Thursday 2nd September,200411662العددالخميس 17 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

غزوهم الثقافي أرحم يا مدّعي الفضيلة ! غزوهم الثقافي أرحم يا مدّعي الفضيلة !
نادر بن سالم الكلباني

عندما فرض علينا أن نسقبل ثقافات الآخرين عبر ما يبثه الإعلام قالوا اننا مستهدفون وأن الغرب أو العالم بأسره يسعى وبكل قواه الى أن نتحلل من جذورنا ونتخلى عن ثقافتنا وقيمنا وصدقنا ما قالوا.
قالوا أيضا انه لا يجب السكوت والوقوف أمام هذا الغزو الفكري والثقافي مكتوفي الأيدي وانه يجب مواجهة هذه الموجة الخطيرة التي تستهدف أمتنا ويقتضي الحال ان نبدأ بحرب مضادة لها ولا أفضل من أن نستخدم نفس السلاح الإعلامي، ونقدم أنفسنا للآخرين بالصورة التي تليق بنا كأمة ضاربة ثقافتها في عمق التاريخ فنبث فكرنا المنقذ للبشرية واساس قيمنا للعالم أجمع، ولأننا اصحاب حق كما يقولون.. فسنتمكن من استمالة العالم أجمع الى الايمان والاقتناع بثقافتنا وبما ندعو إليه من قيم وفضائل. وأقنعونا بهذا، وانتشرت قنواتنا الفضائية العربية المسلمة وتنوعت وتباينت في مسمياتها وما تدعيه، لكنها اتفقت على أمر واحد هو الاساءة لكل ما ورثناه من رجال جابوا العالم وبأيديهم مشاعل الهداية والنور.
ليتهم ما قالوا.. وليتهم ما تحركوا لمواجهة من ادعوا انه يستهدفنا وتركونا للغزو الفكري الآخر ربما وجدنا فيه ما قد ينفعنا أو يرتقي ببعض أمرنا.. فخطر ما يبث في بعض قنواتنا العربية المسلمة على أمتنا وعلى ثقافتنا وعلى مستقبل أجيالنا لهو أكبر. فهذه القنوات التي تستهل برامجها بالقرآن الكريم وتنقل للعالم أجمع شعائر صلاة الجمعة من أماكن متفرقة من عالمنا العربي الكبير في مساحته والصغير في بقية أمره ينقلب حالها في كل وقت فتنقل للعالم حماقاتنا في برامجها الحوارية واختلافاتنا التي تؤكد للعالم بأسره اننا فرق وطوائف وليس أمة، وضياعنا في فهمنا لما ورثناه وما نحن عليه وما نريد الوصول إليه.
بعض قنواتنا الفضائية يا سادة يا كرام قالت وتقول للعالم ان ما تستهل به برامجها وما تنقله من شعائر الصلاة لا يمنعنا كأمة ان نظهر تخصصنا وبراعتنا في تمايل الخصور وجمال القدود وأن نفسح المجال للراقصات ليتحدثن عن رسالتهن السامية في اظهار مفاتن المرأة العربية وان نساءنا أجمل وأحلى من نساء الآخرين وأقدر على مسابقتهن في كل ما هو جديد. ولم يقف الحال عند هذا بل تعداه الى أن جاؤوا بمخلوقات يتكلمون نفس لغتنا لكنهم ينشرون شعاراتهم ومعتقداتهم التي لم نعهدها والتي تستخف بكل ما نؤمن به، وفرضت تواجد الذين يطالبون بتعري نساءنا والذين يطالبون ان تتعدد دياناتنا والذين ينادون بأن نعيش حياتنا في عالم حر كما يعيشه من قالوا أنهم يستهدفون ثقافتنا ويسعون لغزو أفكارنا وتدمير ثقافتنا.
قالوا تحيا الأمم بفنونها لكنهم اختزلوا الفنون بالغناء والرقص وأفردوا المساحات لكل من هب ودب، فاختزلت ثقافات بقاع كانت لها الريادة في النهوض بالعالم الى ماجنات يتمايلن على ايقاع برتقالة ثم يأتي في أسفل الشاشة انه قد دخل الآن موعد الصلاة حسب التوقيت المحلي للمدينة الفلانية وكأننا نقول للعالم عن صلاتنا هي طقوس نمارسها ولا تمنعنا من ممارسة الأشياء المعيبة، قالوا عبر قنواتنا الفضائية لنا وللعالم الكثير الذي لا يبعدنا عن جذورنا وقيمنا ويكرهنا في كل ما سبق من تاريخنا ولكنه أيضا يجبر العالم على احتقارنا وتسفيه ثقافتنا وما آمنا به من قيم.. قالوا باختصار للعالم إننا نؤمن بشيء ونفعل شيئا آخر مضاد له تماما. وأثروا في شبابنا وغرسوا في نفوسهم ما يجعلهم مسلمين بالتبعية حتى اصبحت مغنية ولاعب كرة هما المثل الأعلى والقدوة التي يقتدي بها الشباب في بقعة عزيزة من عالمنا العربي الكبير.
هكذا قالوا لكنهم خدعونا في كل ما قالوا ووجدنا أنفسنا تحت أيدي مضلين نذروا أنفسهم للشر وللفساد أن يسود وعملوا على ذلك بتفانٍ وبكل جدية وأظهروا تصميمهم وتكاتفهم وتعاضدهم للوصول لما يريدون.
أنا شخصيا لا أعيب أهل شر اتفقوا على نشر شرورهم وتمسكوا بكلمات حق اريد بها باطل، فهم ومنذ بدء البشرية موجودون ويتحينون الفرص دائما ليقلبوا الأمور الى ما يستهدفونه من ضلال.. بقدر ما أعيب من كنا نعدهم رجال خير ودعاة للفضيلة الذين تقاعسوا أمام مسؤولياتهم واستسلموا لقدرة أهل الفساد وتخاذلوا في مواجهتهم للشر وتفرقوا حتى اضمحلوا في عالم يحكمه القادرون على تحويل قناعاتهم الى افعال واضحة ومؤثرة بعيداً عن الصراخ والبكاء في المنابر وفي أماكن الدعوة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved