Thursday 2nd September,200411662العددالخميس 17 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

كتاب جديد للدكتور علي القاسمي كتاب جديد للدكتور علي القاسمي
العراق في القلب (دراسات في حضارة العراق)

صدر عن المركز الثقافي العربي في بيروت والدار البيضاء كتاب بعنوان (العراق في القلب: دراسات في حضارة العراق) من توقيع الكاتب والباحث العراقي الدكتور علي القاسمي، المقيم في المغرب ويقع الكتاب في 288 صفحة وازدان غلافه بلوحة للرسام الواسطي مقتبسة من مقامات الحريري، ويتألف الكتاب من تقديم بعنوان (هذا بلدك العراق, يا ابنتي) وعشرين فصلاً عناوينها كالتالي: السومريون قوم نوح، ملحمة كلكامش، عشتار إلهة الحب والخصب والجمال، الحياة الاجتماعية والفكرية في زمن الفقيه أبي حنيفة وأثرها في آرائه، تجليات العمارة الإسلامية في تخطيط مدينة بغداد العريقة، كتب الدرس والأُنس من العراق إلى الأندلس، أخطاء شائعة عن صلاح الدين الأيوبي، يوسف بن تاشفين وصلاح الدين الأيوبي، نظرات مقارنة في القصة العربية في العراق: عبدالرحمن مجيد الربيعي والقصة العراقية الحديثة، أحمد الصافي النجفي شاعر بين الأمواج المغرقة والنيران المحرقة، محمد مهدي الجواهري: الشاعر والملك، عبدالحق فاضل: هو الذي رأى، منهجية عبدالحق فاضل في الترجمة، عبدالوهاب البياتي: حب وموت ونفي، خلاص البياتي من الغربة والمنفى، سيرة الأدب: جنس سردي جديد.
يتناول الكتاب المعالم البارزة في تاريخ العراق الثقافي، فيتطرق إلى الحياة الفكرية والاجتماعية للسومريين الذين عاشوا جنوبي العراق قبل آلاف السنين، وابتدعوا الكتابة بالخط المسماري، وأسسوا المدارس النظامية، وصمموا المحراث فطوروا الزراعة، وصنعوا العجلة، ودرسوا حركات النجوم والكواكب فأرسوا أسس علم الفلك، وقسّموا الزمن إلى وحدات محددة، وقعّدوا أنظمة الحكم، وسنّوا القوانين ودوّنوها على مسلات تُنصب في الساحات العمومية في كل مدينة، وظهر فيهم سيدنا نوح وبنى فلكه في مدينة شورباك السومرية في الألف الرابع قبل الميلاد، وولد بينهم سيدنا إبراهيم الخليل، ونشأ في مدينة أور السومرية، ودعا إلى التوحيد ونبذ عبادة الأصنام في الألف الثاني قبل الميلاد، ويعرّف الكتاب بعادات السومريين وتقاليدهم وأساطيرهم وفي مقدمتها أسطورة عشتار، ويتضمن أروع القصائد السومرية التي قيلت فيها وفي مأساة ديموزي التي أخذ عنها أحبار اليهود مزامير داود ونشيد الإنشاد وغيرها، ويحرر المؤلف خلاصة لملحمة كلكامش السومرية الشهيرة بأسلوب نثري يرقى إلى طلاوة الشعر الملحمي.
ويعرض الكتاب لمنجزات الحضارة الاسلامية في العراق حينما حمل العراق شعلة الحضارة الإسلامية خلال قرون توهجها، فيقدم دراسة معمّقة عن المدارس الفكرية، والفِرق الكلامية، والمذاهب الفقهية، والاحزاب السياسية التي ازدهرت في العراق بعد أن اتخذ الإمام علي من الكوفة عاصمة للخلافة، وإذا كانت الكوفة قد أنجبت فيلسوف العرب الكندي، والكيميائي جابر بن حيان، والفقيه أبو حنيفة، والشاعر المتنبي، فإن أول كتب الفقه والحديث قد دوِّنت في البصرة، التي شهدت كذلك تصنيف أول معجم عربي على يد الخليل بن أحمد الفراهيدي، واضع أوزان الشعر العربي.
ويخصص المؤلف فصلاً مطولاً لبناء مدينة بغداد، التي بقيت عاصمة للعالم وأكبر مدينة فيه مدة قرنين من الزمن، حين كان يَرِد على جامعاتها كبار العلماء والباحثين من قرطبة وصقلية ونيسابور وبخارى والسند وغيرها، ينهلون العِلم من مكتباتها ومراكز أبحاثها وصدور رجالاتها، ويفنّد المؤلف أخطاء شائعة عن بغداد وتاريخها بمنهجية علمية تستخدم التفكيك والتركيب في البحث التاريخي.
ويتناول أحد فصول الكتاب العلاقات الثقافية بين المشرق والغرب الإسلامي وتحديداً بين العراق والأندلس عبر انتقال عدد من الفنانين والعلماء من بغداد إلى قرطبة وإشبيلية وغرناطة مثل أبي علي القالي صاحب (الأمالي) وصاعد البغدادي صاحب (الفصوص)، ويعقد مقارنة بين منهجيتي هذين الأديبَيْن.
ويتوقف الكاتب عند صلاح الدين الأيوبي، لا بوصفه قائداً عسكرياً دحر الصليبيين في معركة حطين وحرر القدس، بل بوصفه مفكراً استراتيجياً عمل جاهداً على توحيد البلاد العربية، وتعميم التعليم والثقافة، وتطوير الزراعة والصناعة والتجارة، قبل أن يقدم على محاربة الصليبيين. ويعقد الكاتب مقارنة بين منهجية صلاح الدين الايوبي ومنهجية يوسف بن تاشفين الذي ظهر قبل صلاح الدين بقرن كامل في الغرب الإسلامي، والذي تمكّن هو الآخر من توحيد الأصقاع المغربية، وفرض التعليم الإجباري، وإصلاح الاقتصاد قبل العبور إلى الأندلس لمجاهدة الصليبيين هناك.
ويفرد المؤلّف عدة فصول من الكتاب لتطور الأدب العربي، شعراً وقصة وترجمة، في العراق الحديث، عبر دراسة بعض أعمال عدد من أعلام الأدب العراقي في القرن العشرين مثل: أحمد الصافي النجفي، ومحمد مهدي الجواهري، وعبدالوهاب البياتي، وعبدالحق فاضل، وعبدالرحمن مجيد الربيعي.
يمنح كتاب (العراق في القلب) القارئ متعة وفائدة في آن واحد، لأن منهجية الكاتب تجمع بين أسلوب الكتابة الابداعية وطرائق البحث التاريخي، وصدور الكتاب في هذا الظرف الصعب الذي يواجهه العراق حالياً، إنما هو تذكير بأن رصيد العراق الحضاري كفيل بنهوضه عمّا قريب واتخاذه مكانته المعهودة في قلب مسيرة الحضارة العربية الإسلامية.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved