Thursday 2nd September,200411662العددالخميس 17 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

الدِّين دين واحد لا تعددية ولا ابتداع فيه الدِّين دين واحد لا تعددية ولا ابتداع فيه
صالح بن فوزان الفوزان*

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تمسك بسنته واهتدى بهداه وبعد :
قال الله تعالى :{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } ، وقال تعالى :{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ، وقال تعالى :{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ } ، وقال تعالى : { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } ، فالواجب على جميع الخلق عربا وعجما وجِنّاً وإنساً اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - والتدين بدين الإسلام ، قال تعالى :{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } فلا يسع أحد الخروج عن ملة هذا النبي قال - صلى الله عليه وسلم - :( لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي جئت به ، إلا دخل النار) فمن قال : إن اليهود والنصارى اليوم على دين صحيح وأن الأديان الآن ثلاثة كلها صحيحة فهو كافر وقوله باطل. قال تعالى :{ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } وقال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ، ومن قال إن أحدا يسعه الخروج عن دين محمد - صلى الله عليه وسلم - كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى فهو كافر ، قال تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا } ، وليس المراد التحكيم في الخصومات وفي الأموال والحقوق فقط ، وإنما هذا عام في تحكيمه في كل خلاف ولاسيما في العقيدة.
وبعض الناس يقول : لا يقصر الناس على قول واحد بل كل له وجهة نظره وحرية رأيه - ونقول : بلي يقصر الناس على دين محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى قول الله ورسوله قال تعالى :{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا } ، نعم الخلاف يقع وتلك طبيعة البشر كما قال تعالى :{ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ {118} إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ } ولكن الواجب على المختلفين رد خلافهم ونزاعهم إلى كتاب الله وسنة رسوله ، كما قال تعالى :{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ }وليس لأحد أن يعبد الله إلا بعبادة قد شرعها رسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال - صلى الله عليه وسلم - :( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ، وفي رواية - ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) وهذا أحد شرطي قبول العمل.
والشرط الثاني وهو الأساس : الإخلاص لله في العمل بأن لا يكون فيه شرك ، كما قال تعالى :{ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا } وقال تعالى :{ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } وقال تعالى :{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } والخلاف يجب أن يحسم بالرد إلى الكتاب والسنة والأخذ بما دلا عليه أو دل عليه أحدهما ، وإذا لم يتبين الدليل مع أحد القولين في المسائل الاجتهادية فلا إنكار في مسائل الاجتهاد كما قال العلماء ، لكن يكون القصد طاعة الله ورسوله لا التعصب للرأي ويكون ذلك في مسائل الاجتهاد التي لم يتبين الدليل فيها ولها محمل في الدليل فهذه لا إنكار فيها ، ولكن إذا اخذ حاكم المسلمين بأحد الاجتهادات وجب الأخذ به تبعا له لأجل جمع الكلمة ونبذ الفرقة والخلاف.
ومن ثم قالوا : حكم الحاكم يرفع الخلاف ومن ذلك أن عثمان - رضي الله عنه - كان يرى إتمام الصلاة للحجاج بمنى وقد أتم الصلاة فيها وصلى خلفه الصحابة الذين حضروا عنده وتابعوه ومنهم ابن مسعود - رضي الله عنه - ، ولما قيل له في ذلك قال يا ابن أخي الخلاف شر.
وهذه مسألة عظيمة ينبغي مراعاتها ولاسيما في وقتنا الحاضر الذي قل فيه العلم وكثر في المتعالمون ، وتطاول المتطاولون وأصحاب الأهواء الذين يقولون اتركوا الناس وحرياتهم لا تصادروا آراءهم خذوا بالرأي والرأي الآخر ، وهذا المبدأ يفسد الدين ويفرق الكلمة وتنجم عنه نتائج وخيمة.
نسأل الله أن يعافي المسلمين من شرها وشر أصحابها ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

* عضو هيئة كبار العلماء


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved