* الجوف - خاص:
تواجه الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في الآونة الأخيرة سيلاً من الاتهامات والانتقادات التي يطلقها أعداء الإسلام، بهدف تعطيل مناشط هذه الجمعيات، فتارة يقولون أنها تكرس للغلو والتطرف، وتارة أخرى يزعمون بتعارض الدراسة في حلقات ومدارس التحفيظ مع الدراسة بالمدارس والجامعات.. وغيرها من الافتراءات والأباطيل التي يؤكد الواقع كذبها.
وفي هذا الحوار يحدثنا فضيلة الشيخ خالد بن صالح العمر رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الجوف عن الإنجازات العظيمة لجمعيات ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، والمسؤولية المنوطة بها في إشاعة حفظ القرآن الكريم، والعناية به.. وفيما يلي نص الحوار:
* بداية نود التعرف على عدد الملتحقين بالجمعية الخيرية للتحفيظ بمنطقة الجوف من الذكور والإناث، والحلقات والمدارس التي يتعلمون بها؟
- بعد أن افتتحت الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الجوف قامت فافتتاح عدد كبير من الحلقات داخل مدينة سكاكا وضواحيها، بلغ عدد الحلقات (56) حلقة للبنين، و(9) حلقات للبنات، يدرس فيها (1150) طالباً، و(280) طالبة، اضافة لافتتاح (4) مدارس، واحدة للبنين بمسجد عمر بن عبدالعزيز، ومدرسة بجامعة السبيعي بسكاكا، ومدرسة بجامع الشيخ فيصل المبارك بسكاكا، بالإضافة إلى دارين للبنات هي دار البيان النسائية، بسكاكا، وبها تسع حلقات، ودار الفضيلة بمركز صوير وبها خمس حلقات، مما أدى إلى اتساع حلقات تحفيظ القرآن الكريم في منطقة الجوف ليشمل جميع القرى والهجر، ولله الحمد والمنة.
* يتخوف كثير من الآباء والأمهات من تعارض دراسة أبنائهم بالمدارس والجامعات مع انتظامهم بحلقات ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، ولا سيما مع قرب موعد الاختبارات بالمدارس والجامعات من خلال تجربتكم، كيف يمكن تلافي حدوث هذا التعارض إن كان موجوداً، وهل ثمة علاقة بين حفظ القرآن الكريم والتفوق العلمي..وماهي ملامح هذه العلاقة؟
- الجمعية شأنها شأن بقية جمعيات التحفيظ في جميع المناطق، تحرص على عدم التعارض بين انتظام طلابها في الحلقات، ودراستهم في المدراس والكليات، ولذلك فإنها تنهي الحلقات قبل وقت كاف من بداية الامتحانات، كما أنها توعز لمدرسيها بقبول اعتذار الطالب عند تغيبه بسبب امتحان دراسي، كما توصيه بتعويض ما فاته، أما حفظ القرآن الكريم والتفوق العلمي فإنهما متلازمان، وغالباً ما نجد طالب الحلقات متفوقاً في دراسته، وذلك لأن التزامه بحضور الحلقة والحفظ فيها يربيه على الجدية والمثابرة، كما أن مداومته على الحفظ تفتح ذهنيته، وتجعله مستعداً لاستقبال المعلومات التي تلقى عليه من أساتذته في المدارس والكليات، وفهمها فهماً دقيقاً صحيحاً، والذي يطلع على الاستبانة التي أجريت على عينة كبيرة من الطلاب والطالبات المشاركين في المسابقة المحلية لحفظ القرآن الكريم التي أقيمت مؤخراً يشاهد النسب العالية لتفوقهم في مدارسهم وكلياتهم.
* تتنوع وسائل تحفيظ القرآن الكريم، وتختلف باختلاف المعلم في حلقات ومدارس التحفيظ، وتتفاوت تبعاً لذلك النتائج من حلقة إلى أخرى، فهل ثمة آلية أو رؤية منهجية مثلى يمكن تعميمها للحصول على أفضل النتائج كماً وكيفاً؟
- حقيقة إن العنصر البشري، وخاصة من المعلمين المؤهلين، هو الأساس في نجاح جمعيات التحفيظ في أداء رسالتها، وفي نظري أنه مازال كثير من الجمعيات يعاني عدم توافر القدرات البشرية الكافية، ونعمل جاهدين في الوقت الحالي على إسناد العمل بالحلقات إلى أفضل العناصر الموجودة، حيث إن معظم المدرسين من أبناء المملكة المؤهلين، أما بالنسبة للمعلمين المتعاقدين فهم من المتعاونين مع الجمعية من كلية إعداد المعلمين، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ووزارة التربية والتعليم.
* تتعرض الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم من آن لآخر لحملات يشنها أعداء الإسلام بدعوى أنها تكرس للغلو والتطرف، وتهدف هذه الحملات إلى تعطيل دور هذه الجمعيات في خدمة القرآن الكريم وإشاعة حفظه، وتشكيك أبناء الأمة في خيرية هذه الجمعيات، وسمو أهدافها، فكيف يمكن الرد على هذه الحملات، وبيان كذبها وتدليسها، وما هي مسؤولية القائمين على هذه الجمعيات والحلقات في ذلك؟
- بالفعل تتحمل الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في هذا العصر - وخاصة في تلك الأيام التي يتعرض فيها القرآن الكريم باعتباره دستور الأمة ومنهاجها لحملات هجوم من جانب القوى المعادية للإسلام - مسؤولية كبيرة في إظهار ما في كتاب الله من حكمة، وتشريع، وسنن اجتماعية وكونية، وقيم خلقية، لا سيما لغير المسلمين، ولا يكون ذلك إلا بتمسك ابنائها بعقيدتهم الصافية الخالصة لله، وبسلوكياتهم في معاملاتهم، وإبراز ما في الإسلام من تسامح مع أهل الديانات الأخرى، ومن حرص على العمل للدنيا والآخرة، وإبراز قيم الإسلام ومثله التربوية من خلال وسائل الاتصال، والبث الحديثة.
* بالحديث عن وسائل التقنيات الحديثة.. كيف يمكن لجمعيات وحلقات تحفيظ القرآن الكريم الاستفادة من هذه التقنيات لحث الناشئة والشباب على الانتظام في الحفظ، وهل تتوافر لدى الجمعيات الإمكانات المادية والفنية القادرة على تحقيق هذا الهدف؟
- بدأت الجمعيات الخيرية بالفعل تستثمر هذه الإمكانات من خلال إنشاء موقع للجمعية على شبكة الإنترنت والاطلاع على مواقع الجمعيات الأخرى، والاستفادة منها، لكن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت لتحقيق استفادة أكبر.
* خريجو الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في جميع مناطق المملكة يتجاوز عددهم آلاف الحفظة من الذكور والإناث، فهل ثمة دور اجتماعي وتوجيهي يمكن أن يتم عبر جمعيات وحلقات التحفيظ في علاج بعض القضايا الاجتماعية؟
- نعم، وهذا الدور يندرج ضمن استراتيجية الأمانة العامة، التي تسعى لحث الشباب على الالتحاق بحلق القرآن الكريم، مع ضرورة متابعة الاتصال المستمر بالمسؤولين والمدرسين والمدرسات بالحلق حتى يتحقق للأبناء والبنات حفظ كتاب الله تعالى، ومحبته، والعمل به، واستثمار أوقاتهم فيما ينفع الفرد والمجتمع، ودرء مفسدة الفراغ بصرفهم إلى ما يعود عليهم بالنفع ديناً ودنيا، إلا أننا نرى من الضروري البحث عن العديد من الآليات الأخرى التي بموجبها يتم جذب الشباب لحلقات التحفيظ.
* كثير من حفظة القرآن الكريم بدأوا الحفظ بسن مبكرة من 5 إلى 6 سنوات، وأتموا الحفظ في وقت قصير فهل ثمة ما يدل على سهولة الحفظ في الصغر، والآثار المترتبة على الحفظ في هذا، وانعكاساتها على سلوك الحافظ في مراحل عمره التالية، وماهي ملامح مسؤولية الآباء والأمهات في هذا الصدد؟
- لا شك أن الحفظ المبكر للقرآن الكريم أيسر وأسهل من حفظه في وقت متأخر، حيث إن صغير السن يكون ذهنه خالياً من المشاغل، وصافياً، وأكثر قبولاً للمحفوظات، والذي جرب العمل في الحلقات يعلم ذلك يقيناً، ويلاحظ سرعة حفظ الناشئة وترسخه أكثر، وحفظ القرآن الكريم في سن مبكر يقي الحافظ بإذن الله من الانحرافات ويجعله ينشأ نشأة صالحة واضحة آثارها على سلوكه وأخلاقه وأحواله، ولهذا فإننا نجد أعلام المسلمين وأئمتهم في الأعم الأغلب قد حفظوا القرآن الكريم في طفولتهم المبكرة، مما أثر فيهم حتى بلغوا المكانة السامية والمنزلة العظيمة في الأمة، فإن هذا الخير العظيم لابد من تضافر الجهود للحصول عليه، ومهما أوتي المعلم بالحلقة من مهارة في التعليم فإنه لن يستطيع أن يصل إلى هذا الهدف السامي وحده ولابد من تعاون الأسرة معه في هذا الأمر، لأن الناشئ يقضي من الوقت مع والديه أكثر مما يقضيه في الحلقة، فإذا ما رأى حرصاً ومتابعة وتشجيعاً من والديه، يعاضد ما يجده في الحلقة فإنه بإذن الله سيجني ثمار هذا التعاون خيراً وصلاحاً وتفوقاً.
|