Sunday 5th September,200411665العددالأحد 20 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

خاطفو (الجهاد) خاطفو (الجهاد)
الشيخ سلمان العودة

راسلني أحد المحزونين قائلاً: انتظر أياماً، فربما يخطف رهينة فرنسي؛ لمطالبة دولته بتطبيق الشريعة خلال يومين، وإلا حزت رأسه!!
يا حسرة على شباب المسلمين!
ولقد شعرت بأن الأمر تعدى حدود العقل، فضلا عن الشرع، وليس بين الشرع والعقل تعاند؛ فإذا كان العلماء مجمعين على أن مقصود الشارع الأعظم هو تحصيل المصلحة، ودفع المفسدة - كما ذكره الغزالي، وابن تيمية، وابن القيم، والشاطبي وغيرهم - فلقد قرروا - أيضا كما ذكره العز بن عبد السلام وغيره - أن المصلحة والمفسدة تعرف بالعقل.
فتخيل الأمر قبل ورود النص، وأين مصلحته ومفسدته، وهو كذلك، إلا ما جاء النص باعتباره، أو بإلغائه.
والشرع هو: خطاب للمكلفين العقلاء بالاتفاق.
أخشى أن يكون وراء الأكمة ما وراءها، إذ من المستبعد أن تصل الأمور إلى هذا المستوى من الفوضى والطيش.
إنه لا أحد يخدم دينه بهذه الطريقة!!
وربما صار العراق بعد سقوط حكومته منطقة جذب لأطراف كثيرة من الأجهزة الاستخباراتية والقوى الخفية المتقاطعة المتناحرة.
وها قد تحدثت الأنباء عن أصابع إسرائيلية في التحقيق مع السجناء، وأيادٍ هناك في البنتاجون أدارت رحى الحرب ضد العراق..
فلِمَ نستنكر على هؤلاء أو غيرهم أن يزرعوا عددا من العملاء؛ مستغلين غيبة النظام والفوضى العارمة؛ ليمارسوا أدوارا قذرة، وحربا خفية يضربون بها أعداءهم من الطرفين؟!
إن موقف فرنسا من الحرب معروف، وهو في مصلحة العرب والمسلمين في منع التجرؤ عليهم والتدخل في شؤونهم، وهو وإن كان منطلقاً من رؤيتهم الخاصة، وقراءتهم للحاضر والمستقبل، ولا أعتقد أنه موقف إنساني بحت؛ أو قانوني محض؛ إلا أنه يبقى الأفضل.
بينما يعلم كل أحد أن قرارا فرنسياً جائراً يمنع الحجاب في المدارس؛ لن يُلغى بمثل هذه الضغوط؛ لكن ستكون فرصة إعلامية ممتازة لمن يتربصون بالمسلمين داخل فرنسا وخارجها، لتصوير المسلم على أنه بلا عقل، وبلا ضمير!!
ومن يستفيد من مثل هذا أكثر وأفضل من اليهود؟! وكما يقول عيسى عليه السلام: (من ثمارهم تعرفونهم) . فإن الثمرة الخبيثة هذه يجدر بها أن تكون نتاجا لتلك الشجرة الخبيثة المكتوب عليها اليبس والجفاف {وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }.
ولعمري! إن كان من تورط في مثل هذا العمل من المسلمين، لقد شان نفسه وأهل ملته، وأتى من رديء الفعال بما يعجز عنه الأعداء والخصوم، أو يكادون!!
ولو كان كذلك لما وسعه أن يتجاهل نداءات المخلصين، ومنهم هيئة علماء المسلمين بالعراق، وأطراف أخرى عديدة، نادت وما زالت، إن كان ثمة سميع بإطلاق سراحهم وتدارك هذه الزلة، وتجنب هذه العثرة، وإعادة الأمر إلى نصابه.
وإنني أعزز هذه الأصوات الناصحة، وأذكر بأعراض أهل الإسلام، وحمايتها من مقاريض الإعلام؛ فلقد امتنع النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتل قوم علم من خبر السماء أنهم منافقون، وحكى الله تعالى في تنزيله أنهم في الدرك الأسفل من النار، وعلل: (بألا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه) .
أفيدرأ رسول الله قالة السوء عنه، وعن أصحابه المؤمنين، ويستدعيها قوم بحجة الدفاع عن الدين، وكسر شوكة المعادين؟!
إن قوما ليس لهم أكابر يستنيرون بحكمتهم، ويستضيئون بعقولهم، ويسترشدون بآرائهم؛ لا يفلحون!! ولا أضر على الأمة ورجالها من الاستفراد بالرأي، والإصرار على الخطأ، وتجاهل الأصوات الناصحة.
وكم مرة أتبعتكم بنصيحتي
وقد يستفيد البغضة المتنصح
أسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته وكرمه وفضله أن يهدي شباب المسلمين جميعاً إلى الحق، وأن يأخذ بنواصيهم إلى ما يحب ويرضى، وأن يجنبهم ما لا يرضيه من الأقوال، والأعمال والأخلاق، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved