فرحنا كثيراً بوثيقة تأمين رخصة القيادة التي أقرها مجلس الوزراء منذ عامين، وبدأ إصدارها والعمل به، وكم أملنا أن تكون هذه الوثيقة وسيلة ناجحة للتخفيف من الآثار المدمرة الناتجة عن وقوع حوادث المرور، التي تتراوح ما بين السجن أو التسول لسداد قيمة الأضرار أو الديّات في حالات الوفاة أو القتل الخطأ.
ولم نلتفت كثيراً للمبلغ المالي الذي تم تحديده لاستصدار هذه الوثيقة، والتمسنا كل الأعذار لإدارات المرور في اشتراطها وجود هذه الرخصة قبل تجديد رخصة القيادة أو السيارة، ورأينا أن ذلك وسيلة لتوسيع حجم المستفيدين من هذه الوثيقة، وتجنيبهم الآثار والمشكلات والتكاليف الناتجة عن الحوادث التي قد تحدث.
ولم نتذمر ونحن ندفع غرامات التأخر في استخراج هذه الوثيقة أو حملها في أثناء القيادة عندما تستوقفنا دوريات المرور، فالغاية من هذه الحالة يمكن أن تبرر الوسيلة، والغاية جميلة، ومقبولة حتى وإن كانت الوسيلة جافة.
لكن كل هذه الآمال التي عقدناها على هذه الوثيقة (الأمان) تبخرت بمرور الوقت، فالمرور يطارد كل من لا يحمل هذه الوثيقة، ويضاعف الغرامة في كل مرة، وشركات التأمين تماطل في إصلاح السيارات المتضررة، والمؤمّنون يقضون أياماً كاملة يترددون على هذه الشركات، ووجد المواطن والمقيم على حد سواء نفسه بين نارين غرامات المرور وتسويف شركات التأمين.
وعندما تسأل عن أسباب هذا التسويف يخبرك الموظف أن قيمة الوثيقة لا تغطي المبالغ التي تنفقها الشركة للمتضررين من الحوادث أو إجمالي تكاليف إصلاح ما دمرته هذه الحوادث، لكن الأغرب أن كثيراً ممن تعرضوا لهذه الحوادث وذهبوا يطلبون قيمة الإصلاح، يؤكدون أنه بعد انقطاع النفس من كثرة التردد على شركات التأمين لا يحصلون إلا على مبالغ أقل بكثير مما تستلزمه عملية الإصلاح، فمن يحمي المواطن من هذه المماطلة والغرامات، وهل الأمر برمته يحتاج إلى إعادة نظر في ضوء ما أفرزته التجربة، وهل هناك وسيلة لضمان عدم مماطلة شركات التأمين في استصدار الوثيقة أوسداد تكاليف الإصلاح وغيرها من التساؤلات التي ننتظر الإجابة عنها، أم أن الأمر يحتاج إلى معرفة موظف بسيط بشركة (التأمين) والدفع له من تحت (الطاولة) لسير المعاملة، والله المستعان.
|