لقد قرأت ما خطته أنامل الأخ حمد الخالدي بالعدد رقم 11655 وتاريخ 10-7-1425هـ تحت عنوان (وهل نسيت يا فوزية الفوارق بين الرجل والمرأة)، وذلك في ردٍّ تعقيبي على الأخت فوزية ناصر النعيم حول الأسباب التي تمنع المرأة في المشاركة في الانتخابات البلدية؟!.. وحقيقة لقد بين أخونا أن هنالك فوارق مختلفة بين المرأة والرجل في الخلق والتكوين والقدرات. ولست أريد زيادة شيء على مقاله، ولكن لدي مداخلة بسيطة حول هذا الموضوع خاصة وأننا ولله الحمد في مجتمع محافظ يستمد قيمه وعاداته ومعاملاته وعباداته وأخلاقه من مصادر التشريع الإسلامي الحنيف.. ولذلك لابد أن نكون واقعيين مع أنفسنا ومع التطورات العالمية من حولنا، فحضارات الأمم بدأت تتداخل حتى أصبح العالم وكأنه قرية صغيرة وصارت تفرض على مجتمعات العالم حضارات الشعوب الأخرى وأخلاقها عبر وسائل الاتصال المختلفة فرضاً جبرياً، ونحن ضمن شعوب الأرض لا نستطيع العيش بعزلة ومنائ عن العالم، فلابد أن نواكب هذه الحضارات أو ما يسمى بالعولمة، ولكن لابد أن يكون المقياس في تقبلنا لتلك الحضارات والأخلاق القادمة إلينا تعاليم شرعنا الإسلامي الحنيف، فما وافقه أخذنا به وما خالفه رددناه وحذرنا منه.. ولعل من أبرز القضايا التي تثار منذ عقود من الزمن قضية المرأة والتي تحاور في شأنها الكثيرون، وعقدت من أجلها المؤتمرات والندوات وألفت لها الكتب والمجلدات، وتصدرت قضيتها صفحات الجرائد والمجلات، فأصبحت المرأة والحديث عنها هو الشغل الشاغل لبعض الأدباء والمفكرين والتربويين ورجال الصحافة والإعلام حتى انقسم الناس حولها إلى فريقين متضادين، فالفريق الأول يريد إقصاء دورها وتفنيد طاقاتها والتنقيص من قدرها وشأنها وأنها غير قادرة على العمل والإنتاج والبناء المثمر المفيد للمجتمع.
وفريق آخر يرى للمرأة أن تنزع حجابها وحياءها وتشارك الرجل في جميع ميادين العمل الإدارية والمهنية جنباً لجنب دون أي قيود أو ضوابط شرعية أو أخلاقية، ويرون أن هذا هو التمدن والحضارة والرقي والتقدم، وأما الحجاب والتستر وتغطية الوجه واللباس المحتشم فهي بنظرهم أركاس وعادات جاهلية لا تناسب حضارة القرن الحادي والعشرين، وفيها تقييد لحرية المرأة التي خلقت لتكون حرة.
وبين هذين الفريقين يبرز أهل الوسطية والاعتدال أتباع النبي المختار - صلى الله عليه وسلم - الذين يسيرون مع النصوص الشرعية وأدلتها، فالمرأة عندهم هي الأم والجدة والزوجة والأخت والعمة والخالة وابنة الأخ وابنة الأخت لها حقوق وعليها واجبات أمر بها الله ورسوله في الكتاب والسنة، فالمرأة هي نصف المجتمع وهي شقيقة الرجل وهي المعلمة ومربية الأجيال وهي العالمة الجليلة والعابدة التقية، وهي المجاهدة في سبيل الله.. فكم من القصص البطولية سطرنها أولئك النسوة من الرعيل الأول اللائي شاركن الرجال في إعداد مجتمع إسلامي قوي بربه معتز بدينه تابع لنبيه - صلى الله عليه وسلم- متماسك بسواعد أبنائه ينشر العلم والهداية والسلام لأهل الأرض جميعاً فها هن - رضي الله عنهن - في ميادين الوغي وساحات الموت يحمسن الجنود على القتال ويحملن لهم الماء والطعام ويعالجن الجرحى والمصابين وربما حملن السلاح وقاتلن إذا لزم الأمر، يسطرن بذلك صوراً من الأدوار البطولية والأعمال العظيمة التي كانت تضطلع بها المرأة المسلمة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
واليوم تبرز الحاجة الملحة لوجود المرأة العاملة في المجتمع، فبناتنا من يقوم بتدريسهن إلا المعلمات ونساؤنا من يقوم بتطبيبهن غير الطبيبات وغير ذلك من المهن والأعمال التي تناسب طبيعة المرأة وتكوينها وفق ضوابط إسلامية شرعية نصت عليها القوانين والأنظمة العامة في بلادنا - حفظها الله - تحفظ للمرأة كرامتها وخصوصيتها.
وإنني في ختام مداخلتي أعتب على أخينا حمد الخالدي هذا التشدد الذي لا دليل عليه فالأمر واسع، وعلماؤنا - حفظم الله - بيَّنوا الأحكام الشرعية في هذه المسألة وغيرها من المسائل التي تهم الفرد والمجتمع.. وإنني أعتقد أنه ليست هنالك ممانعة من أن تشارك المرأة في الانتخابات البلدية أو أن تدلي برأيها في الحوارات الوطنية أو تشارك في المنتديات الاقتصادية أو في الهيئات والمؤسسات الحكومية أو في مجلس الشورى وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو في إدارات التحقيق والجوازات إذا كان عملها وتعاملها في محيط نسائي أو عبر دائرة مغلقة فلا يراها الرجال ولا تراهم.
والله الهادي إلى سواء السبيل..،،
مساعد بن لافي الجهني -خيبر |