كنت إلى وقت قريب اظن ان الشعارات مهن يزايد فيها او عليها العرب وحدهم، وان شيئاً يتصل بشعوبهم ويثار دولياً، إنما هو اشارة الى سوء ايقاع الاداء للأجهزة من النافع والمنتفع. لكن الواضح ان هذه المهنة يجيدها آخرون، خصوصاً اولئك الذين يتحدثون عن حقوق الانسان ويتاجرون بها.
الذي يستوقفنا الآن هو اضراب آلاف من الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال، نتيجة سوء المعاملة التي لا ترتقي الى الآدمية في ادنى حدودها، ونجد ان العالم يسد أذنية عن سماع تلك الاخبار، في الوقت الذي تنشط فيه منظمات حقوق الانسان الدولية في مرافعاتها ضد معاملة المساجين العرب وشعوب العالم الثالث على السواء في دولهم بحجة ان ذلك يتطلب التدقيق والتحقيق.
إذن, ماهو المطلوب ممن يستمع الى مثل هذه المتناقضات؟ واين مثل هذه الأسس الدولية التي نذرت نفسها للانسان لا سواه عن اسباب مثل هذا الاضراب الجماعي لعدد هائل من البشر؟ ربما كانت العدالة الانسانية الدولية (تجغرف) نفسها هي الاخرى، وسط ازدواجية تسمح بأن تكون هناك مناطق ودول فوق القانون والأعراف ومنها اسرائيل، لذا يبدو الكلام عن مثل هذه التساؤلات مجرد تندّر واجحاف بحق القضايا الأهم، عوضاً عن ان هناك قضايا اخرى لا زالت تحت غطاء ممنوع الاقتراب، منها ترسانة السلاح النووي الذي تمتلك منه اسرائيل مخزوناً يهدد الأمن والاستقرار في العالم اجمع.
لقد استقرت امور كثيرة في مكان الحقيقة، منها على سبيل المثال اتهام العراق بامتلاك الاسلحة النووية، في حين كان ثمن العدالة الدولية، اجتياحه بالكامل وتركه نهبة لقطّاع الطرق والجماعات الانتحارية التي تقتطف الحياة على اعناق الكادحين والمرهقين بحثاً عن الرزق، وليت الأمر توقف هناك بتصحيح الغلطة التي كلّفت المنطقة بأسرها اعادة الحسابات وإدخالها في خنادق مظلمة من التكهّن والغموض تجاه مصيرها، بل على العكس فإن الامور في ايدي القبضة الأقوى، تمارس التعنّت والإشراف الفوقي وتتفرغ تماماً للاتهامات التي يبدو انها تخضع للظن رغم انه إثم وجور!!
لكن ما تبقى لنا من التفاتة، فهي سؤال بحق الوجع: من يسمع صوت المضربين والمحتجّين على سوء المعاملة في السجون الاسرائيلية، اذا كان ضمير العالم لا يزال نائماً في حضن اسرائيل، فمَن يا ترى يوقظه، او مَن يجرؤ على ذلك؟
|