Saturday 4th September,200411664العددالسبت 19 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

المنشود المنشود
أين يذهبون؟!
رقية الهويريني

ما إن يعود المعلمون والمعلمات إلى مدارسهم، ويبدأ التسجيل، حتى ينبري المدراء والمديرات برفض قبول تسجيل الطلبة والطالبات المستجدين أو الذين يرغبون النقل، بدعوى ضيق المساحة في المباني المدرسية. ومما زاد الطين بلة، إقرار مدراء التعليم في المناطق لهذا الإجراء، دون التفكير بمصير الطلبة والطالبات الذين يُرفض تسجيلهم، مما يدعو أولياء الأمور للبحث عن واسطة لتسجيل أبنائهم الصغار بعد معركة قبول الكبار في الجامعات التي لم نستيقظ من صدمتها بعد، وبات من المألوف أن تجد أحاديث الأسر تدور حول محور القبول والتسجيل.
ومن العجيب قيام الإدارات العامة لتعليم البنين والبنات بتكوين مراكز ولجان للقبول والتسجيل في مكاتب الإشراف التربوي لمواجهة المشاكل الناتجة عن هذا القرار الخاطئ القاضي بتفويض مديري ومديرات المدارس بقبول أو عدم قبول الطلبة والطالبات، ويأتي ذلك التفويض لمعالجة الفراغ والخمول الذي تعاني منه تلك المكاتب ولتنشيط حركة العمل بها ومنحها الأهمية المفقودة طيلة العام!! وفيها يتفضل بعض المشرفين والمشرفات (بالفزعة) الشخصية بإرسال وريقات تحمل توصيات ملزمة للمدراء والمديرات بضرورة القبول، أو يكون العقاب تجاهل احتياج المدرسة من المعلمين والمعلمات أثناء العام الدراسي!!
ولعلنا نتساءل: طالما أنه سيتم قبول جميع الطلبة والطالبات بعد بداية الدراسة بأسبوع أو أسبوعين فلِمَ العناء إذن؟ ولِمَ إشغال الأسر وإحراجهم بالاستجداء تارة وبالبحث عن واسطة تارة أخرى؟؟ مع إدراكنا بإلزامية التعليم العام ومجانيته وأحقيته للطلبة الذي ما فتئت وزارة التربية والتعليم تدعو إليه وتنادي به في كل محفل وندوة!!
وفي السنوات الأخيرة ابتدعت إدارات المدارس (تقليعة) إلزام الأهالي إحضار صك تملك للمنزل أو عقد الإيجار وكروكي لموقع السكن، مع آخر فاتورة كهرباء ولا يمنع من إحضار فواتير أخرى تدعم الأمر وتعززه، مما أنعش مكاتب العقار، بإصدار عقود إيجار وهمية مقابل مبالغ نقدية، حيث دأبت الأسر على نهج هذه الوسيلة للتحايل على أزمة القبول، كما تظهر بشكل جلي المروءة والشهامة عند بعض الأشخاص، والتي يفتقدها آخرون حيث يشترطون تسديد فاتورة الكهرباء لا سيما في فصل الصيف مقابل تلك العقود الوهمية للإيجار!!
وكان حرياً بالمسؤولين إيجاد حل مناسب لهذه المشكلة الحولية، التي تشكل (ورطة) للأسر و (معضلة) للمدارس، وهو التوسع بإنشاء مبانٍ قادرة على استيعاب الزيادة المطّردة لأعداد الطلاب والطالبات السنوية، ومراعاة الكثافة السكانية لبعض الأحياء الفتية، وتعيين الكوادر التعليمية والإدارية لمواجهة تلك الزيادة في الأعداد، بدلاً من استمرار هذه المشكلة وتفاقمها؟ أو التحايل عليها بالحلول الآنية مما يخلق مشاكل أخرى فضلاً عن المشكلة الأساسية. مع عدم إغفال اعتبارات إيجابية منها: دوافع إدارات المدارس وراء التردد في القبول إما لإيجاد جو مدرسي مثالي بالاكتفاء بأعداد مناسبة لمساحة الفصول وطاقة الكادر التعليمي في المدرسة، أو لتجنب بعض المشاكل التعليمية والسلوكية الناشئة من اكتظاظ الطلبة في المبنى، كما أن رداءة المباني المدرسية وخاصة المستأجرة وسوء التمديدات فيها، والتهاون في صيانتها من قبل إدارات التعليم يعد أبرز الدوافع وراء ذلك التردد في القبول أو الرفض، إضافة إلى مراعاة مقدرة المعلمين والمعلمات في إدارة الفصل المدرسي والقيام بمهامهم التعليمية والتربوية المناطة بهم.
وبعيداً عن المثالية والطموح الذي ترتئيه إدارات المدارس، وتجاهل إدارات التعليم لمشكلة القبول، في إشارة واضحة - لا تقبل الشك - بدفع أولياء الأمور لتسجيل أبنائهم في مدارس أهلية، فإن الواقع يحتم على وزارة التربية والتعليم دراسة الوضع الحالي وإيجاد حلول جذرية للمباني المدرسية المستأجرة والمتهالكة التي تعيق سير العملية التعليمية، وتحرج إدارات المدارس في قبول الطلبة والطالبات، وتظهر قلة حيلة الأسر وحيرتهم في رفض المدارس الحكومية لأبنائهم، وعدم مقدرتهم المادية أو لقناعاتهم الشخصية في تسجيل أبنائهم في المدارس الأهلية.. فأين يذهبون؟؟!.

ص.ب 260564 الرياض 11342


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved