هل بمقدور المرء أن يخون ذاته؟!.. نعم، فخيانة الذات ليست بالأمر المستجد على الضمير الإنساني، حيث إنها تخلقت بتخلق الإنسان، وما جريمة قتل قابيل لأخيه هابيل إلا ضرب من ضروب خيانة الذات، حيث إن للأخوة ذاتاً من ذاتها..
* ونعم، فقد يخون المرء ذاته حين يستسلم لظروفه ويفسح الطريق لجحافل اليأس لتدك كيانه وتغتال آماله.. وبما أن المثل يقول: (أكبر القتلة قاتل الأمل).. فمفسح الطريق أمام قاتل أمله ليس إلا خائنا لذاته.
* ونعم، فقد يخون المرء ذاته حينما يعير عقله لغيره، واضعاً إياه تحت تأثيراته فيتلاشى حينها تواجده العقلي في وجوده، ليخون بذلك ذاته.. ولهذا قال الفيلسوف الغربي: (أنا أفكر إذن أنا موجود)، وذلك كناية عن اعتداده بقدراته الذاتية ووفاء لها واشارة منه إلى عظمة الاستقلالية العقلية وأهمية التفكير الذاتي للذات الإنسانية.
* ونعم، فقد يخون المرء ذاته، وذلك حينما يركن إلى أوهامه ويصدق أحلامه.. وتتعين خيانة الذات هنا بحقيقة ان (الآمال المبنية على الأوهام لا تتحقق إلا في الأحلام).
* وأخيراً نعم.. وألف نعم.. فأخطر أنواع خيانة الذات يتجاوز الخيانة الفردية ليشمل خيانة الذات (الوطنية)، حيث إن خيانة الأرض خيانة للعرض، أو كما قال نابوليون بونابرت: (مثل الذي خان وطنه مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه ولا اللصوص تكافئه)..
|