شهداء انتفاضة الأسرى

أولهم أمٌّ في الخامسة والخمسين، هي عائشة الزبن، أم عمار، ترجمت تأييدها للأسرى بشكل عملي عندما أعلنت إضراباً عن الطعام لتنضم إلى أكثر من ثلاثة آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، بينهم ابنها عمار، يخوضون إضراباً عن الطعام منذ حوالي الأسبوعين. الإضراب اكتسب زخماً إعلامياً وسياسياً واسع المدى في الداخل والخارج، فهو يحمل أسلوباً نضالياً جديداً، رغم أنه استخدم من قبل، لكن ليس بهذه الكيفية وهذا الأسلوب، فنحن نتحدث الآن عن عدة آلاف، وعن دعم كبير لهذا الأسلوب النضالي، وعن خيم تنصب في مختلف البلدات والمدن والقرى الفلسطينية دعماً للمضربين الذين ترفض إسرائيل الاعتراف بأنهم أسرى ينبغي معاملتهم وفقاً للاتفاقيات الدولية بهذا الصدد.. وسيتعين على إسرائيل مواجهة هذا الأسلوب النضالي، ففي كل مرة يتعين عليها التعامل مع طريقة متميزة في النضال الفلسطيني، وجعبة النضال الفلسطيني حبلى بالكثير، فهناك حقوق ينبغي استعادتها، وإلى أن يتم ذلك فإن النضال الفلسطيني لا يفتأ يدفع أمام الاحتلال المزيد من التحديات.. المشكلة أن إسرائيل لا تتعلم، بل هي مأخوذة بقوتها العسكرية ومغرورة بتفوقها في هذا المجال، وهي تراهن على إخضاع الشعب الفلسطيني، لكنها لم تكسب هذا الرهان طوال أكثر من خمسة عقود هي عمر هذه القضية، ومع ذلك فهي تواصل خداع النفس.. صحيح أن إسرائيل تقتل الفلسطينيين كل يوم، لكنها وهي تفعل ذلك تحافظ دون أن تدري على روح النضال حية على الدوام، فهذه الروح ترتوي من هذا الدفق اليومي من الدماء.. والآن فإن انتفاضة الأسرى تُحدث فعلها على المحيط الدولي، وتلقى قبولاً لدى منظمات المجمتع المدني في أنحاء العالم، فهناك نزوع شعبي دولي على تأييد النضال السلمي، وهذا الإضراب يأخذ هذا المنحى.. الأمل أن يتم ترجمة هذا التأييد إلى أفعال سياسية قابلة للتطبيق على الأرض، فالتواصل بين شعوب المجتمع الدولي بات الآن أمراً ميسوراً، وبطريقة فاعلة يمكن أن تحدث الأثر المطلوب، فالشعوب مطالبة بتنبيه حكوماتها إلى الانحياز إلى الحق ورفض العدوان، وهو في هذه الحالة العدوان الإسرائيلي.