بحسبي الهوى همّا يحط على صدري
فليل الشجا داء أحر من الجمرِ
يورّث في نفسي تباريح تصطلي
ويوقع مني القلب في قبضة الأسرِ
وما إن يلوح الفجر إلا وتنجلي
أقاسيم بتن الليل يضحكن من قهري
ويبقى لنا من ليلنا ما نلوكهُ
نهارا كذكرى أثقلت في الدجى ظهري
فذلك طبع الشعر في قلب مغرمٍ
به لم يزل يلهو على أضرب البحرِ
يمنيه بالحور الحسان وباللمى
ويبني له صرحا على ضفة النهرِ
ويعلو به في الأفق حتى تخالهُ
بمنزلةٍ تعلو على الأنجم الزهرِ
ويسقيه ماء السلسبيل فيرتوي
ويكسوه ثوب الفخر من سندس خضرِ
وتحلو له الأيام.. يصفو نعيمها
وتغدو له الأحلام أنشودة الدهرِ
وتغدو له الأمواج معزوفة الهوى
وتدنو له الأفلاك والكوكب الدري
ويشرب من نهر البلاغة شهدها
فيوقظ ليل الشدو حتى سنا الفجرِ
فيا لك من شعر تغلغل في الجوى
فأضحى عميقا قعره عاصيا أمري
رويدك يا شعري ولا تقس إنني
كسار ببطن البيد يقتات بالصبرِ
يجوب الفيافي. حاديا.. كل همه
منازل من يهواه من سالف العمر
فيا شعر لا تبخل باوزان لم تزل
بسمع الشجي الصب ضربا من السحر
وكن روضة للمتعبين فإنهم
يرومون نفث الهم في أبحر الشعرِ
يسيرون في ركب القصيد لأنهم
بدولته يكسون من حلل الفخر
وكن أملا للبائسين على المدى
وكن دوحةً غناء في موطن القفرِ
فأنت الذي ما زال طهرا مراده
شجيا نقيا خاليا من لظى الغدرِ
فليس لنا في عالم القهر دوحةٌ
سواك رياض الشعر.. يا بسمة الثغرِ