*القاهرة - عادل ابراهيم (أ ش أ ):
أعرب مراقبون اقتصاديون عن مخاوفهم من أن تودي الارتفاعات المتوالية في أسعار النفط إلى إحداث تأثيرات سلبية على حركة الاقتصاد العالمي مما قد يتسبب في ارتفاعات هائلة في أسعار المنتجات الصناعية ويترتب عليها من احتمالات حدوث موجة من الركود الاقتصادي العالمي.وأرجعوا الارتفاع الحاد الحاصل في الاسعار والذي تجاوز حاجز 44 دولارا للبرميل من الخام الامريكي إلى عوامل نفسية وسياسية واقتصادية تضافرت في احداث الطفرة غير العادية التي شهدها السوق النفطية حالية.
واشاروا إلى ان محاولات منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك زيادة انتاجها حتى وصلت إلى 95 في المائة من طاقتها الانتاجية الكلية لم تفلح في كبح جماح الارتفاع المتواصل في الاسعار.. وعزا المراقبون فشل أوبك في وقف الارتفاع المستمر في الاسعار إلى عوامل عدة منها السياسية على رأسها التطورات في منطقة الشرق الاوسط والوضع في العراق، حيث يزداد القلق من احتمالات تعرقل صادرات النفط العراقية بسبب الوضع الامني غير المستقرط اضافة إلى العوامل النفسية مثل المخاوف من أن تتخذ الولايات المتحدة اجراءات ضد ايران - التي تعد من بين اكبر مصدري البترول في العالم - بعد ان لمح الرئيس الامريكي جورج بوش باحتمالات مرور منفذي هجمات 11 سبتمبر عبر الاراضي الايرانية.
وقال المحللون ان العوامل الاقتصادية تبقي الاهم وفي مقدمتها الزيادة المتواصلة في الاستهلاك العالمي للبترول على رأسها الولايات المتحدة التي ازداد حجم استهلاكها إلى أكثر من 20 مليون برميل يوميا بعد ان كان لا يتجاوز 18 مليون برميل يوميا قبل سنوات قليلة فضلا عن تزايد الاستهلاك في الدول الاخرى كثل الصين والهند.
واشار الخبراء إلى ان الربع الاول من عام 2004 شهد زيادة في الطلب العالمي على النفط بمعدل مليون إلى 1.5 مليون برميل يوميا نتيجة وجود موشرات على تحسن معدلات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الامريكية واليابان وحتى في أوروبا موكدين ان ارتفاع معدلات النمو في هذه المناطق عن المعدلات المتوقعة سيزيد من الطلب على النفط بمعدلات تزيد عن الحالية بكثير.ويرى المراقبون ان الشركات النفطية الأمريكية التي تسيطر على السوق النفطى قد تضاعفت أرباحها بسبب زيادات الانتاج التي قامت بها، مشيرين إلى أن تلك الشركات لديها فرص كبيرة للتنقيب في حقول نفط جديدة وزيادة استثماراتها وهي لن تعاني من الكلفة المرتفعة هذه المرة نظرا للعوائد المرتفعة التي حققتها خلال الشهور الأخيرة بسبب ارتفاع الأسعار. ويشيرالمراقبون إلى أن زيادة الأسعار ليست مرتبطة بنقص فعلي في امدادات الطاقة بل بزيادة الطلب الحاد وغير المتوقع من الدول الآسيوية والذي تزامن مع وجود مشاكل في مصافي النفط في العالم والمخاوف من الأعمال الإرهابية.ويعزو المتعاملون في سوق النفط هذا الارتفاع في الأسعار إلى النمو الاقتصادي الذي تشهده الصين حاليا، حيث تقدر حاجة الصين من النفط هذا العام بنحو 110 ملايين طن، ويشكل الطلب الصيني على النفط زيادة هذا العام بنسبة 21 في المائة مقارنة بمستوى طلبها العام الماضي حيث تقدمت الصين لتصبح ثاني أكبر مستورد للنفط بعد أمريكا.وتزامن الطلب الصيني المتزايد على النفط مع تحذير السلطات الأمريكية من امكانية وقوع عمليات إرهابية داخل الولايات المتحدة الأمر الذي تسبب في اشاعة القلق في سوق النفط وارتفاع اسعار الخام بالتالي.وجاء رد فعل أسعار البترول العالمية بالصعود على نبأ الغاء اجتماع مؤتمر الاوبك الاستثنائي الذي كان مقررا له يوم 21 يوليو الماضي وعلى غير التوقعات عندما صعدت الاسعار بشكل ملفت للنظر على اساس ان قرارات مؤتمر بيروت في الثالث من يونيو الماضي جرى تنفيذها بالاجماع حسب الاتفاق الذي اقره وزراء الاوبك برفع سقف انتاج المنظمة من 23.5 مليون برميل يوميا إلى 25.5 مليون برميل يوميا اعتبارا من اول يوليو الماضي ورفع هذا السقف مرة ثانية بزيادة قدرها 500 الف برميل من اول اغسطس الحالي ليصبح سقف الانتاج الاجمالي 26 مليون برميل يوميا دون احتساب ما ينتجه العراق.وازدادت المخاوف بين أوساط المحللين بعد الغاء مؤتمر الاوبك الذي كان الكثيرون يضعون عليه آمالاً قوية في ان يؤدي إلى احداث استقرار في سوق البترول وان ترسخ الأسعار التي حددتها للسقف المقترح اقدامها.
وألمح عدد من وزراء اوبك ان المنظمة تستطيع تنفيذ الزيادة ببساطة دون ان تتعرض الاسعار لاية تقلبات حادة حتى موعد المؤتمر العادي للمنظمة النصف سنوي في منتصف سبتمبر المقبل.
ويعتقد المراقبون أن تصريحات رئيس الأوبك الحالي وزير النفط الأندونيسي يورنومو يوسجيانتورو والتي أكد فيها حرص المنظمة على ضخ المزيد من النفط للحفاظ على استقرار الاسعار لم تؤثر كثيراً على الأسعار والحد من ارتفاعها المطرد.ويحمل يوسجيانتورو المضاربون لسبب تلك الارتفاعات في اسعار النفطط غير مستبعد ان تستمر الأسعار في الارتفاع على المدى القصير ملوحاً بامكانية تدخل أوبك بزيادة الانتاج بنسبة تصل إلى 12 في المائة في حال حدوث نقص في الامدادات.
والجدير بالذكر أن أسعار البترول الآن تتجاوز الحد الأقصى للنطاق السعري المستهدف لسلة منظمة أوبك بين 28.22 دولاراً للبرميل منذ بداية العام الحالي.. وتضم سلة أوبك خام صحاري الجزائري وميناس الاندونيسي وبوني الخفيف النيجيري والخام العربي الخفيف السعودي وخام دبي وتيا خوانا الفنزويلي وايستموس المكسيكي.
كما تبدي دول الاوبك مثل السعودية استعداداتها لزيادة انتاجها من النفط الخام في محاولة لوقف ارتفاعات الاسعار.. كما عبر وزير النفط الاماراتي عن تأييده لزيادة سقف الانتاج لمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، مشيراً إلى ان الزيادة يجب ان تكون باكثر من مليوني برميل يوميا حتى تكون مؤثرة بالسوق.وفي السياق نفسه.. اعلنت الكويت تأييدها لزيادة الانتاج لتلبية طلبات المستهلكين المساهمة في تهدئة اسواق النفط العالمية واستقرار الاقتصاد العالمي.. ويخشى المتعاملون في سوق النفط من آثار استمرار ارتفاع اسعار الخام خلال الأشهر المتبقية من هذا العام في ظل الظروف السياسية المتوترة في مناطق مختلفة من العالم ولا سيما في الشرق الأوسط والعراق.. وإذا كان البعض يستغل الظروف لجمع الأموال إلا انهم لا يدركون الخطورة في هذا الأمر والتي تكمن في انه كلما جعلت الأسعار مرتفعة لوقت طويل كانت هنالك مجازفة بأن تشهد انهيارا في الاسعار.
ويرى المراقبون أن على أوبك الآن أن تدعم الحوار بينها وبين الأطراف المعنية بالطاقة في العالم لاستمرار العمل على استقرار السوق البترولية الدولية.. وأن تتم دائماً مراجعة التطورات المستجدة في السوق البترولية للحصول على سعر عادل لبرميل البترول، فالحصول على السعر العادل هدف نبيل يسعى إليه كل منتج لأي سلعة.
ولا شك أن الاجتماع الوزاري العادي المقبل في منتصف سبتمبر لدول أوبك سيكون هدفه الأول السعي إلى إعادة الاستقرار إلى السوق النفطية حيث إن تقلبات أسعار النفط الحالية له عوامل سلبية..
|