الأخ الدكتور الأستاذ الجامعي سابقاً، والشاعر المجيد والكاتب المتقن لما يقول الدكتور أسامة عبدالرحمن، قليل المشاركة، ولعل مرد ذلك أن ما يرى وما يسمع لا يشجع على إنضاج المداد، فآثر الصمت، غير أن قلمه البارع المخلص الصادق، حرام أن يصمت وأن يحتجب عن مقولة ما يفيد وينفع، وقبل ذلك قوله الحق والصراحة إسهاماً منه كمواطن بصير، يجيد التعبير عن هموم الحياة وما أكثرها!
* منذ أسابيع برز اسم ابن أستاذنا عبد الرحمن عثمان رطب الله ثراه، برز يكتب تحت عنوان: (المنبر السادس)، ففرحت بخروجه من عزلته، لأننا في حاجة إلى قلمه الصادق هو وأمثاله من المخلصين لهذا الوطن الغالي.. وما قرأته للدكتور أسامة يوم السبت 5-7-1425هـ موضوعاً عنوانه:
(الشركات والمسؤولية الوطنية) وإذا قلت: لا تسأل الربع، فإني لا أعدو الواقع!
* تحدث أخي أسامة عن المسؤولية الوطنية، التي ينبغي أن نستشعرها والارتقاء بأدائها وقال: (إن استشعار روح المسؤولية الوطنية من قبل الشركات في الدول المتقدمة من خلال الإسهام المالي الملموس للكثير من الهيئات الاجتماعية والثقافية والإنسانية.. يخفف من غلواء هذه الصورة ومن قتامتها).
* إن الدافع الوطني في بلد ليس فيه ضرائب تجبيها الدولة من أصحاب الأموال والشركات والبنوك، كان ينبغي أن يكون دافعاً لهذه الكيانات أن تبادر من تلقاء نفسها برضا وحب وإيثار، أن تسهم فتعين المرافق التي أشار إليها كاتبنا وأمثالها، غير أن قومنا لم يتعودوا على العطاء إلا ما ندر، والنادر كما يقال
لا حكم له، وهو يثاب على إحسانه!
* ومن المؤسف أن الغرب، يسارعون إلى الإنفاق في مختلف الجوانب التي تنفع البلاد والمؤسسات التي تحتاج إلى دعم، وأثرياؤهم مثقلون بالضرائب، ومع ذلك فهم يشعرون بالواجب وبحق المواطنة وواجبها، فالدافع الوطني هناك وهم لا يملكون ما عندنا من حث على البر وإشاعة الخير، لكننا لم نتأثر بما يجب علينا وأمرنا به، وهم قد فعلوا لأنهم اكتسبوا حسنات الإسلام!
* أما نحن الأغنياء والقادرين، تأثير الوطنية فيهم غائب، كأنهم لا يعيشون على بلد معطاء كريم ويظلهم الإسلام بإشعاعته، ولعلهم بعيد عن ذلك الإيثار الذي كان في صدر هذه الأمة، فاحتفى به الكتاب العزيز بثناء الله على خلق فريق أصبحوا مثالاً للنخوة والإنسانية والبر، قال تعالى:
{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
* وقد كتبت في هذه الزاوية من قبل داعياً حكومتنا إلى فرض ضرائب على الدخول العالية، وتوظيفها في المصالح، مثل الهيئات الاجتماعية والثقافية والإنسانية، وهذا حق من حقوق المواطنة في وطن كريم يتفيأ فيه الجميع روح الإسلام الحق، آمنين مطمئنين، فالإسلام والأمن حياة، ولا يدرك ذلك إلا من فقدهما، فالحمد لله المنان.. وفي صدر الإسلام، دعا الحق قريشاً أن يعبدوا رب البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.
* لعل القادرين من قومنا يدرك أن متاع وثروات الدنيا زائلة، والباقي هو ما ينفع عطاء للبلد ومؤسساته التي تنفع الناس.. والحق سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملاً.. وإلى الله عاقبة الأمور!
|