Monday 6th September,200411666العددالأثنين 21 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "لقاءات"

الجزيرة تفتح ملف انعكاسات الأعمال الإرهابية على الوطن والمجالات المختلفة الجزيرة تفتح ملف انعكاسات الأعمال الإرهابية على الوطن والمجالات المختلفة
الاقتصاديون: الأحداث الإرهابية أثرت على نمو الاستثمار وتدفق الاستثمارات الأجنبية

  إعداد ومتابعة - مسلّم الشمري:
من الصعب على الإنسان السوي المسلم أن يقتل والده أو والدته، أو يهدم منزله ويدمر سيارته، أو يضر بمصالح أشقائه وجيرانه، فالخلايا الإرهابية وعناصرها المارقة، قتلت الطاعنين بالسن، رجالاً ونساءً وأطفالاً وشباباً واستهدفوا ممتلكات الوطن ومقدراته واضروا بمصالح الشعب واقتصاده، متجاهلين قول الله تعالى: (ومن قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً)، فهذه الآية القرآنية الكريمة تؤكد أن هؤلاء المخربين المجرمين الإرهابيين شاذون وبعيدون كل البعد عن تعاليم الإسلام السمحة العادلة الوسطية، فهؤلاء المارقون استهدفوا النفس البريئة سواء كانت مواطنة أو مقيمة.. معاهدة أو آمنة وشوهوا الإسلام بأفعالهم القبيحة.
(الجزيرة) تفتح ملفاً موسعاً حول انعكاسات الأعمال الإهاربية في بلدنا الطاهرة على جميع المجالات الإسلامية والثقافية والاقتصادية والسياحية عبر سلسلة حلقات نستضيف فيها المختصين والأكاديميين وصناع القرار.
في حلقة هذا اليوم نستعرض انعكاسات الأعمال الإرهابية الآثمة على عصب الحياة الاجتماعية (الاقتصاد).. وكما قال سمو ولي العهد حفظه الله إن الفئة الضالة تستهدف الاقتصاد السعودي بعد عملية الخبر.
****
في الأسطر التالية يحلل ويفند مجموعة من الاقتصاديين تأثير الأعمال الإرهابية على النشاطات الاقتصادية.
في البداية تحدث لنا رئيس دار الدراسات الاقتصادية ورئيس تحرير مجلة (عالم الاقتصاد) الدكتور عبدالعزيز إسماعيل داغستاني قائلاً: القول بأن الأعمال الإرهابية التي ارتكبتها الفئة الضالة في المملكة العربية السعودية ليست لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد السعودي، ناهيك عن الجوانب الأخرى، هو قول فيه كثير من النفاق والسطحية وأسلوب عقيم للتعامل مع هذه المسألة التي يجب أن نتصدى لها بقوة وصراحة وموضوعية لأن السكوت على مثل هذه الجرائم أو محاولة التخفيف من أضرارها على المجتمع لا يخدم الرغبة في القضاء عليها واجتثاث جذورها من المجتمع.
والقضاء على هذه الفئة الضالة يجب أن يكون هدفاً أساسياً لكل مواطن، لأن انعكاسات هذه الأعمال الإرهابية تمس كل مواطن، وهذه الفئة الضالة لا يجدي معها المفاهمة بعد أن ضربت بعرض الحائط كل الفرص التي اتيحت لها للعودة إلى جادة الصواب. وإلى جانب الحل الأمني لمواجهة هذه الفئة الضالة يجب علينا العمل على القضاء على المناخ الذي فرّخ مثل هذه الفئة. ويجب أن نصد كل من يحاول أن يزايد على المجتمع بداعي الدين لأن هذا المجتمع قد دفع ثمن تساهله مع فئات استغلت طيبة المجتمع.
وأعتقد أن الظروف تغيرت ولم يعد الناس في حاجة إلى الوصاية ليعرفوا أمور دينهم ودنياهم.
ولهذا فإنني أقول إن هناك انعكاسات سلبية على الاقتصاد السعودي من هذه الأعمال الإرهابية، ولكني في الوقت نفسه أعتقد أن النجاحات الأمنية الأخيرة والوصول إلى بعض رؤوس الفتنة قد أسهمت في التخفيف من المناخ المشحون الذي ساد في الاقتصاد السعودي لفترة طويلة كانت فيها الأعمال الإرهابية تتم بشكل متكرر وفي مناطق ومدن مختلفة.. وقد أدى ذلك المناخ إلى الشك في المناخ الآمن في المملكة العربية السعودية ودعا بعض السفارات، وخاصة الغربية، إلى أن تطلب من رعاياها إما توخي الحذر أو مغادرة البلاد. هذا هو في الواقع جزء من الانعكاسات السلبية على الاقتصاد السعودي لأنها أسهمت بشكل أو بآخر في الحد من تدفق الاستثمارات الأجنبية.
ولو لم تحدث النجاحات الأمنية التي وصلت إلى رؤوس الفتنة مؤخراً لكان الوضع سيئاً، ولكن الحمد لله الذي وفق الجهات الأمنية ومكنها من هذه الاختراقات الأخيرة، ولو لم يحصل هذا لكان من الممكن أن تكون هناك حالة من عدم الوضوح أو التردد بالنسبة لمناخ الاستثمار والدليل على ذلك أن الموجودات الأجنبية في البنوك السعودية قد انخفضت بنسبة 1.6% خلال الشهرين الماضيين، صحيح أن هذه النسبة منخفضة ولكنها مؤشر يثير القلق، والحمدلله إن النجاحات الأمنية الأخيرة ستؤدي إلى تعديل هذا الوضع. ولهذا فإن القضاء على الفئة الضالة والتعامل معهم بقوة وصراحة يضمن المحافظة على مناخ الاستثمار وبالتالي يضمن عدم التأثير السلبي على الاقتصاد السعودي. ويجب على الحكومة أن تعطي مثلاً على قوتها وصرامتها في مواجهة هذه الفئة بإعدام مجموعة من المنظرين والمنفذين للعمليات الإرهابية، حتى يعرف الكل، كما يقول المثل الشعبي، أن الله حق.
ومن الصعب جداً تقدير حجم الأضرار الاقتصادية التي لحقت بالاقتصاد السعودي بسبب الأعمال الإرهابية بالأرقام. وفي تصوري أن هذا ليس هو المهم في هذا الأمر، المهم هو اتجاه التأثير، وهو ما نتفق عليه على أنه اتجاه سلبي، وهذا يكفي ويستدعي في الوقت نفسه ضرورة الوقوف بقوة وصراحة أمام هذه الفئة الضالة وأن نقول لها كفى عبثاً بالاقتصاد السعودي وأن نتبع القول بإجراءات صارمة حتى نحافظ على الإنجازات التي تحققت وان تعمل على استمرار البناء الاقتصادي.
من جهته قال المستشار المالي وعضو جمعية الاقتصاد السعودي الأستاذ مطشر المرشد: أثبتت الأرقام الاقتصادية التي حققها اقتصادنا الوطني في نهاية عام 2003م وخلال النصف الأول من العام الحالي أن المملكة العربية السعودية ولله الحمد قادرة على الثبات والوقوف أمام جميع التحديات سواء كانت محلية أو إقليمية أو عالمية، فبالرغم من الأعمال الإرهابية واستمرار الأعمال العسكرية في العراق إلا أن أداء الاقتصاد الوطني استمر في التحسن وعلى جميع المستويات مستفيداً من ارتفاع أسعار النفط، فبالإضافة لنمو يتجاوز 4.2% في إجمالي الناتج المحلي حقق الموازنة العامة فائضاً مالياً يزيد عن 60 مليار ريال مع نهاية العام الماضي وانخفضت نسبة الدين العام من إجمالي الناتج المحلي لأقل من 94%، وبنفس الوقت ارتفعت وتيرة الأنشطة الاستثمارية مستفيدة من ارتفاع نسب السيولة المالية التي تجاوزت مبلغ 400 مليار ريال مما ساعد قطاعات السوق المختلفة على النمو وبالأخص القطاعات الرئيسية مثل الأنشطة العقارية وسوق الأسهم. فمن المعروف أن سوق الأسهم هو أحد أهم المؤشرات التي تحدد متانة أي اقتصاد وتعكس مستوى الثقة التي يمنحها المستثمرون للاقتصاد وفي هذا السياق فقد ارتفع المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية ما يزيد عن 78% بنهاية 2003م. واستمر انتعاش الأسعار في جميع قطاعات سوق الأسهم السعودية خلال النصف الأول من العام الحالي 2004م. وأضاف المؤشر العام حوالي 37% لقيمته المسجلة بنهاية العام الماضي متخطياً حاجزاً سعرياً مهماً عند 6200 نقطة.
وأشار الأستاذ مطشر إلى أنه لم تقتصر النواحي الإيجابي على ارتفاع نسب السيولة وانتعاش سوق الأسهم بل أيضاً كسب الاقتصاد السعودي ثقة المستثمرين الأجانب وتم دخول العديد من الشركات العالمية للاستثمار في مجالات عدة من أهمها مشاريع الغاز والقطاع المصرفي حيث تم الترخيص لعدة بنوك عالمية وحصلت بعض الشركات منها الصينية والروسية والفرنسية وغيرها على عقود في قطاع الغاز والبتروكيماويات.
وأشار الأستاذ مطشر إلى أنه في الوقت الحالي تشير التوقعات باستمرار الأداء الجيد في اقتصادنا الوطني بسبب استمرار الحكومة في تطبيق سياسات وتشريعات أثبتت نجاحها وتدل على إصرار قيادتنا الحكيمة المستمر للحصول على أفضل النتائج من برامج الإصلاح وخاصة بما يتعلق بالتنمية والاقتصاد. كما أن العمليات الإرهابية لن تطال الاقتصاد السعودي وسيظل الاقتصاد الوطني قوياً بفضل سواعد المخلصين من أبناء هذا الوطن وبجميع فئاتهم حيث يقوم كل فرد بواجباته ولنا مثال بتضحيات رجال أمننا البواسل الذين يحققون النجاحات المهمة في محاربة من يستهدف استقرار مجتمعنا أمنياً واقتصادياً. ومن المتوقع أن يصل فائض الميزانية بنهاية هذا العام حوالي 100 مليار ريال خاصة في حال حافظت أسعار النفط على معدلاتها الحالية عند 38 دولاراً للبرميل. وهذه النتائج والأرقام لأداء الاقتصاد السعودي خلال العام الماضي وبداية العام الحالي هي نتائج ايجابية تعكس قدرة الاقتصاد السعودي وقوته في الوقوف أمام التحديات وأن تداعيات الحرب ضد العراق والهجمات الإرهابية التي تعرضت لها المملكة لم تفلح بعرقلة مسيرة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، لذلك تتوقع بعض التقارير المتخصصة أن إجمالي الناتج المحلي الاسمى سيتخطى 7% بنهاية 2004م وأن الاحتياطيات بالعملات الأجنبية في مؤسسة النقد سترتفع إلى 75 مليار دولار وأن تظل نسبة التضخم أقل من 1% مما يساعد على استمرار استقرار سعر المملكة الوطنية وتزداد ثقة المستثمرين في متانة الاقتصاد السعودي.
مشيراً إلى أن أي أعمال إرهابية تخريبية قد تهز من سمعته التي تحدث بها وتتأثر الاقتصادات بشكل سلبي في تلك المناطق ولكن وكما ذكر سمو سيدي ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بأن المملكة العربية السعودية وجميع القطاعات الأمنية قادرة وأثبتت مراراً وتكراراً بأنها تستطيع الذود دون الوطن واقتصاده وأن جميع المراكز الحيوية في المملكة تحرسها أيد أمينة ومواطنون مخلصون ويقف خلفهم جميع أبناء المجتمع السعودي لأن الاقتصاد واستقرارنا الاجتماعي هو الرصيد المستقبلي للأجيال القادمة.
وفي هذا السياق يقول المستشار والخبير الاقتصادي الأستاذ إسماعيل إبراهيم سجيني بدأت الأعمال الإرهابية بصورتها الراهنة بالمملكة منذ عام 2004م وحدثت منذ ذلك الوقت العديد من الأعمال الإرهابية التي استهدفت جميع سكان المملكة مواطنين وأجانب في بعض مناطق المملكة.
ولا بد من وجود انعكاسات لكل فعل من هذا القبيل على الواقع، وتعتمد درجة الانعكاس على خطورة الظاهرة وانتشارها وتأثيرها المباشر على جميع الأصعدة، ويجب الاعتراف بأن هذه الأعمال سوف تحدث بصورة ما بعض التأثير على الاقتصاد السعودي فما هي الانعكاسات الاقتصادية العامة لهذه الأعمال الإرهابية على الاقتصاد السعودي؟
لا بد من التركيز على أنه حتى الآن لم تؤثر الأعمال الإرهابية على قطاع البترول أكبر قطاع انتاجي للاقتصاد، وإن انعكس الإرهاب على العمالة الأجنبية التي تعمل في هذا المجال، بمعنى أن قطاع البترول لم يتأثر بصورة مباشرة بالأعمال الإرهابية أي لم يتوقف أو يتعطل العمل الانتاجي في ذلك القطاع ويعتبر ذلك مؤشراً مهماً على عدم التأثر الفادح الملحوظ الضرر على الاقتصاد السعودي، بل يدل على فشل الأعمال الإرهابية في إحداث التأثير الذي تسعى إليه في هذه الناحية ويدل أيضاً على نجاح الدولة في تأمين وسلامة ذلك القطاع الأهم في الاقتصاد السعودي.
وبالنسبة لثقة الاقتصاد العالمي في اقتصاد المملكة رغم الأحداث الإرهابية فلم يحدث خلال الفترة الأخيرة أي تذبب ملحوظ يمكن عزوه إلى تأثير الإرهاب فيما يتعلق بسعر الريال السعودي، وهو ما يؤكد مرة أخرى على ضعف التأثير على الاقتصاد السعودي.
مشيراً إلى أن توقعات نمو الاقتصاد السعودي خلال السنة القادمة، تؤكد على استمرار الاقتصاد بصورة طبيعية أي عدم تأثره بالأعمال الإرهابية بصورة مباشرة، حيث يتوقع عدد من الاقتصاديين نمو الاقتصاد السعودي بمعدل يصل إلى 6% نتيجة ارتفاع أسعار البترول،
ومن العوامل المؤكدة على ثقة الاقتصاد العالمي في الاقتصاد السعودي التصريح والتصديق لعدد من البنوك العالمية والخليجية بالعمل في السعودية، ومن نافلة القول التأكيد على ضرورة وجود استقرار اقتصادي جيد يشجع على الاستثمار في اقتصاد ما خاصة المؤسسات المالية مثل المصارف.
وأيضاً تقدم عدد من الشركات العالمية للعمل في قطاع الاتصالات، وهو مؤشر ايجابي على رغبة في الاستثمار في المملكة، إذن تدل هذه المؤشرات العامة وهي استقرار قطاع البترول، دخول بنوك عالمية، تقدم شركات عالمية للاستثمار في المملكة في قطاع الاتصالات على عدم حدوث انعكاسات مضرة بالاقتصاد نتيجة الأعمال الإرهابية.
وأضاف سجيني: يجب الاعتراف بحقيقة أن عدم حدوث التأثير الملحوظ حالياً لا يعني عدم وجود تأثير مطلقاً للأعمال الإرهابية على الاقتصاد السعودي، فقد استغلت العديد من الجهات التي ترغب في زعزعة المملكة هذه الأحداث وضخمتها بصورة كبيرة قد تحد من الثقة في الاقتصاد السعودي نوعاً ما، خاصة في عدم مقدرة المملكة على التصدي للحرب الإعلامية العالمية المنظمة، كما أن الأعمال الإرهابية أدت بعدد من السفارات الأجنبية للطلب من رعاياها مغادرة المملكة ولا يخفى ما لمثل ذلك من تأثير حتى وإن كان مجرد أداة للضغط على المملكة لأسباب وأجندة سياسية أخرى، خاصة ما اصدرته السفارة الأمريكية، حيث إن للعمالة الأجنبية دوراً كبيراً في الاقتصاد السعودي فلا يجب الاستهانة بذلك التأثير.
وكذلك تحدث الأعمال الإرهابية تأثيراً مباشراً على الاقتصاد من خلال الانفاق على النواحي الأمنية وهو ما ينعكس سلباً على الاقتصاد، من خلال ضياع الفرص البديلة التي كان يمكن استثمارها اقتصاديا، وكذلك التأثير على أسواق الاستهلاك، وخاصة استهلاك العمالة الأجنبية خوفاً من مستقبل الأحداث، وكل تلك مؤثرات سلبية تعوق نمو الاستثمار، أو تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة، وقد يكون لمناخ الاستثمار الحالي أثر سلبي أكبر من الأعمال الإرهابية في هذا الخصوص.
ومن ناحية أخرى رب ضارة نافعة فقد أدى تزامن الحوادث الإرهابية مع الاحداث بالمنطقة إلى استفادة الاقتصاد السعودي بصورة مباشرة من ارتفاع أسعار البترول بما قد يعوض الانفاق على النواحي الأمنية وبالتالي امتصاص أي أثر سلبي للأحداث الإرهابية بالمملكة.
وقد يؤدي أي استمرار - لا قدر الله - في الأعمال الإرهابية أو تطورها خاصة في حالة تأثيرها مباشرة على قطاع البترول إلى حدوث ردة فعل معاكسة على جميع المؤشرات السابقة بصورة قد تؤدي إلى ضرر بالغ بالاقتصاد السعودي.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved