Saturday 4th September,200411664العددالسبت 19 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "لقاءات"

الأمين العام للهيئة العليا للسياحة لـ( الجزيرة ): الأمين العام للهيئة العليا للسياحة لـ( الجزيرة ):
توفير 1.5 مليون فرصة عمل منوط بتنفيذ الإستراتيجية العامة لتنمية السياحة
من الضروري إعطاء الهيئة الاختصاصات والصلاحيات لتحقيق النتائج التي تطمح إليها

  * حوار - مسلّم الشمري:
أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الأمين العام للهيئة العليا للسياحة بأن السياحة الداخلية لم تتأثر بالأعمال الإرهابية، مشيراً إلى أن الإنجازات الأمنية في دحر ومحاربة هذه الفئة الضالة طمأنت الناس وجعلتهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي.
وأشار سموه في حديث خاص ل(الجزيرة) أن هناك ارتفاعاً وإقبالاً كبيراً على السياحة الداخلية، حيث سجلت البرامج والفعاليات والمهرجانات خلال هذا الصيف زيادة قياسية مقارنة بالعام الماضي بلغت نسبتها 67%، مشيراً إلى أن الهيئة العليا للسياحة لن تغير أي شيء في برامجها وخططها بسبب هذه الأعمال الإرهابية، بل بالعكس زدنا في تركيزنا على الفعاليات الجديدة ونسعى إلى تقديم مواعيدها في العام القادم.
وإلى تفاصيل الحوار:
*****
* ما انعكاسات الأعمال الإرهابية التي شهدتها بعض مناطق المملكة على السياحة الداخلية.
- الواقع الذي عاشته السياحة السعودية هذا الصيف يدل دلالة واضحة على أنه لا توجد أي انعكاسات على السياحة الوطنية، لأن المملكة ليست معتمدة على السياحة الخارجية، بينما الدول التي تأثرت كثيراً هي الدول التي تعتمد على السياحة الوافدة لأن الأحداث الإرهابية لم تقتصر على المملكة بل شملت جميع أرجاء العالم، وبالرغم من أن الإحصاءات الرسمية التي تصدرها الهيئة حول حجم الحركة السياحية في المملكة هذا العام لم تصدر بعد - حيث تصدر عادة بعد فترة وجيزة من انتهاء موسم الصيف - إلا أن لدينا الكثير من المؤشرات التي تدل على ازدهار الحركة السياحية في معظم مناطق المملكة، حيث سجلت البرامج والفعاليات والمهرجانات خلال هذا الصيف زيادة قياسية مقارنة بالعام الماضي بلغت نسبتها 67%، وهناك مناطق ومحافظات جديدة دخلت في تنظيم السياحة لأول مرة، كما أن الأجواء كانت جميلة جداً، والحجوزات كانت مستوياتها مرتفعة طبقاً لإحصائيات الهيئة وأرقامها، هذا بالإضافة إلى أن بعض الإحصاءات الأولية التي صدرت حول إعداد زوار بعض المهرجانات تدل بشكل واضح على زيادة التدفقات السياحية.
* ولكن هناك بعض المناطق والمحافظات السياحية التي تعرضت للأعمال الإرهابية أو مطاردة للعناصر الإرهابية مثل الطائف والخبر وجدة هل تضررت سياحياً؟
- لا طبعاً لم تتضرر لأن هذه الأعمال لم تستهدف المواطن بشكل مباشر، وإن كان استهداف المواطن يأتي ضمن استهداف هؤلاء المخربين للبنية التحتية للدولة وللأمن بشكل عام، لكن الحياة في المملكة ولله الحمد تسير بشكل طبيعي، فالناس يذهبون إلى أعمالهم ومدارسهم، ويستمتعون بإجازاتهم الأسبوعية أو الموسمية بشكل طبيعي للغاية، والهيئة العليا للسياحة لن تغير أي شيء في برامجها وخططها بسبب هذه الأعمال سواء بالنسبة لكثافة البرامج والفعاليات السياحية أو بالنسبة للعقود التي وقعناها لتسويق السياحة الوطنية، بل بالعكس نحن في الواقع زدنا في تركيزنا على الفعاليات الجديدة، ونسعى إلى تقديم مواعيدها في العام القادم، حيث إننا على ثقة إن شاء الله بأن الدولة والمواطنين قادرون على تجاوز هذه الأزمة.
* ماذا عن توجه المواطنين نحو السياحة الخارجية قبل الأحداث التي شهدتها بعض مناطق المملكة وبعدها؟
- لا أرى أي تأثير، وإذا كانت بعض الدول مثل لبنان قد شهدت زيادة في تدفق السياح السعوديين فإن ذلك كان على حساب دول أخرى، لأن التأشيرات أصبحت صعبة لبعض الدول الأوروبية وبعض الدول الأخرى، بينما أصبحت ميسرة لدول أخرى، ولدينا في الهيئة هذا العام دراسة موسعة عن السياحة الخارجية ستظهر نتائجها بعد الصيف تتضمن إحصائيات عن حجم التدفق السياحي لعشر دول كما تتضمن لأول مرة دراسات للتعرف على رغبات السياح السعوديين الذين يستطيعون الذهاب لبعض الدول وفقاً لخصائص هذه الدول.. لأن ما نطمح إليه هو أن يخصص السائح السعودي الذي اعتاد أن يقضي إجازته خارج المملكة جزءًا من وقته للسياحة داخل المملكة، وهذا هدف واقعي حددته الإستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية إذ لا تستطيع أي دولة أن تنجح في إبقاء جميع مواطنيها طوال فترة الصيف، بل نحن نسعى إلى اقتطاع جزء من إجازة الصيف لقضائها في المملكة، وأيضاً الاقتطاع من فترة الصيف لصالح سياحة طول العام، وكما تعلم أن الهيئة أجرت بتوجيه من المقام السامي وبطلب من سمو سيدي رئيس مجلس إدارة الهيئة - وبالتنسيق والتشاور المستمر مع وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي - دراسة موسعة حول العلاقة بين موسمية السياحة والإجازات الدراسية، وخلصت الدراسة إلى تقديم تصور متكامل لإعادة هيكلة الإجازات المدرسية، وقد وافقت اللجنة العليا لسياسة التعليم على هذا التصور، كما وافق عليه مجلس إدارة الهيئة، وتم رفعه إلى المقام السامي ونحن ننتظر صدور التوجيهات حوله، فهيكلة الإجازات قضية مهمة، لأن الإجازات أو وقت الفراغ هو وقود السياحة، وإعادة هيكلته بطريقة صحيحة من أهم الأدوات التي تستخدمها الهيئة لدعم السياحة المحلية والاقتصاد الوطني، والتخفيف من موسمية صناعة السياحة بحيث تكون المناشط السياحية في مناطق المملكة مستمرة طوال العام، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة أعداد السياح، وتنوع المنتجات والبرامج والخدمات السياحية، وبدون هيكلة الإجازات المدرسية هيكلة صحيحة ستكون فرص النجاح أقل بالنسبة لزيادة معدلات السياحة الداخلية والاستفادة منها للاقتصاد الوطني.
* ماذا عن المصطافين الأجانب الذين يتدفقون إلى المملكة أيام الصيف هل أثرت التفجيرات التي شهدتها البلاد على هذه الفئة من السياح؟
- أبداً، لأنه أولاً أكثر المتدفقين يأتون للعمرة والسياحة المرتبطة بالعمرة، ولذلك نحن نرى اليوم أن الأرقام أعلى بكثير من أي سنة مضت، وقبل أيام تحدثت مع أحد ملاك الفنادق الكبيرة في مكة المكرمة وأبلغني أن حجوزاتهم وصلت 100% تقريباً، وهذا ينطبق على أكثر الفنادق في مكة المكرمة، وحتى في المدينة المنورة، وكذلك في الطائف وجدة ومناطق الاصطياف الأخرى في بلادنا أيضاً.
* نفهم من حديث سموكم بأن السياحة الداخلية بشكل عام لم تتأثر من الأعمال الإرهابية؟
- نعم لم تتضرر بل بالعكس نجد ارتفاعاً في السياحة الداخلية وإقبالاً كبيراً عليها والحمد لله، والأعمال الإرهابية كما تعرف محصورة، والأجهزة الأمنية في المملكة تقوم بدور كبير جداً في محاربة هذه الفئة الضالة، وما حققته المملكة من إنجازات أمنية في هذا المجال شهد به الكثيرون الذين رأوا أن المملكة تفوقت على دول متقدمة في ذلك، وهذه الإنجازات طمأنت الناس الذين يمارسون حياتهم بشكل طبيعي جداً.
* ما نصيحتكم لأبناء الوطن من مخاطر هذا الفكر الدموي والعناصر الإرهابية الضالة؟
- هذا الفكر دخيل على المجتمع السعودي، وهؤلاء المخربون تأثروا بأفكار وعقائد منحرفة ووافدة من الخارج، فالمواطن السعودي يشعر بالمسؤولية عندما يتسبب في تخريب شيء ما في الشارع لأنه خرب شيئاً ملكاً للوطن والبلد، فما بالك بمواطن يأتي ويقتل ويخرب ويفجر، فهؤلاء بلا شك مواطنون وقعوا ضحية تأثير أفكار وافدة من خارج بلادهم ولكن النتيجة واضحة بفضل الله فهذا الفكر مدحور، وجميع أبناء الوطن متضامنون ضد هذه الأعمال الإرهابية وضد هؤلاء، حتى أسرهم وقفت ضدهم، وأنا مطمئن بشكل كبير إن شاء الله فهذه البلاد قوية ولله الحمد، وقد مرت بأزمات وخرجت منها وهي أقوى، ونحن نرى الآن بحمد الله تألقاً وتماسكاً بين القيادة والمواطنين فالقيادة يعتبرون أنفسهم مواطنين والمواطنون يعتبرون أنفسهم مسؤولين، ولذلك فالنتيجة محسومة بإذن الله لصالح الحق والوطن والمواطن.
* سمو الأمير بعيداً عن ملف الإرهاب، ما الآليات التي وضعتها الهيئة لتوحيد أسعار السكن وعدم المغالاة فيه وذلك بما أن السكن يمثل هاجساً كبيراً للمصطافين والسياح؟
- الهيئة أجرت دراسة مقارنة لتكلفة السياحة المحلية والخارجية قامت خلالها بتحليل جميع العروض السياحية في الوجهات الخارجية التي يسافر إليها السعوديون، والمناطق السياحية الداخلية في مناطق أبها، ومكة وجدة، والشرقية، ومقارنة الأسعار التي تشمل تذاكر السفر، والإقامة، وبعض الخدمات وقد كشفت هذه الدراسة عن انخفاض أسعار الحزم السياحية الداخلية التي تقدمها وكالات السفر والسياحة العاملة في مناطق المملكة عن مثيلاتها الخارجية في أوروبا وبعض الدول العربية والشرق أوسطية ودول جنوب شرق آسيا، وعلى سبيل المثال أوضحت هذه النتائج أن منطقة أبها تعد الأقل سعراً على مستوى مناطق المملكة وحتى على مستوى دول شرق آسيا، حيث تعد أبها الأقل أسعاراً باستثناء ماليزيا، في حين بينت الدراسة أن معدل الأسعار في لبنان تزيد بمعدل 67% عن المناطق السياحية الداخلية في أبها، وجدة، والشرقية أما العروض السياحية في أوروبا بأسعارها تزيد كذلك بمعدل الضعفين عن العروض المقدمة في المملكة، وكذلك فرنسا التي تزيد بنسبة 400%، أما لندن فهي تزيد بنسبة 300%، ونتائج هذه الدراسة موجودة على موقع الهيئة على الإنترنت وبإمكانك الرجوع إليها، لكن الإشكالية لدينا تكمن في عدم وجود ثقافة سياحية داخلية لدى الكثير من المواطنين، فبعض هؤلاء يسافر إلى الوجهات السياحية الداخلية بدون أن يحجز للسكن، ومن ثم يفاجأ بعدم وجود سكن ملائم، أو وجوده بأسعار مرتفعة لأن هناك بالتأكيد فرقاً بين من يحجز مبكراً وبين من لا يحجز إلا قبل أسبوع من سفره أو لا يحجز أبداً فهذا سيجد الأسعار مرتفعة وخصوصاً أوقات الذروة، أما السياحة الخارجية فالناس عادة يتجهون إلى منظمي الرحلات السياحية الذين يعدون لهم حجوزات سكن، وبرامج سياحية محددة سلفاً، وتكون أرخص عادة لأن هذه المؤسسات تقوم بالتفاوض مع أماكن الإيواء السياحي للحصول على أفضل الأسعار، وتكون هذه الأسعار أرخص، وتكون هذه الأسعار مرتفعة في فترة الذروة، وهذا ما نعمل عليه الآن في الهيئة لتحويل السياحة من مجرد فعاليات متشتتة وغير منتظمة إلى صناعة، وتحويلها إلى صناعة يملي علينا أن يكون لدينا ما نسميه منظمي الرحلات السياحية الذين كما يحدث في أي مكان في العالم ينظمون رحلة سياحية للأسرة ومجموعة أسر وهم يتفاوضون في الأسعار، وإن شاء الله قريباً سوف تسمع كثيراً من الإنجازات هذا العام فيما يتعلق بتطوير قطاع المنظمين للرحلات السياحية وتطوير أسواق السفر والسياحة وخاصة الجانب الإلكتروني منها، هذا بالإضافة إلى أن تنظيم الهيئة الجديد وهو مرفوع إلى مجلس الوزراء حالياً يقترح أن تتولى الهيئة مسؤولية الإشراف على قطاع الإيواء السياحي كالفنادق والوحدات والشقق المفروشة ومن هذا المنطلق سنعمل على إحداث نقلة نوعية في هذا القطاع الهام للسياحة الوطنية، ورغم أننا لا نؤمن بالتدخل في تحديد الأسعار بل بالعكس نؤمن بالمنافسة المفتوحة وإتاحة الفرص إلا أننا نعتقد أن نمو هذا القطاع وحل الكثير من الإشكالات التي يعاني منها، وتنظيم العلاقة بينه وبين قطاعات السياحة الأخرى وبخاصة وكالات السفر ومنظمي الرحلات السياحية ستسهم في تخفيض الأسعار، وتحسين مستوى الجودة في المنشآت الإيوائية.
* كم وصلت واردات السياحة خلال العام الماضي، وكم تتوقعون هذا العام؟
- ينظر نظام الحسابات السياحية الإحصائي في الأثر الاقتصادي للسياحة، وهو غير موجود في المملكة، والسياحة ليست محسوبة اليوم كقطاع منفصل بل محسوبة ضمن قطاعات متداخلة، ونحن نعمل الآن مع بعض مؤسسات الدولة ومنظمة السياحة العالمية على أن تكون السياحة قطاعاً اقتصادياً مستقلاً له حساباته الخاصة، وكخطوة في هذا الإطار ستصدر الهيئة هذا العام بعض الإحصائيات الأولية فيما يتعلق بأثر السياحة على الاقتصاد الوطني.
* هل هناك إشراف مباشر من قبل الهيئة على المهرجانات والفعاليات الصيفية التي تقام في كثير من مناطق ومحافظات المملكة؟
- لا ليس هناك إشراف مباشر ولا يجب أن يكون هناك إشراف، إذ أن منهج العمل في الهيئة وثقافتها الإدارية والتنظيمية تقوم على اللا مركزية وتوزيع الصلاحيات والاختصاصات ولذلك فهي تعمل على تقديم الدعم والمساندة وتشجيع المبادرات التي تقوم بها المناطق والمحافظات - وحتى المؤسسات والأفراد - لتنشيط السياحة الداخلية، ونحن نعمل الآن على ترسيخ هذا النهج من خلال إنشاء أجهزة التنمية في المناطق حيث نريد للمناطق أن تكون قادرة على التنظيم المستديم والقائم على أسس سليمة، وعندها إمكانات وقدرات لتنمية السياحة المتنوعة والشاملة طوال العام وليس فقط لتنظيم المهرجانات الصيفية، ودور الهيئة في المرحلة الأولى هو بناء هذا الشريك في المناطق وسوف نبدأ في منطقة حائل تقديم برنامج (تهيئة الشركاء في التنمية السياحية) وهو نموذج جديد لتهيئة شركاء الهيئة في المنطقة التي أنهت إعداد خطتها السياحية، وبالتعاون مع إمارة المنطقة ومجلس المنطقة، والوزارات الحكومية، والقطاع الخاص، ليتمكنوا من التعامل مع هذه الصناعة الجديدة التي تحتاج إلى تكاتف الجميع، وهي صناعة المجتمع بكافة مؤسساته وفئاته وأفراده وليست قضية جهة واحدة ولذلك لا بد من تضافر الجهود وتنسيقها بين جميع الجهات، والدولة أنشأت هيئة السياحة كمؤسسة يضم مجلس إدارة (12) وزيراً يمثلون عدداً من الوزارات والجهات الحكومية ذات العلاقة بصناعة السياحة لترسيخ هذا المفهوم، ولذلك بالنسبة للمهرجانات هي في الواقع أداة واحدة فقط في قطاع التنمية السياحية وسوف ترى بداية هذا العام فعاليات كثيرة على طول العام وليس فقط في الصيف فنحن نريد أن تزدهر السياحة طوال العام وفي أوقات الإجازات وأوقات نهاية الأسبوع.
* سمو الأمير أشرت في بداية حديثك وفي تصريحات سابقة إلى أن السياحة هي فرص عمل والسؤال كم استوعبت الهيئة من فرصة عمل للشباب السعودي حتى الآن؟
- الهيئة لا تستوعب فرص عمل وإنما السياحة كصناعة هي التي تستوعب فرص العمل والسياحة الآن بدأت في النمو لكن هيئة السياحة تنتظر الآن صدور بعض القرارات الحكومية الرئيسية فيما يتعلق بتنظيم الهيئة وإعطائها الصلاحيات التي تحتاجها لتنفيذ الإستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية التي أقرها مجلس الوزراء الموقر، حتى تعمل بالتضامن والتعاون مع مؤسسات الدولة والمناطق والقطاع الخاص لتحقيق النتائج التي تطمح إليها الإستراتيجية، ونحن الآن نعمل على إعادة هيكلة صناعة السياحة بالكامل لكي تكون صناعة حقيقية وليست صناعة مبعثرة ومشتتة من الناحية الاقتصادية مما يحدث أحياناً أثراً اقتصادياً سلبياً قد لا ندركه، فبعض الفعاليات لها أثر اقتصادي سلبي مع أنها قد تبدو مع ازدحام الناس وكأنها قد حققت نجاحاً هائلاً، ولذلك تعمل الهيئة على نمو الصناعات التي تدعم السياحة من خدمات ومنتجات وغيرها خلال العشرين سنة القادمة التي يتوقع أن توفر مليوناً وخمسمائة ألف وظيفة، وهذا الرقم لن يتحقق إذا لم تنفذ الإستراتيجية التي أقرها مجلس إدارة الهيئة ومجلس الشورى ومجلس الوزراء الموقر بالطريقة التي يجب أن تنفذ بها، لأن فرص العمل هذه لن تنتج فقط بمجرد أن هناك إستراتيجية بل بإعادة هيكلة السياحة الوطنية بالكامل كما نصت على ذلك هذه الإستراتيجية، ومن أهم الأشياء التي يجب أن تحدث تأسيس أجهزة السياحة في المناطق، وكذلك الدعم المالي للسياحة، لأن الإستراتيجية ليست فقط إستراتيجية توقعات وأرقام، وإنما إستراتيجية بنت هذه التوقعات والأرقام على اعتبارات أساسية تتعلق بالهيكلة فالسياحة الوطنية كما تعرف اليوم ليست صناعة مترابطة ومتكاملة بل هي في الواقع فعاليات اقتصادية واجتماعية متناثرة ومشتتة إلى حد كبير، ولقد كانت الدولة واعية ومدركة لأهمية السياحة وطبيعتها كصناعة معقدة ومتداخلة وتحتاج إلى تكاتف الجميع في الجهات الحكومية والقطاع الخاص عندما قررت أن تنشئ الهيئة العليا للسياحة - كهيئة وليست كوزارة - برئاسة النائب الثاني وعضوية اثني عشر وزيراً في الدولة وآخرين من القطاع الخاص والمجتمع، وهذا قرار صائب ويعكس بعد نظر، والآن هيئة السياحة تنتظر تمكينها لتعمل على إعادة هيكلة السياحة جذرياً بما يتوافق مع ما يحدث في العالم اليوم في صناعة ضخمة وسريعة النمو مثل السياحة، ولهذا فإنها لن تتحقق النتائج التي أعلنتها الإستراتيجية ومنها فرص العمل، وتحقيق هذه الأرقام العالية من فرص العمل مرتبط بنمو صناعة السياحة لرفع الطلب على السياحة، ورفع مستوى الخدمات، وإدماج المواطنين السعوديين ضمن برامج مركزة ليتمكنوا من الانتظام في هذه الصناعة ويقدموا هذه الخدمات، وقد بدأنا الآن بالفعل في تنظيم هذه البرامج.. وفي نهاية الأمر السياحة في أي دولة في العالم اليوم هي صناعة أكل وعيش ورزق للناس في كل المدن الصغيرة والكبيرة والقرى وما تحتاجه السياحة لدينا هو برنامج مركز لإعادة الهيكلة، وهذا البرنامج أعدته الهيئة على أسس علمية رصينة مستصحبة في ذلك (68) تجربة عالمية لأكثر من (45) دولة نامية وضبط الجودة والأنظمة، والإدارة السياحية، ولم يكن هناك أي ثغرة أو قصور في عملية استيعاب تجارب تنمية السياحة، إلا واطلعت الهيئة، كما قمنا بدراسة وبحث المشروع مع كافة الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة ومن ثم قدمنا مشروعاً متكاملاً أقره مجلس إدارة الهيئة للسياحة بجميع أعضائه بدون استثناء ومنهم (12) وزيراً في الدولة، ثم أقر من مجلس الشورى ومن ثم مجلس الوزراء الموقر، لكن تنفيذ هذا البرنامج يتطلب تغييرات تنظيمية، وتنظيم الهيئة الجديد المقترح يعطي للهيئة البعد التنظيمي الذي يمكنها من أن تشرف على تنفيذ الإستراتيجية بما في ذلك بناء الشركاء في المناطق أو في القطاع الخاص الذين سيكونون مع المجتمعات المحلية عماد نمو هذه الصناعة بإذن الله.
* هناك من يتخوف بأن فرص العمل التي تحدثت عنها قبل قليل وفي تصريحات سابقة سوف يحظى بها الأجانب على حساب أبناء الوطن وذلك لعدم قناعات رجال الأعمال السعوديين بوعي وتأهيل قدرات الشباب السعودي في المجال السياحي؟
- دعني أجيب على الجزء الثاني من سؤالك، وهو المتعلق بقدرة وتأهيل الشباب السعودي على العمل في المجال السياحي، هناك فرق بين المقدرة والتأهيل، والسعوديون عندهم المقدرة للقيام بأي عمل، وتاريخهم القديم والحديث أثبت ذلك، ولدينا عشرات الأمثلة بدءًا بتجربة شركة أرامكو أو شركة سابك في قطاعات التصنيع وتجارب أخرى كثيرة في قطاعات الزراعة والأعمال وإدارة البنوك والشركات، وكل هذه التجارب أثبتت أن السعوديين متميزون، بل إن بعض الشركات غير السعودية أصبحت تستقطب المواطنين السعوديين لأن المملكة كدولة استثمرت في المواطنين ووفرت لهم فرص الدراسة والتعليم والابتعاث، إذن الشباب السعودي لا تنقصه المقدرة على العمل في القطاع السياحي، ولديهم القبول والإمكانية، والسياحة صناعة تتوافق مع طبيعة السعوديين، ولكن بالفعل قد ينقصهم التأهيل والتدريب، وهذا ما نعمل على معالجته من خلال الإستراتيجية السياحية، ولذلك أنشأنا المشروع الوطني لتنمية الموارد البشرية السياحية، وهو مشروع مهم وطموح ولديه العديد من البرامج التنفيذية فيما يتعلق بالسعودة، والتعلم والتدريب السياحي وخدمة العملاء وغيرها، وتأهيل المواطنين للعمل في القطاع السياحي عملية مهمة ومركزة لأننا نريد أن نوفر فرص العمل للمواطنين السعوديين لكنها في الوقت ذاته ليست مهمة سهلة، ولا أحب أن أجامل في ذلك فالعملية لن تكون بسيطة ولكن نحن متفائلين جداً لأنها ممكنة ولكن بشروط إذ أن بناء قطاع اقتصادي جديد وكبير يحتاج إلى رعاية وقرارات كبيرة مثلما كان الأمر مع قطاع الصناعة فعندما أرادت الدولة أن تبني قطاع الصناعة ضخت الدعم المالي والدعم التدريبي والأنظمة وأعطت الصلاحيات حتى ينمو هذا القطاع وينجح كما حصل الآن الحمد لله والمملكة تعتبر من أكبر الدول الصناعية في العالم العربي، وعندما أرادت الدولة أن تنشئ قطاع الزراعة فعلت الشيء نفسه، والآن الدولة أنشأت هيئة السياحة والهيئة قدمت حسب ما طلبت الدولة خطة إستراتيجية متكاملة أقرت من جميع الأطراف ونحن متحفزون وجاهزون لتنفيذ هذه الخطة الإستراتيجية التي تحوي مبادرات إدارية واقتصادية غير مسبوقة في المملكة.
* هل هناك نية بعد الهيكلة لرفع مستوى الهيئة إلى وزارة؟
- أولاً نحن ننظر للسياحة كصناعة يجب أن يتولاها الشركاء في المناطق وفي القطاع الخاص والمجتمعات المحلية ولا تتولاها الحكومة، والحكومة يجب أن يكون دورها هو دور المنسق والمساند والمشرف والذي يضمن الجودة والحد الأدنى من تقديم الخدمات لكن لا يجب أن تكون الحكومة هي الجهة المركزية المسيطرة على صناعة حساسة ومتداخلة ومتشعبة مثل السياحة والتي هي صناعة اقتصادية ذات نمو عالٍ جداً ولن تستطيع أي جهة حكومية واحدة أن تواكب هذا النمو، ولذلك حددت الإستراتيجية العامة فترة الخمس سنوات الأولى من خطة العمل التنفيذية أو ما نسميه نحن العناية المركزة التي هي فترة إحداث النقلة النوعية الشاملة من خلال هيكلة صناعة السياحة جذرياً وتنظيمها وإعادة هيكلة الأجهزة السياحية وبناء أجهزة القطاع الخاص، والجمعيات التجارية المهنية، وتدريب المجتمعات المحلية، وتهيئة الشركاء، ويجب أن يكون دور الهيئة بعد ذلك الشريك المساند وليس الشريك المهيمن، لذلك تحويلها إلى وزارة ليس هدفاً ولا يجب أن يكون هدفاً، بل بالعكس فالعصر الذي نعيشه اليوم هو عصر تراجع هيمنة المؤسسات الحكومية وسيطرتها على القرارات التي يجب أن تنبع بطريقة لا مركزية، وبمساندة من القطاع الخاص، ولذلك فإن المنهج الذي تسير عليه الهيئة يمثل نهجاً جديداً لتنمية قطاع اقتصادي جديد وكبير وهام، والدولة اختارت أن تكون الجهة المشرفة على هذا القطاع هيئة وليست وزارة، وهذا قرار حكيم يدل كما سبق على بعد نظر، إذ أن ذلك يتوافق مع طبيعة هذه الصناعة ويتوافق كذلك مع العصر الحديث وهو عصر دعم القطاع الخاص ودعم المناطق وليس عصر المركزية في اتخاذ القرارات التي تخص صناعة سريعة النمو مثل السياحة.
* سمو الأمير متى تخرج الهيئة من مرحلة العناية المركزة كما تسميها؟
- العناية المركزة بدأت قبل حوالي ثمانية أشهر وهي مقرر لها خمس سنوات، ولكن إذا لم تُمكَّن الهيئة وتعطى الإمكانيات التنظيمية والمالية التي نصت عليها الإستراتيجية فذلك سينعكس على فترة العناية المركزة التي لا نريدها أن تطول، ونحن نتمنى أن تكون أقل من خمس سنوات، نريد أن تخرج الدولة من قيادة تنظيم هذه الصناعة إلى دورها الحقيقي وهو دورها الإشرافي كشريك مساند، ولذلك نريد أن نخرج بسرعة ونحدث النقلة المؤملة في المناطق، وأن يكون هنالك أجهزة محلية قادرة على أن تنطلق وتنمو بالسياحة ذاتياً مع دعم الهيئة ومساندتها، ونريد للقطاع الخاص أن ينطلق ويتحرك، ولذلك نحن افترضنا في الإستراتيجية وفي تنظيم الهيئة الجديد إعادة تكوين بعض الأنظمة والصلاحيات والتداخلات، ومن ثم يجب أن نبدأ في تنمية الوجهات السياحية الجديدة، والإستراتيجية حُددت فيها أربعون وجهة سياحية، بعضها وجهات سياحية لم تطور بعد وتحتاج إلى تطور، وهذا كله يحتاج إلى بناء التنظيمات والمؤسسات المساندة مثل أجهزة السياحة في المناطق، وشركات التنمية السياحية، وغيرها من التنظيمات الكفيلة بتفعيل الشراكة مع المناطق والقطاع الخاص لبناء وجهات سياحية متكاملة، تماماً مثلما حدث في عدد من الدول التي نجحت في بناء سياحة مزدهرة ومستقرة مثل مصر أو المالديف أو ماليزيا وغيرها حيث لم تحدث تنمية تلك الوجهات السياحية بمجرد تأجيرها؛ بل حدثت لوجود شراكة حقيقية في بناء وجهات سياحية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار رغبات ومتطلبات السوق المحلي، والأسواق المستهدفة، وتدفقات السياح، والهيئة نجحت في بناء جهاز حديث متمكن يستطيع فعلاً أن يحدث هذه النقلة، ونحن ننتظر إعطاء الضوء الأخضر لنبدأ توصيات هذه الإستراتيجية.
* ما أبرز الصعوبات التي تواجهونها في السياحة؟
- لعلي أشرت في إجابات سابقة إلى بعض هذه الصعوبات، والتي يعود معظمها إلى طبيعة السياحة كصناعة متشعبة، ومعقدة، ومتداخلة الاختصاصات والصلاحيات مع قطاعات أخرى وجهات أخرى، وقد سعت الهيئة للتغلب على هذه المعوقات من خلال نموذج جديد تمثل في توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع بعض الوزارات والمؤسسات ذات الصلة بقطاع السياحة بالإضافة إلى المناطق التي ستحتضن الأجهزة السياحية الجديدة والإستراتيجيات السياحية التي يفترض تطبيقها في كل منطقة، وقد بلغ عدد مذكرات التفاهم التي تم توقيعها حتى الآن حوالي 24 مذكرة، وهذه المذكرات تمثل نهجاً إدارياً حديثاً يطبق لأول مرة على مستوى المملكة لكنه موجود ومطبق في العديد من الدول المتقدمة، ومن بينها مذكرات تفاهم حتى تنظم اختصاصاتها وصلاحياتها لتكون شراكتها شراكة بناء وليست شراكة تداخل اختصاصات وتشاحن واحتكاك، وقد تبنينا في الهيئة هذا النموذج الجديد الذي اعتقد أنه بالنسبة لنا نموذج ناجح لأنه هيأ لنا أن نتعاون كمؤسسات حكومية، ونبني، ولا ننشغل بأمر التداخلات والصلاحيات، وأن نحسم الأمور منذ بدايتها ونناقشها ونتفاوض عليها بكل ود وتعاون، وفي نهاية الأمر فإن ولاة الأمر والمواطنين يريدون أن تكون المؤسسات الحكومية أدوات لتنفيذ الأهداف لا أن تكون المؤسسات ذاتها هي الهدف والغاية.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved