استطلاع: محمد بن عبدالعزيز النويصر
أقامت هيئة الأمر المعروف والنهي عن المنكر بمحافظة القويعية مركزاً توجيهياً لنزلاء وحدة سجن القويعية لمدة أربعة أيام، تخلله عدد من البرامج التوجيهية التي تعود على نزلاء السجن بالفائدة والنفع. ولأهمية تغطية هذا الحدث ونقل المشاعر حوله كان ل (الرسالة) جولة داخل هذا المركز فتعالوا نستطلع ما اقتبسناه من هذا المركز.
في البداية تحدث ل (الرسالة) فضيلة الشيخ محمد بن عبدالرحمن الهويمل قاضي محكمة الرين عن رأيه بهذا المركز التوجيهي الذي اقامته هيئة القويعية فقال -حفظه الله-: لاشك ان ما قامت به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محافظة القويعية ممثلة بقسم التوعية والتوجيه من إقامة مركز توجيهي لنزلاء سجن القويعية عمل تشكر عليه الهيئة لما للمركز من نفع عظيم ودور كبير في استغلال الأوقات بما يعود على الفرد من الفوائد واعطاء النفس حظها من المتعة المباحة، لاسيما وان السجناء بحاجة ماسة لما يشغلون به اوقاتهم، فالأولى والأفضل ان تستثمر في البرامج المفيدة لهم.
وهذا المركز يعينهم على حفظ أوقاتهم والإحساس بأهمية الوقت وتعويدهم على الجد والنشاط، فإذا تركوا ذهبت اوقاتهم بدون فائدة والنفس ضعيفة تحب الكسل والدعة والسكون والراحة، والوقت هو حياة الإنسان وعمره الذي هو أنفاسه تتردد وتتعدد. فحري بالمسلم ان يصرف أوقاته ولحظاته فيما يعود عليه بالنفع والفائدة في الدنيا والآخرة. فيجب ان يوفر لأولئك السجناء البرامج المفيدة التي تعينهم على الخير والصلاح والاستقامة والرجوع الى الطريق المستقيم ويكونوا اعضاء صالحين في مجتعهم. فهذا العمل الجليل الذي قامت به الهيئة عمل طيب تشكر عليه الهيئة ونرجوا أن يستمر التواصل مع أولئك السجناء وان تقام لهم المراكز بصفة مستمرة لعل الله أن ينفعهم بها ويهديهم ويردهم اليه.
مشاركة وتعاون ونشاط
كما تحدث ل (الرسالة) مدير وحدة سجن محافظة القويعية النقيب علي بن فيصل السهلي مبدياً شكره لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمحافظة القويعية، التي قامت مشكورة بإقامته ودعم هذا المركز مادياً ومعنوياً، وأشاد سعادته بكفاءة المشاركين من منسوبي الهيئة وقال: انهم ذوو شهادات علمية متقدمة وذوو خلفية مسبقة في القاء المحاضرات وإقامة الندوات والإشراف على الأنشطة، وقال: لقد لمسنا كل التجاوب وكسب الثقة وبث روح المشاركة والتعاون والإصغاء والانضباط من قبل النزلاء اثناء المركز مما كان له الأثر على نفسياتهم حيث كانوا يتلهفون بكل شوق على هذا النشاط وثماره الطيبة التي عادت عليهم بالنفع والفائدة، وسجل سعادته إعجابه بما قام به المشرفون على البرنانج من جلب العديد من الهدايا في كل ليلة، وكانت هداياهم ذات قيمة هامة لدى النزلاء وهي عبارة عن كل ما يخص النزيل من المستلزمات الشخصية وفق ضوابط ولوائح السجن المسموح بها إضافة الى قيامهم مشكورين بإقامة مأدبة عشاء طوال أيام المركز.
الهيئة جهة إصلاحية
كما نوه رئيس هيئة القويعية الشيخ خالد بن عبدالله العسيري عن البرنامج وفاعليته في إصلاحيات السجون قائلاً: (إن مما يثلج الصدر ويشرح الفؤاد ما تقوم به الإصلاحيات في المملكة العربية السعودية من خدمات دعوية جليلة للنزلاء، تتمثل في كافة البرامج الممكنة لتوعية النزلاء وتثقيفهم دينياً بما يكفل استقامتهم على المنهج القويم بإذن الله وفتح باب الأمل لديهم لإعادة صياغتهم بالطريقة السليمة مهما كان مستوى الانحراف الذي وصل إليه السجين لانه ما زال فرداً من أفراد الأمة، فيتأهل علمياً واجتماعياً، وقد رتب النظام على ذلك جوائز قيمة يكون في مقدمتها خفض مدة السجن الى النصف لمن حفظ القرآن كاملاً.
ولا شك ان تضافر الجهود واشتراك الجهات الإصلاحية كالهيئات ومكاتب الدعوة وغيرها له الأثر البالغ في الوصول الى النتائج المطلوبة، وإن هذه البرامج التي تقدمها الهيئة تعتبر احد المهام المناطة بها، فهي ليست جهة عقابية فحسب بل إنها إصلاحية بالدرجة الأولى، وما تقدمه إدارة التوعية والتوجيه بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجميع فروعها وهيئاتها في جميع انحاء المملكة خير دليل على ذلك وحسبنا ان نكون جميعنا نصب في قالب واحد ونسعى لتحقيق هدف واحد في جميع الاجهزة في الدولة وهو تحقيق الامن والصلاح واحياء روح التلاحم والمحبة بين افراد الامة. وعن جانب ما قدمته الهيئة في هذا المركز قال العسيري: بطبيعة الحال هذا المركز له خصوصية من شتى النواحي، فثمة المكان والجمهور المستهدف وغير ذلك، لذا حرصنا على ان تشمل الفوائد الشرعية التي تعرض في قالب محبب للنزلاء وبلغة مبسطة جداً واسلوب سهل.
كذلك تم تفعيل النزيل واشعاره بدوره الهام في هذا المركز حيث تمكنا من تفعيل دوره منذ اول يوم من ايام المركز، حيث كان له دور في البرنامج المقدم لإخوانه النزلاء، ولم يفت علينا إدخال الجانب الترفيهي على أنفس النزلاء وهو ترفيه وجدنا له صدى طيباً في أنفس الجميع، كما أن المسابقات التي طرحت اثر في ربط النزلاء بالمركز، وهذا كله يأتي لخصوصية المكان والجمهور المستهدف من المركز.
بداية نشطة للمركز
أما مدير إدارة التوعية والتوجيه بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمحافظة القويعية الشيخ عبدالرحمن الجبرين فأضاف قائلاً: (لقد وجدنا من نزلاء السجن الترحيب والفرحة بلقائنا، وإقامة مثل هذه البرامج التي تدخل السرور والفائدة عليهم، وما زادهم إقبالاً لنا أننا جعلنا الجلسة أخوية وذلك حتى لا يكون بيننا وبينهم أي عوائق -ولله الحمد والمنة- لقي هذا المركز منهم القبول التام بل ألحوا علينا باستمراره وإطالة مدته. ومن أفضل ما سمعناه منهم وشاهدناه على وجوهم الندم على ما فات منهم من تفريط وسلوك لمسلك أهل الفساد والشر والخروج عن جادة الطريق المستقيم وهدى سيد المرسلين، وحرصهم لمعرفة المنكر وتركه ومعرفة المعروف وسلوك مسلكه.
إسلام أحد النزلاء
وكان مما اعجبني ما لديهم من مشاركات اوضحت انهم ذووا مواهب وقدرات تحتاج لرعاية وتنمية. ومما سمعناه لهم حفظ كثير منهم لأجزاء من القرآن الكريم وبعض من سور القرآن، وحفظ بعضهم واهتمامه بالشعر العامي الذي يدعو للفضيلة والتوبة والإنابة الى الله. وكان لهذا البرنامج أثر واضح وكبير في نفوس نزلاء السجن الكبير منهم والصغير، العربي والأعجمي. وقد أسلم أحد النزلاء المقيمين فلله الحمد والمنة.
وجه آخر لعمل العضو في الميدان
وتحدث الشيخ سعود اللهيب أحد أعضاء الهيئة المشاركين بالبرنامج وقال: لقد تخلل المركز مسابقات ثقافية ومسابقة الطاقات الكامنة وأيضا بث السعادة والمرح في قلوب النزلاء، وقد لاقت نجاحاً كبيراً وذلك إثر التفاعل الكبير من السجناء، وهذا بفضل الله ثم بتوجيه معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ إبراهيم الغيث -حفظه الله- والتوجيهات المباشرة من فضيلة مدير عام الرئاسة العامة بمنطقة الرياض الدكتور الشيخ عبدالله بن محمد الشثري -حفظه الله- وذلك يعود لحرص فضيلته ليهتم عضو الهيئة بجانب التوعية والتوجيه والإرشاد، كما يهتم بالجانب الميداني. وكذلك نشيد بالمتابعة المستمرة وتسهيل العقبات وذلك من رئيس هيئة محافظة القويعية الشيخ خالد العسيري - حفظه الله- ولا ننسى إدارة السجن بمحافظة القويعية وقسم التوعية لديهم عندما سخروا لنا كل ما لديهم من طاقات وجهود فجزى الله الجميع عن المسلمين خير الجزاء.
وأخيراً لابد ان يكون لهذه البرامج الصدى لجميع المراكز حتى تعم الفائدة وأن لا ننسى هذه الشريحة الغالية علينا والتي تحتاج منا للدعاء لهم بالهداية والتوجيه والإرشاد والوعظ وخاصة من منسوبي جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وخاصة في مثل هذه البرامج المفيدة الناجحة مع العلم أن هناك الكثير من منسوبي الهيئة ممن هم يحملون الشهادات العليا من البكالوريوس والماجستير والدكتوراه فلماذا لا تكون لهم الفرصة للقيام بمثل هذه البرامج ويعطون الفرصة بل يكون هناك تنسيق مستمر للاستفادة مما لديهم؟
وللنزلاء كلمة
كما قامت (الرسالة) باستطلاع لرأي النزلاء من مثل إقامة هذه المراكز بينهم فكانت رؤاهم معبرة عن مشاعرهم حول تنفيذ الهيئة البرامج داخل السجن ومدى فائدتهم من هذه المشاركة.
تغيرت نظرتي لرجل الهيئة
أحد النزلاء واسمه الاخ علي قال: (لقد استفدنا مما قدمتموه من مسابقات ومشاركات ولكن أكثر ما أثر فيّ ونبهني ما كنتم تلقونه من توجيهات نبوية شريفة تبين لنا الطريق الواضح المستقيم الذي نسلكه بعد خروجنا من هذا السجن، ونأمل من الله ثم منكم تكرار مثل هذه البرامج التي نحتاج لها بشكل مستمر، وهناك حقيقة أكتشفتها بعد هذا البرنامج وهي أن رجال الهيئة ليسوا رجال قبض وإنكار بل وجدناهم كالأخ الكبير لنا يعطف علينا ويبذل كل ما بوسعه لأجلنا ونحس أنه يؤلمهم ما يؤلمنا ويسعدهم ما يسعدنا، فلهم منا الشكر والتقدير وجزاهم الله عنا خير الجزاء، ونقول لا تتركوننا بل شاركونا.
لم تنظم قريحتي إلا بعد مجيئكم
أما النزيل الأخ سعد فقال: ( إن الأيام التي قضيناها معكم من أسعد أيامنا لأنها كانت مليئة بالتوجيهات غير المباشرة بل على شكل مسابقات ومنافسات شريفة مما نتمناه منذ زمن لأن النفوس سئمت المعاصي والذنوب والإعراض عن ذكر الله، وكان لكم الأثر الكبير بعد الله في جذب عقولنا وهوانا الى ما يرضي الله تعالى. فالصراحة أقول والله ما سبقكم إلينا احد بما جئتمونا به، فقد أحسست أنني بين أهلي واخواني وكأنني لست في سجن بل انني في مدرسة مع زملائي فتذكرت المدرسة ومعلميّ وزملائي الطلاب وأسرتي حيث أنني كنت محاطاً بالمحبة والعطف، فجزاكم الله عنا خير الجزاء. وأفيدكم أن قريحتي الشعرية لم تنظم شعراً قط إلا عندما قدمتم لنا، فكان مني ما سمعتموه والشكر ختام.
زودونا بأرقام هواتفكم
والنزيل الأخ عبدالرحمن أضاف قائلاً: (هناك أوقات تمضي ببطء شديد جداً وممل ولكن نحن معكم وانتم معنا فالوقت قصير وسريع السير بسرعة البرق فلماذا يكون ذلك؟ كان الجواب منكم عندما سمعنا منكم التوجيهات والكلمات التي ملئت بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة. إن الأحبة في الله والإخاء بالله يكون وقتهم مباركاً، فوالله ثم والله إننا أحببناكم في الله فلماذا تتركوننا؟ فإننا نريدكم بدون أن تقدموا لنا الجوائز أو القهوة أو الشاي أو وجبة العشاء، بل أنتم فقط بما لديكم من توجيهات وأسئلة ثقافية ومسابقات مفيدة وحديث يشرح الصدر. ولكن نعزي أنفسنا بأننا سنلتقي بكم بعد خروجنا من السجن ونأمل منكم أن تزودونا بأرقام هواتفكم والله يحفظكم بحفظه.
تعكس في نفوس النزلاء حب أهل الخير
أيضاً تحدث ل (الرسالة) الأخصائي النفسي ومعلم التربيات السلوكية بمدرسة تحفيظ القرآن الكريم بالقويعية الأستاذ فهد بن عبدالعزيز المطوع قائلاً: (في بداية كلمتي هذه أتقدم بالشكر الجزيل لمنسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمحافظة وما لمسناه منهم من مشاركات ودعوة وتوعية وتوجيه فلا يستطيع أحد إنكار مثل هذه الجهود، فجزاهم الله عنا كل خير لدورهم في حفظ هذه البلاد من المنكرات والمخالفات غير الشرعية بعد الله سبحانه وتعالى.
وأما ما قام به قسم التوعية والتوجيه بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقويعية من إقامة مركز توجيهي لنزلاء سجن القويعية فهو عمل مفيد وجيد، وهام بالنسبة لهم لأنهم حقاً يحتاجون لمثل هذه الأعمال الطيبة والمراكز الجيدة وخاصة أنه يوجد برامج متنوعة سواء ثقافية أو أنشطة حركية، وهناك من يجهل ما يقوم به إخواننا بالهيئة لمثل هذه المراكز لكن الله سبحانه وتعالى لا يجهلها، فنحن على علم تام بأن إقامة مثل هذه المراكز شاق ومكلف ويأخذ الوقت الكثير من أوقات القائمين عليه لكن إذا رأى الشخص نتائج عمله ورأى الناس كذلك هذه الأعمال فهي تعكس ما كانوا يتصورونه عنها وانهم حقا يستحقون الشكر الجزيل على مثل هذه الأعمال.
فهي تدعو إلى الإصلاح والاتجاه بالطريق الصحيح وتعكس في نفوس النزلاء الشيء الكثير وتجعلهم يحبون أهل الخير ويغيرون من تصرفاتهم الخاطئة التي أودت بهم الى مثل هذه السجون وتجعلهم يعودون ويتوبون الى الله عز وجل.
ونحن نعلم أن هؤلاء النزلاء هم بأمس الحاجة بمن يدعوهم ويعلمهم وينصحهم لطريق أهل الخير، فإقامة مثل هذه المراكز توصلنا الى الهدف والغاية المطلوبة وهي الاصطلاح والتوبة والاعتدال والاقتداء.
فجزى الله من قام على مثل هذه المراكز التوجيهية وأعان عليها وعمل بها.
|