تقوم المشاريع الحضارية على عنصري المادة والإنسان، ولا إخاله مناسباً أمر التفصيل في هذا لأنَّ معرفة به هي جزء من خبرات القارئ الحصيف. غير أنَّ عنصر الإنسان الذي يصنَّع الخامات المادية المختلفة من أجل تيسير حياته، وإنجاح مشاريعه، هو أيضاً من يوظّف قدراته الداخلية من أجل توظيف معارفه وعلومه في سبيل إنجاح مشاريعه لبلوغ أهدافه ومن ثمَّ تحقيق الوضع الحضاري المتطور لحياته. من هنا فإنَّ وجه الأرض لا يليق به أن يبقى داكناً في جزءٍ وفيه إنسان منحه الله تعالى كل شيء ليعيش بشيءٍ منها حياة كريمة مضيئة.
ونظراً لحاجة الإنسان ممّن ليس لديه الخبرات إلى توعية في أي مجالٍ يحتاج فيه إلى مشاركة الإنسان أمور (نهضة) مقننة، وإنجاح آلياتها بشكل تعاوني فإنَّ ما تحدثنا عنه حول مشروع الإحصاءات العامة لتعداد السكان في المملكة الذي يبدأ 1-8 وينتهي في 15-8 يتطلب تعاون وتكاتف وصدق ودقة ومبادرة كل فرد في المجتمع داخل مؤسسة أو في محل تجاري أو خلف أبواب البيوت على اختلاف أنماطها في عمائر سكنية أو قصور أو بيوت أو أكواخ... في القرى والهجر والمدن.
فالبيانات التي يقدمها الأفراد بشفافية عالية هي المؤشر للوعي وهي الدافع للصدق وهي الأس لبناء قاعدة إحصائية على درجة عالية من الشفافية. وبالتالي فإن النتائج تؤدي إلى تطوير آخر في مجالات مجتمعية أخرى إذ عليها تبني خطط الاقتصاد والصحة والتعليم والإنشاءات
و...
والأمر لا يقتصر على فتح الباب لموظفي التعداد بل على الادلاء بالحقائق دون التأثر بأية عوامل اجتماعية أو مفاهيم خاطئة أو ثقافة متراكمة.
ثمّة ما يدعو إلى إقامة (حملة) توعية ذاتية يبتدأها الأب والأم في المنزل والمعلم في الفصل، والإداري في مصلحته ومؤسسته، والإعلامي في وسيلته بل المفكر فيما يقدمه من طروحات ترتبط بالقيمة الفعلية لثقافة التنمية، إنّني أقدم هذا المصطلح (ثقافة التنمية) لما فيه من دافعية نحو استبدال الخوف بالإيمان، والخجل بالمبادرة والتورية بالمكاشفة ليبلغ هذا المشروع في نتائجه حداً من المصداقية تعين المؤسسات الأخرى على وضع خطط التنمية والعمل على التطوير بشكل فاعل.
وأعان الله موظفي التّعداد بالصبر وجمَّلهم به ووفقهم.
وتحية لكلِّ مشروع حضاري من شأنه هذا المجتمع ومستقبله الجميل.
|