جاء اليوم الذي بدأنا لا نثق بكل ما نفعله، وتتغير نظراتنا بمجرد أي طارئ سواء كان قوياً أو مجرد وهم صغير.. فالمنزل الآن أضحى مقراً طارئاً لافراد العائلة، ليتطور الأمر، فيطول تفاصيل بيتنا المحلي؛ فلم يعد المطبخ، وهو مصدر المعيشة وحلقة الوصل بيننا، ذلك المكان المناسب، فقد عطلت أنشطته والغيت ادواره، فلم يعد سوى مكان أنيق تعرض فيه سيدة البيت أوانيها متباهية بلمعانه، فلا نرى فيه أي مظهر من مظاهر الطبيخ، فضلاً ان نشم أي رائحة لشواء او رغيف (يشيط).
أصبح المطبخ بلوحة عملاقة على شارع عام تدعونا للتخلص تماماً مما يحسبه البعض عذاب الطبخ في البيت، فكانت العبارة تتردد بوصف عمل ذاك المطبخ بأنه أفضل من (شغل البيت)، بمعنى انه تقليد للمنتج المنزلي، إلا أن هذه العبارة سرعان ما تهاوت حينما اكتشفوا ان الذي كان يدير شئون المطبخ المنزلي هو العاملة، فكيف يصبح الطعام مثل شغل البيت، طالما انهم أمهر منها على حسب زعمهم؟.. فنضيع في هذا التوصيف ويستميلنا الاعلان وتستدرجنا حياة الرفاهية المؤذية، لنعطل المطبخ المنزلي، ونتحول الى طابور الطالبين للوجبة السريعة والبطيئة التي لا يمكن مقارنتها بأبسط ما نعده في المنزل.
ومن اكتشافات المطابخ السريعة والوجبات المسرعة ثبت ان وجبات المضغوط والمكبوس والمهروس تضاف اليها وقت الطهو (أقراص البنادول) ليس من اجل معالجة الدجاج والاغنام والحواشي وطبخها معاً، إنما من اجل سرعة تحضيرها، فكل هذا وذاك سموم كما يقول الاطباء الذين وقفوا على هذه الحالات في مطابخ ومطاعم ذائعة الصيت ومغمورة على حد سواء.
|