في مثل هذا اليوم من عام 1898م أمر اللورد كتشنر قائد القوات البريطانية في السودان بقصف مدينة أم درمان أثناء الحملة البريطانية المصرية المشتركة لاستعادة السيطرة على السودان في أعقاب الثورة المهدية التي أنهت الحكم المصري في السودان من الناحية الواقعية. وكان السودان قد خضع للحكم المصري منذ عهد محمد علي ابتداء من عام 1820 من خلال الحملات التي أرسلها الحاكم الألباني إلى السودان لاستكشاف منابع النيل.
استطاع المهديون الذين بدأوا ثورتهم عام 1881 أن يسيطروا على السودان التي كان يحكمها البريطاني جوردون بتفويض من الحكومة المصرية، ثم جاءت أوامر بريطانيا التي كانت تحتل مصر بالانسحاب من السودان بعد مقتل (جوردون) على أيدي المهديين. وعندما توفى (المهدي) في أواخر سنة 1886تعرض السودان لأزمات ومجاعات، ورأت بريطانيا أن مصالحها تقضي بضرورة عودة الجيش المصري للسودان، فشكلت في عام 1898 حملة من عشرة آلاف جندي مصري تحت قيادة الإنجليزي اللورد (كتشنر)، وتحركت الحملة بأوامر من المعتمد السامي البريطاني في القاهرة اللورد (كرومر) وانتصر الجيش المصري على المهديين في عدة معارك منها (فركه) و(كرري).
وفي أول سبتمبر أمر اللورد كتشنر بقصف مدينة أم درمان العاصمة الاقتصادية للسودان وأهم مدنه بالمدفعية حتى انهارت مقاومة المهديين، ودخل (كتشنر) (الخرطوم) ورفع العلمين المصري والبريطاني. وفي 19 يناير 1899 تم توقيع (اتفاقية الحكم الثنائي) للسودان بين (كرومر) ووزير الخارجية المصري في ذلك الوقت (بطرس غالي)، وقضت هذه الاتفاقية بالسيادة المصرية البريطانية المشتركة على السودان. يقول اللورد (كرومر) عن هذه الاتفاقية: (إن اللورد سالسبوري وزير الخارجية البريطاني بعث بمشروع هذه الاتفاقية، وتسلم بطرس غالي نسخة منها للتوقيع عليها)، ويظهر من ذلك أن السيادة المصرية على السودان كانت اسمية فقط، وظلت هذه الاتفاقية تحكم العلاقات البريطانية المصرية بخصوص السودان عشرات السنين.
|