لقد أتيح لي خلال رحلاتي للخارج اللقاء بعدد من شبابنا السعودي المبتعثين للماجستير والدكتوراه فكانوا صورة حسنة ومثلى لبلادنا، ومما لا ريب فيه أن للمبتعث رسالة فهو يسعى وراء تحصيل علمي والبحث عن المعرفة في مكانها، ولقد أخذت الدولة على عاتقها رعاية المبتعثين والاهتمام بشئونهم والتكفل بأمورهم من جميع النواحي، وأتاحت لهم السبل والفرص، للتفرغ للبحث والدراسة وتحصيل العلم والتزود بالمعرفة، بغية تحقيق الهدف والغاية، التي ابتعث من أجلها، ولذا فإن على كل طالب، أتيح له فرصة الابتعاث أن يحرص على الاستفادة من الدراسة والمعرفة وتحقيق ما قدم من أجله، وتجشم من سفر وعناء وغربة، ويركز على الدراسة والتحصيل العلمي وأن يكون قدوة حسنة لبلده وأمته بكل ما يتوفر له من قيم ومثل، وتقاليد, فيكون داعية لوطنه، الذي يمثل تاريخاً عريقاً، فهو موطن العرب ومنطلق الاسلام وموئل الفصحى ومهد التراث الإسلامي المجيد والمكان الذي اختاره الله لنزول خاتم الأديان وخاتم الرسالات، فأصبح مهوى أفئدة العرب والمسلمين على امتداد التاريخ، فإذا كانت هذه البلاد تمتاز بهذه السمات من دين وخلق وأصالة فإن مسئولية المبتعث لكبيرة في هذا المجال مما يوجب على أبناء هذه البلاد أن يكونوا قدوة حسنة، وأن يعدوا أنفسهم لحمل رسالة علمية جليلة، والقيام بدور كبير، والتحلي بالأخلاق كما يقول عليه الصلاة والسلام (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وهذا هدف نبيل ومقصد كريم فكل مبتعث عندما يسافر إلى خارج بلاده، فإنه يعتبر سفيراً لبلاده وتقع عليه مسئولية كبيرة إذ يجب عليه أن يحافظ على سمعة بلاده وهذه ناحية مهمة ولا سيما في هذا الزمان الذي أصبحت فيه الأخبار تنتشر بسرعة مذهلة، كما أن أعداء العرب والمسلمين يخلقون من بعض التصرفات الفردية الشاذة، أموراً كبيرة، ويخوضون في ميدانها ويضيفون عليها الأكاذيب، والافتراءات بقصد الاساءة والأذى والحقد والكراهية.. ولذا ينبغي ألا ينسى المرء نفسه ويتذكر دائماً أن عيون الأعداء له بالمرصاد، فكم يحز في نفوسنا ويؤلم قلوبنا عندما نقرأ في بعض صحفهم الافتراء والكذب والدسائس وهي ولا شك لا تخفى على كل ذي بصيرة وعقل وانصاف، ولذا يجب أن نكون على حذر وأن نحرص على تجنب مواطن الزلل والسوء ونعي مسؤليتنا، وأننا ننتمي إلى أمة ذات أصالة ودين وحضارة وتراث وأخلاق، وأماكن مقدسة فيها بلد الله الأمين إليه تشد الرحال وعلى أرضها المشرقة يتلاقى المؤمنون وفيها الآثار الإسلامية والمساجد ويتجه إليها أكثر من ألف مليون مسلم خمس مرات كل يوم.
فيا أخي المبتعث كن قدوة حسنة وكن نعم الرمز الذي يمثل هذه البلاد ويعمل على صيانة سمعتها ورفعة شأنها وتقوية مكانتها ونشر الأعمال والتعريف بها وبتطورها التعليمي والاقتصادي ومسارات التقدم التقني في مختلف المجالات.. وسائر فروع المعرفة، وأخيراً فلتكن قدوة صالحة في الأخلاق والسلوك والعبادة والثبات والعزم والتعاطف والإيثار وأعط الصورة الحسنة الصادقة عن الإسلام في سلوكك وأمانتك وصدقك ووفائك، كما كان أسلافنا الذين أعطوا القدوة الحسنة بصدقهم وأمانتهم وحسن تعاملهم، فاعتنق الملايين من البشر الإسلام ودخلوا في هديه ورحمته فما أجدرنا اليوم أن نفهم هذه الحقيقة وأن نعطي لغيرنا القدوة والأخلاق الفاضلة والسمعة الحسنة والمعاملة الطيبة، والصفات الإسلامية الكريمة، وأن نكون دائماً دعاة خير وحق ونشر وامتداد لرسالة الإسلام الخالدة والدفاع عن المملكة وقضاياها.
فإن شبابنا ومبتعثينا هم مرآتنا فليكونوا وليعملوا على تحقيق ما تصبو إليه أمتهم، وبلادهم من آمال وتطلعات ولا سيما في هذا الوقت الذي تنطلق فيه بلادنا انطلاقة طموحة رائعة في مختلف المجالات وإلى شتى الآفاق والأبعاد.
|