الوالدة.. رحمها الله كانت امرأة أمية.. لا تقرأ ولا تكتب.. لكنها كانت كسائر أفراد جيلها قاموس مصطلحات لا ينضب.. عندها لكل موقف تعبير خاص.. عندما تغضب كانت تتلفظ بمفردات غريبة لا أفهمها وان كنت استشعر منها انها غاضبة لأمر ما.. أتذكر مثلاً جملتها المتكررة (لابوك لابو قطوش) ولا أدري من هو قطوش هذا أو ما هي حكايته بالضبط لكني أعرف عندما أسمعها انني ارتكبت خطأ ما هي تعاقبني عليه بهذه المفردات..
مما أذكره أيضاً من كلماتها وعباراتها (وسليمه) بتسكين السين.. التي تقولها عندما يلح أحدنا عليها في المناداة.. إذا يئست من أمر ما أو فقدت اهتمامها به كانت رحمها الله تردد عبارتها.. في ابليس أبو زمه.. ولا تسألوني عن معاني هذه الكلمات لكني سمعتها وورثتها عن الوالدة رحمها الله.. اليوم المفردات تغيرت بتغير الحال.. وألغي تداول بعض الألفاظ أو الكلمات وحل بديلا عنها ألفاظ أخرى تتمشى ربما مع واقع الحال وطبيعة ظروف الوقت الذي نعيشه.. لكنها لم ترتقِ بعد إلى مستوى اللفظ الذي تداوله آباؤنا وأمهاتنا. كنت أتابع برنامجا على إحدى القنوات الفضائية.. وكان موضوع الحوار اللغة والمفردات التي ابتدعها الشباب في إحدى الدول العربية.. ودار النقاش بين الحاضرين والمتصلين من المشاهدين بين معارض ومؤيد ومبرر لهذه الظاهرة على اعتبار ان ما يحدث ما هو إلا وسيلة للتنفيس يمارسها جيل الشباب نتيجة البطالة أو الضياع أو لمجرد تعزيز شعورهم بالتميز عن الجيل السابق وعدم التبعية له. شخصياً لي تحفظ كبير على ابتداع ألفاظ ممجوجة لا تفهم إلا من شريحة معينة من الناس لكني في المقابل أؤمن أن كل جيل يشكل مفرداته تبعا لظروفه وأحداث عصره.. والبقاء للمفردة التي تولد تعبيرا لموقف أو حكمة أو معنى بعيداً عن التهريج وقلة الأدب.
|