أعرف زميلاً يخفي هويته عند السفر .. مرة كنت معه في إيطاليا ، وعند سؤاله من قبل أحد رواد المقاهي عن جنسيته ، قال إنه مكسيكي.. تعجبت من تصرفه ، وقلت له معنفاً ، لماذا تنكر جنسيتك..؟!!
أجاب بهدوء لا أنكر جنسيتي ، ولكن لا أكشف عنها للطفيليين ، والانتهازيين الذين يتكسبون من سياح الغفلة..!!
طلبت المزيد من الإيضاح.. وخاصة عن علاقة سياح الغفلة بالكشف عن جنسيته..؟!! بنفس الهدوء ، أجاب هناك خيط رفيع جداً بين الطيبة و(الفزعة) عند السعوديين وبين الغفلة ، والنصابون يعرفون أن السعوديين أصحاب (فزعة) ولا يترددون في مساعدة الآخرين ، خاصة إذا كان طالب المساعدة سعودياً ، أو خليجياً في البلدان العربية ، أو عربياً ومسلما في البلدان الأجنبية.
لم أكمل حديثي بعد مع رفيفي في السفر حتى حضر شاب يظهر من هيئته بأنه عربي ، فسألَنا بلغة عربية وبلكنة شمال أفريقية ، هل الإخوان سعوديون ؟ .. سارع رفيفي بالإجابة نافياً ، ذاكراً اسم بلد عربي من الجزيرة العربية ، وهنا حاول السائل أن يبتعد ، طلبت منه المكوث وسألته ماذا يريد من السعوديين ؟، قال إنه تعرض للسرقة ، وأنه سعودي وأمه من شمال أفريقيا ، وان السبل قد تقطعت به وأنه يبحث عن مواطنيه السعوديين لمساعدته..!!
هنا تدخل رفيقي وأخذ يسأله عن اسمه وعائلته ، وكأن الشخص قد فطن الى أن الذي يسأله قد كشفه ، فحاول أن يستعمل أسلوب الهجوم ، مخاطبنا بأننا سعوديان ومع هذا لا يساعدانه ، عندها أصبح الوضع شبيهاً بالتحدي ، وعند عرضنا مساعدتنا له بأخذه إلى السفارة لإنهاء مشكلته تهرَّب ، وبعد الضغط اكتشفنا أنه كما ادعى فأمه من شمال أفريقيا وأباه كذلك ، ولا علاقة له بالسعودية ، إلا محاولته تقليد اللهجة التي لم يجدها..!!
في مصر ، وفي القاهرة بالتحديد لابد وأن رواد الملاهي قد شاهدوا شخصاً يرتدي الزي السعودي يعتلي المسرح ، ويؤدي بعض الأغاني السعودية الشعبية .. هذا المغني تُحْضره الملاهي لإغواء وإغراء رواد الملاهي (السكارى) ، ودفعهم الى (التنقيط) بترديده (حيو السعودي) وغيرها من اللزمات الفجة..!!
ذكر له صديق أنه حاول معرفة هذا الفنان الذي تورطت إحدى المحطات الفضائية وسجلت له أغاني سعودية ، سرقها من أصحابها.. سأله لماذا يعرض نفسه بهذا الأسلوب المبتذل بالصعود على المسرح.. مستجدياً (النقوط) ومن أي مدينة سعودية هو ؟!!.
يقول ذلك الصديق ، كانت دهشتي كبيرة وبلغت درجة الغضب ، حينما رد بأنه ليس سعودياً وأنه فقط عاش ودرس بالسعودية ، وأنه يجيد اللهجة السعودية ويغني بها.. ويكسب بها عيشه.
في القاهرة أيضا ، وفي حي المهندسين يوجد مقهى معروف يرتاده السعوديون هناك ، وفي كل ساعة يتقدم لك شخص هندامه جيد ، وملابسه غالية ، يتحدث بهمس طالبا المساعدة ، وأنه تعرض للسرقة ، وأنه سعودي ، والغريب انهم يطلبون أن تكون المساعدة بالدولار.. مائة دولار أعيدها إليك عندما أعود إلى جدة أو الرياض.. أو الخبر.. أو المدينة ، وعندما تعتذر يقولون.. أنت سعودي.. ادفع .
|