* جدة - عبدالرحمن إدريس:
بلغت نسبة الحجوزات في الصالات المخصصة بالفنادق وقصور الأفراح بجدة 100% حتى نهاية فصل الصيف وبشكل محدد في ليالي نهاية كل أسبوع (أربعاء، خميس، جمعة).
وكان توقيع العقود منذ حوالي شهرين وبمبالغ موسمية مرتفعة إلى الضعف، وجاء تصنيف التكلفة في قصور الدرجة الممتازة متجاوزاً نصف مليون ريال في الليلة الواحدة في حدود لا تتجاوز مائة مدعو أو مدعوّة.
وكانت أعلى صفقات الصيف بالفنادق والصالات قد بلغت مليون ريال وتزيد المبالغ في عدد آخر على ذلك مرتبطة بتجهيزات اضافية ونوعية المأكولات والهدايا الفاخرة التي تقوم هذه الصالات بتأمينها للتوزيع في الحفل.
وفيما يصل عدد قصور الافراح بجدة الى السبعين متفاوتة الدرجات والمستوى والشهرة والإقبال مع الحرص على اقامة مناسبات الافراح بها، فإن هناك منافسة اكبر من الفنادق المتوسطة (ثلاثة واربعة نجوم) والتي اكتسبت صيتاً قوياً في أوساط المجتمع لما تتمتع به من خدمة جيدة في هكذا احتفالات وأدى الحرص عليها إلى مساواتها مع الممتازة وفئة الخمسة نجوم حيث يؤكد المسؤولون بها على أن التميُّز في هذه الصالات للافراح يندرج في قائمة الممتاز فكانت الاسعار مرتبطة بهذا المقياس في حدود (60 - 80 - 100) الف ريال وبحسب العدد.
والاختلاف بين الفنادق وقصور الافراح هو اضافة مقابل (السيرفس) والخدمات الاخرى بنسبة 15% على الاقل.
التضحية بالأطفال
(الجزيرة) في هذ الاستطلاع تناقش موضوع ايجارات قصور الافراح المرتفعة في ابعادها الاجتماعية والاستثمار في هذا المجال بين المعقول وتوقعات الانخفاض والبدائل وما يخص المظاهر والدوافع التي تزيد من أعباء ميزانية الزواج.
(ممنوع اصطحاب الأطفال) تستمر هذه التحذيرات في مناسبات الفرح ويجد الكثيرون الاسباب لإعادة النظر في جوانبها السلبية حيث الإجازة والاطفال مع الخادمات وانشغال الآباء.. ثم غياب الامهات.
وبعض مقترحات الحلول جاءت إلى استثمار مقترح في قصور الافراح يتيح الامكنة للصغار في حدائق والعاب وباشراف خاص مؤهل فيكون متنزهاً من فئة ملاهي الاطفال برسوم أو مجاناً.
ويعتقد اصحاب هذه الفكرة بانها تقرِّب وتعود بنا إلى طبيعتنا السابقة في مناسبات الافراح باعتبارها مشاركة عامة ولا يجب بالتالي الانجراف وهذا التصميم والاصرار على تقليد مجتمعات اخرى خاصة وما يعنيه ذلك من سلبيات كثيرة لغياب الوالدين عن الاطفال في ليالٍ متعددة تلبية لهذه الدعوات المفروضة بضغط المجاملة والعرف الاجتماعي وان كانت على حساب ذلك (الاهمال) ومردوده النفسي السيئ على الصغار.
وبحثاً عن التكاليف الارخص انتعشت الاستراحات الخاصة في جدة في حجوزات هذا الصيف ولكنها لم تسلم من المبالغة في استغلال الاقبال الموسمي بزيادة الايجارات.. وهذا الاستغلال بمعنى (الاستفادة) مادياً من الموسم بقدر الامكان اخذ اتجاهات اخرى غيرها في الايجارات وهو جانب جدير بالاهتمام حيث يرتبط باشتراطات السلامة ونسبة من قصور الافراح غير ملتزمة بها وهناك من يضيف بناءات بدون تصريح للاستفادة من المساحة الموجودة.
لجنة متابعة لتوفير السلامة
أمانة جدة ومن خلال الإدارة العامة للسلامة والخدمات بمشاركة الدفاع المدني وشركة الكهرباء قامت بجولة شملت جميع قصور الافراح بجدة والاستراحات المماثلة بها للتأكد من تكامل استعداداتها في مجال اشتراطات السلامة وتوصل فريق العمل بعد المرور على حوالي (70) قصراً للافراح الى اكتشاف (26) مخالفة في (18) منها في انحاء مدينة جدة، واتخذت حيالها الاجراءات الفورية لإزالة البناءات غير المرخصة.
وتستمر اللجنة في المتابعة المستمرة.. بجهود مكثفة في متابعة الالتزام بشروط السلامة وسبل الحماية من توفير مخارج لابواب الطوارىء الاحتياطية بحيث تعمل تلقائياً (اوتوماتيكيا) عند اللزوم مع توفير طفايات الحريق والتأكد من صلاحيتها الفعلية في اي طارىء إلى جانب توفر النظافة بالمستوى الجيد.
وتوضح هذه المتابعة الى جانب الحرص على السلامة في قصور الافراح بشكل مطمئن خاصة وانها في الاجراءات المشتركة بين جهات الاختصاص سبقت الموسم بوقت مناسب.
كما تحرص البلدية على منع اصحاب قصور الافراح والاستراحات من الذبح داخل مطابخ قصور الافراح والحرص في ذلك على ان يكون في مسالخ البلدية التي تعمل ليل نهار ووضعت غرامات تصل إلى خمسة آلاف ريال في الحد الأدنى للمخالفين مع اغلاق المطبخ وعدم مزاولة خدماته ويأتي ذلك حرصاً على السلامة الصحية بشكل عام وبشكل يوفر الضمانات لذلك بإذن الله.
الفرح للمعازيم
معنى الفرح في هذه المناسبات وكان يؤخذ من قاموس اللغة سعادة وبهجة لا تقتصر على اثنين تجمعهما ليلة العمر (العريس والعروس) اختلف في هذا الزمن كما يقول (عبدالله نواف زاهر) الذي يستعد لزف ابنته الى عريسها فهو ينظر إليها مناسبة كالولائم ترحيباً بالضيوف واكراماً لهم ولكن لا يمنع هذا من وجود بعض التمسك بتقاليد زمان المتوارثة بحسب العائلات وحرصهم على شيء من التمسك بها لاضفاء روتين خاص على حفلهم بمظاهر مميزة.
ويقول إن ذلك كله لا يعني أكثر من الفرح بالمظاهر لان طبيعة الانسان في احساسه بالفرح اختلفت كثيرا في هذا العصر ولا يمكن انكار ذلك ومن الامثلة كما ترون ان الدعوات تطبع في كروت ولا تنسى التأكيد بعدم اصطحاب الاطفال.. وهنا اتساءل وإن كنت مثل البقية: هل يقتصر الفرح على النساء فقط.. والمعازيم من الرجال وهؤلاء يقدمون التهنئة ويتناولون العشاء ثم يغادرون في سلامة الله!!
ويجيب عن تطلعه وتوقعاته لسلوك اجتماعي بمبادرة الغاء منع الاطفال من الحضور فيقول: من جانبي لن أخاطر بذلك فالمناسبة للنساء تجمع للوناسة وتوسعة الصدر بدون ازعاج وشقاوة الاطفال والجري وراءهم فهو امر محرج لهن ناهيك عن لقاء يجمع الصديقات وسط عروض الازياء المنشأة التي تحتاج اكثر من التصنع في الاتيكيت وما إليه.. وما يتاح في اللّمة النسائية المزركشة من استعراضات وحرص على المظاهر والاستماع الى ايقاعات الدفوف (المطربة) والى آخر ما هو من الظواهر الجديدة التي أصبحت مألوفة في هذه المناسبات.
المرأة وراء المظاهر
(عامر سالم الأحمد) يؤيد بأنها افراح مظهرية خرجت من المألوف كما توارثناه وبقي في الذاكرة مرتبطا بالزمن الجميل والقديم ويرى بأن التنافس الآن يقتصر على اسم قصر الافراح والتفاخر بالشكليات وهذا ما جعلني اعيد النظر في حسابات التكلفة الاجمالية لزواج اثنين من ابنائي وتم الاتفاق على اقامة المناسبة في استراحة باتفاق مشترك طبعا من جميع الاطراف ليتوفر لنا نصف مليون كانت مقدار تكلفة قصر الافراح وما يحتاجه ذلك من مصاريف متوقعة.. هذا المبلغ سوف يعني شراء شقتي تمليك توفر عليهما الايجار وهو عبء لا يستهان به وسعادتهما في بداية الحياة الزوجية تكمن بإذن الله في الاستقرار بهذه الطريقة مقارنة بأن يقال كانت ليلة العرس في القصر أو الفندق الفلاني.
واعتقد ان هذا التفكير يناسب البعض وان كانت الاغلبية مازالت تجري وراء المظاهر وكأنها واجب مفروض.
ويضيف بأن المشكلة مع هؤلاء لو كانت عن سعة إذاً فالأمر يسير ولكن البعض يقترضون من اجل هذه المظاهر ثم يترتب على ذلك الكثير من المشكلات وضحيتها حياة الذين يبدؤون مشوارهم بالديون وهنا فلاشك مطلقا في أن تأثير المرأة هو الاقوى وسيطرتها على الموقف تغلب المنطق وتتغافل عنه حتى لا يقال إن ابنها وابنتها لم يعمل لها فرحاً مثل فلانة وعلانة ثم تتأثر العواطف المحيطة ويتحقق لها ما تريد بفرح ليلة!!
مجاراة الآخرين
* حالة (أم ابراهيم) التي تنتظر موعد حفل زفاف ابنتيها مختلفة وهي توضح ان استئجار احد قصور الافراح كلفها (40) الف ريال وتقول إنها كانت مضطرة لذلك لان موعد الاجازة يناسب حضور الاقارب من المناطق الاخرى ولكن المشكلة مطالبة إدارة قصر الافراح بعشرة الاف اخرى وفوراً حتى لا يلغى الحجز والسبب في تبريرهم هو البلدية حيث وضعت لهم شروطاً الزامية للسلامة والاصلاحات وعدم الذبح في مطبخ القصر وافادتهم برفع السعر على جميع المتعاقدين مسبقاً.
تقول أم إبراهيم انها اضطرت لاستئجار فساتين الحفل لابنتيها بدلاً من الشراء واكتفت بطقاقة بدلاً من مطربة افراح مشهورة.
الحديث معها يوضح نقطة هامة في الموضوع وهي تأكيد في الحرص على الشكليات، لليلة الواحدة، حتى تتحاشى القيل والقال والانتقادات على الرغم من كونها ذات دخل محدود فهي تتقاضى راتباً عن وظيفتها الحكومية كمستخدمة وأن ابنتيها جامعيتان، والأهم من ذلك ان الاقارب القادمين لتلبية الدعوة من القرى البعيدة لم ولن يتكلفوا شيئاً ولم تكن المبادرة في المشاركة والمساهمة بالتكاليف حتى بالشيء اليسير وتقول ام ابراهيم انها ترفض ذلك ولا تقبله.. وهي واحدة من مفاهيم الفرح الذي اختلف تماماً عن أيام زمان.
توعية خاصة بالأفراح
اخصائية اجتماعية شاركت برأيها في الموضوع فقالت ان حالة (ام ابراهيم) قريبة ومتطابقة مع حالات مشابهة كثيرة وبوجود سيطرة العرف الاجتماعي المتغير لابد من القول انها طبيعية فمن جهة الأم هي فرحة بناتها وفرحتها أيضاً ولا تريد أن تظهر بموقف ضعف وعدم قدرتها على القيام باعباء مناسبة تمثل كل شيء بالنسبة لها وللفرح الحقيقي للبنات في هذا الموقف خاصة عندما ننظر الى وجود ما اسميه عقدة نفسية سائدة للاسف الشديد وهي المبالغة في الظهور بوجود الامكانيات أو الاكتفاء والحال الحقيقي عكس ذلك..
واذا اشرت اليها فهناك نسبة كبيرة من العائلات تتحمل مصاريف فوق طاقتها من اجل حفلات الزفاف سواء استئجار قصر افراح درجة اولى او صالة بفندق فقط لاشباع الرغبة في التفاخر وهي ظاهرة مجتمعية على كل حال موجودة وننظر إلى أن نتائجها تدعو الى القلق وذلك لأن تكاليف الظهور بهذا المستوى الرفيع ستكون باهظة وفي مقدمتها اعباء الاقتراض من البنوك ومن ثم اقتطاع جزء من الدخل فيؤثر ذلك على المعيشة للأسرة لسنوات كما أنها حالة انتشاء مؤقتة وان كانت ليلة لا تنسى من الذاكرة حيث يحاول طرفا الشراكة (أهل العروس - أهل العريس) في الظهور بالثراء كمثال من خلال ما اسميه الليلة وشكلياتها المزيفة وتمر الايام لتكشف الحقيقة عن نفسها وهو ما لابد ان يحدث.
هذا التأثر الذي يطغى على تصرفات من هذا النوع بحاجة الى مشاركة توعوية تستطيع الوصول إلى ما يعنيه الفرح الحقيقي وما يحتاجه من عدم المبالغة ولكنه يحتاج الى وقت وجهود منها الجانب الاعلامي والمؤسسات التربوية واطراف كثيرة تتحمل المسؤولية في ذلك.
أسعار الطقاقات
ويتحرك الانفاق البذخي في كل الاتجاهات حيث المبالغة في اعداد الذبائح في الاستراحات التي يتوه عنها نسبة من المعازيم.. وجانب يتعلق بالمرأة هو الذي يأخذ طابعا مختلفا فكل مدعوّة تحرص ومع كل ليلة فرح (عرس) على فستان جديد ونوعية ازياء هذه المناسبات مختلفة في الاسعار وتبدأ من الف ريال في الحد الادنى وقد لا تساوي التكلفة بمكسب وهامش ربح مضاعف الا ان الموسم وزيادة الاقبال يفرضان الاسعار الخاصة غير القابلة للمفاصلة.
نظرة الى هذا الجانب تعني مئات الآلاف تمثلها المشتريات الى جانب ادوات الزينة والاكسسوارات والذهب والمجوهرات والعطور والانتعاش الكبير في اسواق المشاغل النسائية والكوافيرات.
كما بلغت الاسعار لفساتين العرس ما بين خمسة آلاف وأربعين الف ريال.. أما الطقاقات وفرق احياء الحفلات النسائية في هذا الموسم فتقتسم الكعكة الى جانب ما يدخل في قائمة هذه المصاريف.. طقاقة بمسمى مغنية أو مطربة مع الفرقة والحجز مسبقاً والاجرة متفاوتة بين العشرة آلاف بالمعرفة وتقدير الظروف وأربعين ألفاً.. ويرجع ذلك الى قلة العدد كما يُقال وكثرة المناسبات.. وتقوّل الكثيرات بأن هذه الاسعار تقبل بها نوال الكويتية او اللبنانية وهي نفس الاسعار لنانسي عجرم واشهر المطربات ولكن للظروف أحكاماً!!
من الذي يفرح في النهاية؟!
أخيراً.. يطرح هذا التساؤل نفسه على واقع مناسبات الفرح ومواسمها ومجاراة الموضة النسائية في الازياء بالتنافس في ارتداء احدث ما نزل في الاسواق واغلاه وبعد ليلة المشاركة وحضور مناسبة فرح.. فاين تذهب هذه الملابس الفاخرة التي تكلَّفت آلاف الريالات؟!
الاجابة معروفة والممكن لشيء من المعقول متاح قبل الاقدام على المبالغة في الشكليات وانفاق آلاف الريالات اهداراً واسرافاً.. وايضا قد يُقال بأنها لو كانت مناسبة واحدة لهان الأمر.. ولكنها ظاهرة تتكرر وغالباً ما تفوق إمكانية المدعوات فتتجاوز الايراد والمعاش مع الاضطرار للوقوع في الديون.. هذه الظاهرة تستحق المواجهة خاصة بعد ان انتشرت واصبحت مثل اشياء كثيرة وسلوكيات شبه مألوفة فكأنها من الضروريات.
|