هزت مأساة المدرسة في أوسيتيا العالم من اقصاه إلى اقصاه وهي لا تزال تترك مرارة في النفوس مع حصيلة عدد القتلى التي تزداد يوميا، ومع المرارة غضب يتأجج على هؤلاء الذين اباحوا لانفسهم ان يمارسوا عدوانيتهم المفرطة وسط اطفال لا حول لهم ولا قوة، لكنه في النهاية الارهاب المتجرد دوما من كل ما هو انساني.
الحادثة تعد علامة فارقة في التاريخ الدموي للارهاب بسبب العدد الهائل للضحايا وبسبب المدة الزمنية الطويلة التي استغرقتها عملية احتجاز الرهائن مع رفض الخاطفين ادخال الماء والاغذية إلى الصغار الذين اغمي على بعضهم قبل وقت طويل من عملية الاقتحام.
ولان العملية بهذه البشاعة فإنها تستوجب وقفة دولية حازمة، ومثلما توحد العالم في حزنه المرير تجاه المأساة فإن عليه ان يتوحد اكثر لضمان عدم تكرار هذه البشاعة.
صحيح ان الامر يتعلق بروسيا، لكن من قال ان الإرهاب محصور في هذه الارض أو تلك، فهذا البلاء يستشري بطريقة سريعة في قارات العالم الست، ولهذا فإنه لا بد من تأكيد العزم على فاعلية الصيغة المشتركة الدولية في تتبع البلاء.
الحاجة إلى اجراءات مشتركة ليست جديدة في مجال مكافحة الارهاب، لكن الامر قد يكون فعالا اذا تواضعت الدول على عقوبات اكثر صرامة بحق هؤلاء المجرمين الذين يمارسون هم ذاتهم الوسائل الاكثر دموية في التعامل حتى مع صغار السن، ويجب رد بضاعتهم اليهم بل وبصورة اكثر صرامة.
ان امثلة ناجزة صارمة بحق هؤلاء القتلة قد تسهم في تقليص شرورهم وتخليص العالم من بعض دمويتهم الممعنة في القسوة، غير ان مثل هذه المعاملة ينبغي الاخذ بها في الدول كافة إلى الدرجة التي يكون معها من المستحيل ان يتصور الارهابيون ان ارضا ما في هذا الكون يمكن ان تتساهل معهم أو تتغاضى عن فظائعهم.
ومن حيث اتى هؤلاء القتلة فإن المنطقة التي جاؤوا منها ينبغي ان تبادر إلى لفظهم والتبرؤ منهم، والتأكيد على انهم لا يمثلونها ولا تتشرف بأن ينتموا اليها.
ان عزل هؤلاء عن المجتمع الانساني يعني ايضا لفظ الذين يتبعونهم، اذ لا يتصور اي من كان ان هؤلاء القتلة لا ينتمون إلى مجتمع ما أو جماعة ما، فانهم حتما انطلقوا من قاعدة أو مجموعة سوغت لهم الاقدام على الفعلة الآثمة، وهذه المجموعة ستظل تعمل على تخريج المزيد من القتلة الا اذا واجهت عملا جماعيا دوليا يجهض تطلعاتها الدموية.
|