بعض الباحثين يحيط كتابه الذي يريد طبعه بسرية تامة حتى من أقرب الناس إليه ويحرص على أن لا يعلم بخبر هذا الكتاب سوى الناسخ والطابع ومن يقوم بذلك لهم وجهة نظر يرونها وجيهة وعملية، وهي أن الكتاب إذا انتشر خبره فالمؤلف قد يتعرض لضغوط متنوعة من الآخرين وطلب حذف أو طلب تعديل ولن يسلم هذا المؤلف من سؤال متكرر عما ينوي قوله في هذا الكتاب فمن المصلحة أن لا يعلم بالكتاب أحد حتى يكون مطبوعاً في الأسواق وعند طبع الكتاب وتوزيعه فالمجال واسع لمن أراد المشاركة أو النقد أو التوجيه ويستفاد مما لديه في الطبعة الثانية من الكتاب.. هذا صنف من الناس.
الصنف الآخر يحرص على أن يكون خبر كتابه الذي ينوي نشره وطبعه عند كل أحد وعلى كل لسان بل وينوه عنه في الصحف إذا أمكن من أجل أن يكون قد حجز الكتابة في هذا الموضوع بشكل علني أمام الآخرين أو من أجل تواصل كل الفئات معه وحماية لكتابه في حالة سرقة بعض محتوياته.
هذا رأي وذاك رأي وإن كنت أنا أميل إلى الرأي الثاني وهو أن المؤلف لا بد أن يطلع الآخرين على كتابه من أجل التنسيق وتلافي التكرار إلا أني احترم تماماً وجهة النظر الأولى وأتفهمها ودوافعها.
مع العلم بأني رأيت أن من يطلع الآخرين على كتابه أو مضمونه فكتابه دائماً ما يكون أقل في جانب الأخطاء والأوهام وبخاصة إذا كان هذا الكتاب يقوم على دراسة بلدانية أو أسرية.
وقد حفظت لنا كتب التراث والتراجم الكثير من العلماء والمؤرخين يعرض كتبه على الآخرين حتى أن هناك مبحثاً في كتب التراث المعنية بالتوثيق العلمي يسمى مبحث العرض وهو عرض المؤلف كتابه على من يثق في علمه وفهمه.
وعلى العموم سواء كان المؤلف على هذا الطريق أو ذاك المنهج فوجود النقص في كتابه لا يعفيه من النقد وبخاصة أننا في وقت تدفع المطابع بعشرات الكتب في أوقات متقاربة.
للتواصل: فاكس: 2092858
|