مع الاتساع المهول للإعلام العالمي بتقنياته الحديثة المبهرة.. والتي تطوي الكرة الأرضية كلها في غمضة عين.. كما لم يحدث مثل ذلك في غابر الأزمان.. نرى أن الإسلام لم يتعرض لحروب إعلامية شرسة ووقحة عَبْر قرونه الأربعة عشر الماضية.. ضد أصوله العقدية وفروعه الشرعية.. كالتي يتعرض لها في هذه الأيام بتشويه قيمه ومبادئه السامية عن جهل وعداء أسود!
ومن المؤلم جداً أن نجد في مجتمعاتنا العربية والإسلامية من يساعد أعداء الإسلام في إضرام هذه الحروب اليهودية الصليبية ضد الإسلام ومعتنقيه بأفعالهم المشينة وأقوالهم الرديئة.
عداوة اليهود والنصارى للإسلام ليست جديدة أو طارئة على الساحة البشرية.. ومواقفهم منه.. عبر التاريخ معروفة ومشهورة.. لكننا الآن في عصر اختصرت فيه المسافات بين الدول والأمم.. وأصبحت مصالح الحياة الأممية رباطاً قسرياً بين الجميع.. فكان الواجب لنشر السلام والعدالة بين الأمم.. أن لا تنحاز الدول الكبرى والتي تدعي الإنسانية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. مع الظالم ضد المظلوم.. كحال أمريكا والسائرين في ركابها من الدول الأوروبية التي ترى ما يفعله اليهود بالفلسطينيين من إهانات وتقتيل، وتجويع، وتدمير لأصول الحياة كالمساكن والمزارع الفلسطينية فلا يتحرك ضميرها..!
إن هذا الظلم الأمريكي الأوروبي.. في (قضية فلسطين) هو الذي بعث وأحيا الخلافات بين الغرب والمسلمين.. وهو الذي جر إلى المآسي والنكبات التي تعيشها كثير من دول العالم تحت مسمى (الإرهاب) الذي خلقه الظلم المسيحي بتأييده المطلق للفجور الإسرائيلي المتسلط على الشعب الفلسطيني وجيرانه..!
وبلغ الانحياز الأمريكي الأوروبي لليهود حداً لم يبلغه في عصر من العصور..!إنّ ما يحدث اليوم في فلسطين والعراق من سفك لدماء المسلمين، وإزهاق لأرواحهم وتدمير لبيوتهم ومزارعهم.. لهو عمل يندى له جبين الحق الإنساني الذي لم يعد يجد له نصيراً من طغيان القوة أو الصلف والعجرفة الأمريكية.. إلا
ركوب ما لا نحب ركوبه..!
إذا لم يكن إلاّ الأسنّة مركبا
فما حيلة المضطر إلاّ ركوبها |
***
الله يشهد أننا نحزن ونحس بالحرج والخجل من بعض التصرفات الهوجاء التي تقوم بها المقاومة في العراق.. كاختطاف العمال المدنيين الذين جاءوا إلى العراق بحثاً عن لقمة العيش لهم ولأسرهم.. أو الصحفيين الأجانب الذين زاروا العراق ليسجلوا أحداث البطش الأمريكي في النجف والفلوجة.. وكل مكان توجد فيه مقاومة لهذا الاحتلال البغيض..!
ما ذنب (12) نيبالياً يقتلون بعد اختطافهم.. وكذلك الصحفي الإيطالي.. الذي أُخذ بجريرة رئيس وزراء بلاده (برلسكوني).. ويقال مثل ذلك حول اختطاف الصحفيّيْن الفرنسيّيْن.. واللذين هما على وشك إطلاق سراحهما..؟
إننا ندين هذه الاختطافات ونمقتها من المقاومة العراقية ولكن الإدانة الإنسانية الأكبر هي إدانة الإدارة الأمريكية وجيشها في العراق وما فعله من جرائم بشعة في سجن (أبو غريب). بل وفي السجن الأكبر وهو ساحة العراق بطولها وعرضها التي استباحتها جيوش الحلفاء المعتدين بدعاوى كاذبة وباطلة.. أرادوا بها تغطية أهدافهم الصليبية.. وأطماعهم في نهب خيرات بلاد الرافدين، وإضعاف المد الإسلامي في العالم.
***
لقد اخترعت أمريكا مسمى (الإرهاب) بديلاً (للمقاومة) من أجل تشويه سمعة الإسلام.. والعرب.. واستقطاب أعداء هذا الدين في كل مكان ليقفوا إلى جانبها في تأييد عدوانها على العالم الإسلامي.. ولكن (العاقبة للمتقين).
لقد تجاوز (الإعلام) في الغرب كل (الخطوط الحمر) في حملاته المسعورة وأكاذيبه الحقيرة التي يفتريها على أشرف وأكمل الأديان السماوية والذي يصف جميع العرب والمسلمين بأنهم أشرار، ومتخلفون، وجهلة وبكل ما في قواميسهم من شتائم أقلامهم وألسنتهم وسخائم صدورهم..
متى تستيقظ ضمائرهم.. وتنحسر عنها (لَوْثَةُ) التعصب والأحقاد الدفينة. إنّ العرب والمسلمين ليسوا (أشراراً) حينما يقاومون الاحتلال الذي يغتصب أرضهم.. ويسفك دماءهم.. ويدمر حياتهم ويمنع قيام الدولة الفلسطينية. إنّ الأشرار حقاً هم هؤلاء الغزاة.. أما العرب والمسلمون فهم لم يغزوا ولم يحتلوا أرض الغير.
أما مأساة المدرسة في بيسلان بأوسيتيا الروسية.. فمسئوليتها تقع علىعاتق الحكومة الروسية التي رفضت التفاوض مع المقاومة الشيشانية لتجنب هذه الكارثة التي لا يد للثوار الشيشانيين فيها.. فهم احتجزوا من في المدرسة من أجل المحادثة مع الحكومة الروسية حول إعادة استقلال الشيشان والانفصال عن الدولة الملحدة.. وهذا حقهم المشروع.وكل العرب والمسلمين يتعاطفون مع المفجوعين بما آل إليه أمر المدرسة.. كما أنهم لا يؤيدون مثل هذه الأعمال ولا يقرونها.
هذه التداعيات المؤسفة هي ضد قيم الإسلام ومثله وأخلاقه.
فعسى أن نرى قوى الخير والإصلاح في العالم تتغلب على قوى الشر والطغيان فتنصف المظلوم وتردع الظالم ليسود الأمن والسلام ولو - نسبياً - وما ذلك على الله بعزيز.
|