في اختلاف الليل والنهار وتعاقب الشهور والأعوام عظة وعبرة لمن وفق للاعتبار، فلو اغتنم فرصة حلول العام الجديد، وأمسك ورقة وقلما، وأعد قائمة حساب سجل فيها ما عمل طوال العام المنصرم من الخير، وما أطاع به ربه من العمل الصالح وحسن النية وحب الغير وصلة الأرحام والإحسان إلى الفقراء والمساكين والإمساك عن أعراض الناس وإيصال الخير إلى المحتاجين منهم.
وما عصى به ربه من الإهمال وقلة العمل في الخير وعدم الإحسان إلى الناس وعقوق الوالدين والغيبة والنميمة والتكاسل عن الأعمال والأقوال الصالحة والكسب الحرام، ثم قارن بين القائمتين ورأى النتيجة بأم عينيه عند ذلك سيدرك البون الشاسع والهوة السحيقة بين قائمة الخير والشر.
إننا جميعاً أنانيون نحب الخير لأنفسنا ونمنعه عمن سوانا، وإذا أصابتنا سراء تمادينا وانغمسنا في ملذات الدنيا، وإذا أصابتنا ضراء خابت قوانا وضعفت مقاومتنا أسأنا الظن بإلهنا {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} (19-21) سورة المعارج
ومن منا يخرج عن إنسانيته ويبعد عن طبعه الآمن منحه الله العقل والقدرة على التحكم في النفس والهوى.
ولو أننا انتهزنا فرصة حلول العام الجديد وخلونا إلى أنفسنا لاستفدنا مرور الزمن وأدركنا قيمته وحسبنا حساب مستقبلنا في الدنيا والآخرة، ولكن كثير منا تمر به السنون والأيام وهو كما هو لا يتأثر ولا يتذكر، وهو في ذلك كالجماد الذي لا يتأثر بما حوله.
نسأل الله أن يجعل يومنا خيراً من أمسنا، وغدنا خيراً من يومنا، وآخرتنا خيراً من أولانا.
وهو على كل شيء قدير.
|