اطلعت على تصريح لمعالي وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور علي النملة في صحيفتنا الجزيرة عن نية الوزارة إغلاق مكاتب مكافحة التسول في مختلف مناطق المملكة.
وأشار في تصريحه أن 80% من المتسولين غير سعوديين، والوزارة غير مسؤولة عنهم لوجود جهات أخرى تتكفل بترحيلهم لبلادهم.
وقال: إن المتسول السعودي تطبق عليه أربع إجراءات رسمية، فإن كان فقيرا يضم للضمان الاجتماعي وإن كان قادرا للعمل يرسل لوزارة العمل لتتكفل بتوفير وظيفة مناسبة له أو منحه قروضا ملائمة لتوفر له الجو الملائم للعمل، وإن كان عاجزا يتم إرساله لدار رعاية المسنين في حالة عدم وجود عائل، وإن وجد يجبر شرعا على رعايته، والحالة الأخيرة يرسلون للجمعيات الخيرية لرعايتهم والتكفل بمصاريفهم واحتياجاتهم.
وإشارة إلى تصريح معاليه أحب أن أعقب بما يلي:
أولاً أنا أتحفظ على كلمة (التسول) فهي تسمية في غير مكانها فقد رجعت إلى لسان العرب فوجدت بأن التسويل هو تحسين الشيء وتزيينه وتحبيبه إلى الإنسان ليفعله أو يقوله وفي القرآن الكريم {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}.
ولم يرد في القرآن الكريم ولا في الحديث الشريف ولا أعرف في لغة العرب أن كلمة (التسول) يراد بها من يسأل الناس، إذا التعبير الصحيح (السائل) بدل (المتسول) ويعبر ب(السائلين) عن المتسولين قال تعالى: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}.
وأحببت أن أنبه على هذه النقطة لأن الناس درج عندهم تسمية السائل بالمتسول..!
ومن عنده علم عن تلك التسمية فليفدنا مشكورا مأجورا.
ثانياً وزارة الشؤون الاجتماعية لها جهود جبارة في الرعاية الاجتماعية، وهي تشرف على الكثير من الجمعيات الخيرية، لذا أرى إنشاء مراكز (لرعاية السائلين) على غرار مراكز (رعاية المسنين)، وهذا المركز يكون مسؤولا عن هؤلاء السائلين ولكي تتلاشى ظاهرة المسألة في المساجد والطرقات والأسواق - فلقد انتشرت في الآونة الأخيرة انتشار النار في الهشيم - ويسأل كل من يمارس المسألة عن جنسه، ويتابع هل هو بحاجة أم لا ويكون له ملف كامل في مركز (رعاية السائلين) لكي يعرف من يستحق ومن لا يستحق، أو يكون هناك لجان في المدن لمتابعة السائلين يتكون أعضاؤها من جمعيات البر ومن دور الضمان ومن دوريات الأمن وغيرها.
إن ظاهرة المسألة بشكلها الحالي غير حضارية البتة، حتى إنك تشاهد السائلين في المساجد، وعند إشارات المرور، وعند مكائن الصرف الآلي، وفي الأسواق حتى في هذا العام شاهدتهم يضايقون المصطافين مع عوائلهم في أماكن الاصطياف بالمملكة، بل إنني قبل أن أكتب هذا التعقيب شاهدت تسعا وعشرين من النساء اللاتي يسألن الناس انتشرن أمام أحد الجوامع الكبيرة بمدينة بريدة عفوا أقول يرتدين العباءات النسائية، لأنني لست متأكدا من أنهن نساء، فالبعض يقول ما المانع أن يكون من بينهم شباب بعباءات نسائية يسألون لأغراض شتى..!!
وبعد الصلاة اتصلت بمكتب مكافحة التسول ببريدة فأفاد بأنه لا يوجد إلا سيارة واحدة، وقد خرجت لجامع آخر..!! وقال اتصل بالشرطة وبلغهم، فاتصلت وبلغت بالأمر.
وقد كنت شاهدت في المسجد نفسه قبل ذلك بعض السائلات، ولكن العدد أقل ست عشرة امرأة.. فمعنى ذلك أن العدد في ازدياد..!
معالي الوزير نحن مقبلون على شهر رمضان، وربما يكون عدد السائلين في ازدياد فنحن نريد حلا بتضافر الجميع لحل هذه الظاهرة.
ونحن نسمع قصصا كثيرة عن بعض السائلين بأنهم اشتروا قصورا، وعندهم سيارات فارهة، وهذه القصص، وإن لم تكن موثقة، فلا يستبعد أن تكون صحيحة.
فمن يهمه جمع المال من أي طريق سواء حلالا أو حراماً.. فالذي يمنعه أن يمارس المسألة فهي أسهل طريق له..!
إذن أرى بأنه حان الوقت لإنشاء مراكز أو دور (لرعاية السائلين) أو (لمتابعة السائلين)، وهذه المراكز تدل الأغنياء والموسرين على من يستحقون الزكاة أو الصدقة.
وأرى أن يخصص رقم مميز من ثلاثة أرقام للإبلاغ عن السائلين في المساجد والطرقات، وفي كل مكان، وأن تكون الأمور واضحة ونعرف من يستحق ومن لا يستحق.
وعسى أن نرى قريبا مراكز (رعاية السائلين) أو ما يقوم بدورها وأن تختفي ظاهرة المسألة من مجتمعنا بإذن الله. والله الموفق.
سليمان بن إبراهيم الفندي
بريدة- فاكس: 3823434 |