بعد أيام قليلة، يتوقف الزمن عند نقطة تحول كبرى في تاريخ هذا الوطن.. إنها النقطة التي أعلن فيها الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله-، قيام دولة إسلامية تحكم قيادتها بشرع الله، عربية القيم والأخلاق، تنعم بالأمن والاستقرار، وتحتل مكانة لائقة مرموقة بين الأمم، قوامها العلم والخير والصلاح، وأساسها الإنسان السعودي المفعم بالعزة والأنفة والكرامة، الباحث دائما عن ذاته، وكشف مواهبه وقدراته.
في مثل هذا اليوم من كل عام (الثاني والعشرين من سبتمبر) يحل علينا يوم ليست كمثله الأيام.. إنه اليوم الذي تحولنا فيه من الفرقة إلى التوحد، ومن التفكك إلى الترابط والوحدة الأبدية، على نهج خطه لنا الملك عبدالعزيز، وسار فيه أبناؤه الميامين من بعده.
إن اعتزازنا بهذه المناسبة، إنما يعني استذكاراً لذلك التحدي الذي واجهه الملك الباني آنذاك، واستنكاراً لكل محاولة من يد آثمة، تسول لها شياطينها أن تمتد إلى المبادئ والأسس لتنتقص منها، أو تخربها، كما أن هذا الاعتزاز يعني لنا أننا لا نزال بحمد الله واعين لدورنا، حافظين لعهودنا، مؤمنين بقدراتنا على الخروج من كل دائرة سوء تحاك لنا أقوى شكيمة.. واصلب عوداً.
هذا الوطن نتشرف جميعنا بالانتماء إليه، وهذه القيادة نفتخر جميعنا بإنجازاتها وحرصها على حاضرنا ومستقبلنا، فهي التي وحدتنا، وجمعت على الهدى والخير شملنا، ووجهتنا إلى الصبر في الملمات، وإلى الحذر والانتباه للخطوب، ونحن - ولله الحمد - صابرون، نحث الخطى بثقة واطمئنان إلى الأمام، لا تعيقنا المعوقات، ولا تفت في عضدنا المكائد والترَّهات، لأننا محصنون بحب الوطن منتمون للأهل والأمة، متسلحون باليقظة، لا تجرفنا الإغواءات، ولا تتجرأ علينا الانحرافات.. علمنا منتقى، وأخلاقنا تتلمذت على عقيدة السماء السمحة.
هكذا نحن: أبناء بررة للأرض، وأفئدة خالصة للمقدسات، نقف على رمال هذا الوطن بهامات موغلة في الشموخ، لا تنال منها النفوس المريضة، ولا الأيدي المأجورة.
في هذه المناسبة الغالية، يمتزج وفاؤنا لماضينا بحنيننا إلى تاريخنا التليد، ليمتزج الكل في إشراقة غد آتٍ، تتدافع إليه خلجات القلوب، وترتسم على إطلالته ملامح مستقبل أكثر مجدا، وأعمق إيماناً بقيمنا وتطلعاتنا.
إن ابتهاجنا بعيدنا الوطني، إنما هو ابتهاج بكل معاني الإنجاز، وبجميع مفردات الوحدة.. فجميعنا مطالبون في هذه المناسبة السعيدة أن نكتب الوطن على صفحات قلوبنا، وأن نرسم خريطته على مسارات شرايينا. وإننا ندرك أن الأعباء ثقيلة، وأن الطريق طويل، لكننا نثق بأن العزم ماضٍ، وبأن العزيمة حادة، وبأننا بهذه القيادة الفذة الحكيمة قادرون على تخطي كل الصعاب بعون الله، وواصلون بحوله تعالى إلى أهدافنا، لنحققها هدفاً هدفاً، ونهديها جميعاً لعيون هذا الوطن المعطاء، وأهله الغيارى الأصيلين.
|