون رغبة من قبل الابن نفسه في التوجه إلى المدرسة، وخوض يومه فيها بكل تمن ورغبة. في الحقيقة كم أنتظر ذلك اليوم الذي أرى فيه تدافع الطلاب نحو المدرسة موازياً للتدافع الحاصل عند الخروج منها، كم أتمنى أن ألحظ الابتسامة تبرق من ثغور الطلاب في قدومهم إلى المدرسة، كلها أمانٍ أتمنى تحققها، ولعلي أشير إلى عدة عوامل تزرع محبة المدرسة في قلب الطالب:
عامل التحفيز والتشجيع، من قبل الوالدين والمعلم، وهو من أقوى الدوافع المساعدة لمحبة المدرسة، وخاصة أنه يسهم في نشوء هذه المحبة وتوطيدها في القلب.
التهيئة النفسية للطالب عند إلحاقه بالمدرسة، وكيف أغفل ثلة من الأسر هذا الجانب المهم، ولم يلتفتوا إليه ويزرعوا فيه الراحة والسرور للمدرسة.
الاستعداد الجيد لخوض اليوم الدراسي، من النوم المبكر والمذاكرة والتحضير، فهو عامل يزرع للشوق إلى المدرسة، وانتظار قدوم اليوم الجديد بلهفة وشوق.
الإشعار من قبل الوالدين بأهمية المدرسة والدراسة، وأنها دعامة المستقبل، وأنهم أمل مجتمعهم وموطنهم، فهي كلها عوامل مساعدة على زرع المحبة للمدرسة.
المشاركة في أنشطة المدرسة ومحافلها السنوية، فهي تثير الحماس لدى الطالب في المشاركة وتفعيل دوره، وإثراء المدرسة بنشاطاته وحيويته. وينبغي أن أشير في النهاية، أن المدرسة عامل رئيسي في التربية وهي مكمل أساسي للمنزل، فكون الطالب يمقت فكرة الحضور إليها، فإنها تعتبر معضلة حقيقية، لأنه قد يرفض كل المتلقيات التي توجهها المدرسة إليه، وهو أمر ليس بمستغرب، فهو يمقتها ولا يطيق التلقي منها، نحن نأمل في الحقيقة أن نرى الطلاب يقبلون إلى مدارسهم وقد علا الضياء والبسمة محياهم، فيكملوا طلة الصباح المشرق وبهاءه.
|